السياسة الأمريكية وحماية قطر

السياسة الأمريكية وحماية قطر

المغرب اليوم -

السياسة الأمريكية وحماية قطر

عماد الدين أديب
بقلم : عماد الدين أديب

يخطئ من يعتقد أن تشكيل وصناعة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط تديره وتهيمن عليه جهة واحدة، ذات رؤية متناسقة متجانسة.

حقيقة الأمر، أن قرار السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط هو رؤى مختلفة من جهات وإدارات وقوى قد تكون متصادمة الرغبات والمصالح.

فى البيت الأبيض، هناك الرئيس، وفريق مساعديه، ومستشار الأمن القومى.

وفى الخارجية هناك الوزير، والوكلاء، ورؤساء (الديسك) أى مسئولى ملف كل منطقة وكل دولة، وهناك بالطبع رأى السفير الأمريكى فى كل بلد.

وفى البنتاجون، أى وزارة الدفاع، هناك الوزير ومساعدوه وهيئة الأركان، ومسئولو التسليح ويؤثر فيهم بشكل مباشر ولكن غير رسمى شركات صناعات السلاح التى تُعرف بـ«المجمع الصناعى العسكرى».

أما جهاز الاستخبارات الأمريكية الـ «سى. آى. إيه» فقد تعرض لهزة كبرى بالنسبة لسياساته بالشرق الأوسط بعد استقالة جورج تينيت، أحد أهم من تولوا إدارة هذا الجهاز، وأحد أكثر الخبراء المتعمقين فى شئون الشرق الأوسط.

عقب استقالة «تينيت» تم خروج مجموعة خبراء الشرق الأوسط الذين كانوا بالفعل من أعمق الفاهمين لثلاثة ملفات رئيسية:

1- الصراع العربى الإسرائيلى.

2- إيران منذ عام 1979.

3- الصراع السنى - الشيعى فى المنطقة وتيارات الإسلام السياسى.

وبقى دائماً الكونجرس الأمريكى مسرحاً تمارس فيه المنظمات اليهودية الأمريكية أعلى درجات التأثير والسيطرة بحيث لم يشرع مجلسا الشيوخ والنواب أى قرار يخالف المصالح الإسرائيلية حتى لو تعارض مع المصلحة الأمريكية!

وسط كل هذه الأيدى المتعددة التى تتداخل فى «عجن وخبز» كعكة سياسة الشرق الأوسط يمكن لفرد أو مجموعة أن تختطف بعض القرارات وتؤثر بعيداً عن المصالح الحقيقية للولايات المتحدة.

وكان عهد وزير الخارجية السابق تيللرسون نموذجاً سيئاً للغاية لمحاولات اختطاف السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة لمصالح شخصية وارتباطات مصالح للرجل الذى يأتى من خلفية «بيزنس النفط والغاز» لكونه شغل أهم منصب قيادى فى شركة إكسون موبيل الشهيرة.

ارتبط تيللرسون وهو فى إكسون موبيل بشبكة مصالح مع دولة قطر التى تمتلك واحداً من أكبر احتياطيات الغاز فى العالم وأحد أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).

شبكة هذه المصالح تداخلت وربطته شخصياً ومالياً بصُنّاع القرار فى قطر (الأمير الوالد، الأمير الحالى، وزير الخارجية الأسبق، وزير الدفاع الحالى).

ظهرت هذه العلاقات فى طبيعة جولات تيللرسون الحميمة عقب قرار مقاطعة قطر لدول المنطقة والدوحة.

حرص تيللرسون، كما هو واضح مما تسرب من محاضر لقاءاته فى تلك الفترة، على الآتى:

1- حرص الرجل شخصياً على إنهاء الأزمة فى أسرع وقت.

2- محاولة تغيير الموقف الأولى الذى صدر عن الرئيس دونالد ترامب عقب المؤتمر الإسلامى فى الرياض والذى قال فيه «إن قطر لديها ارتباطات مع قوى الإرهاب فى المنطقة».

3- محاولة إنقاذ قطر من الشروط الـ13 التى تقدمت بها مصر والسعودية والإمارات والبحرين كى تكون مرجعاً وقاعدة ملزمة لإحداث تغيير حقيقى فى الموقف القطرى.

وتبلور هذا الجهد الإنقاذى فى مذكرة التفاهم التى وُقعت فى الدوحة بين وزير خارجية قطر وتيللرسون تم فيها وضع نصوص فضفاضة وملتوية تبدو وكأنها التزام قطرى بمكافحة الإرهاب.

وقال تيللرسون بعدها بحرارة إن قطر هى أول من وقّع على هذه الالتزامات!

ولم يكن غريباً أن يغضب الرئيس دونالد ترامب من سياسات تيللرسون الانفرادية خاصة أن شخصية ترامب تفرض أن يكون فريقه الحكومى منفذاً لسياساته وليس صانعاً لها.

ولم يكن غريباً أيضاً أن يعرف تيللرسون أنه فقد منصبه وتمت إقالته إلا عبر تغريدة لترامب على موقعه الخاص على «تويتر».

هذه الخلفية كان لا بد منها كى نعرض خبراً أذاعته قناة «آر.تى» الروسية الشهيرة المعروفة بمصادرها القوية والمطلعة، منذ 6 أيام، قالت فيه: «إن تيللرسون قام أثناء توليه حقيبة الخارجية الأمريكية بالتدخل والضغط لمنع كل من السعودية والإمارات من القيام بعمل عسكرى ضد قطر بهدف تغيير النظام».

ونسبت «آر.تى» التقرير إلى عدة مصادر أمنية أمريكية لم تسمّها.

وجاء فى التقرير أن أحد أهم أسباب إقالة تيللرسون هو خلافة مع ثلاث عواصم على وجه التحديد، هى: موسكو وأبوظبى والرياض، الذين عملوا ثلاثتهم على رحيل هذا الرجل الذى خدم مصالحه وارتباطاته أكثر من مصالح بلاده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة الأمريكية وحماية قطر السياسة الأمريكية وحماية قطر



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib