بدلا من استيراد العطور والأجبان

بدلا من استيراد العطور والأجبان!

المغرب اليوم -

بدلا من استيراد العطور والأجبان

عماد الدين أديب

يخضع الآن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لمرحلة تحقيق بصيغة «شاهد مساعد»، وهي نوع من التوصيف القانوني التي «تجعله أكثر من شاهد وأقل من متهم». والموضوع المتهم فيه ساركوزي هو أنه تلقى مساعدة مالية من واحدة من أكبر أثرياء باريس، في مرحلة كانت فيها تلك السيدة في حالة صحية ونفسية تعاني فيها «خرف تقدم السن»، مما يجعلها، وفق القانون الفرنسي، ليست مؤهلة لاتخاذ القرار، وبالتالي فهي مكرهة في ما فعلته. هذا التحقيق يعكس نوعا من إرساء مبدأ سياسي وقانوني، وهو مبدأ «لا أحد فوق المساءلة القانونية» مهما كان منصبه التنفيذي. ويذكر أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك تعرض لتحقيق أكثر شدة لاتهامه بالفساد حينما كان يشغل منصب عمدة مدينة باريس، حيث تم منح مناصب لشخصيات لا تستحق مناصبها في إدارة عمودية باريس. شعور المسؤول والحاكم بأنه يخضع لحكم دولة القانون وأنه أو غيره قابلون للمساءلة القانونية مهما طال الزمن أو قصر - يجعله شديد الحرص على الالتزام بحرفية القانون نصا وروحا. السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، لذلك ينبغي أن يعلم كل صاحب سلطة بأنه تحت المجهر وأنه غير محصن ضد المساءلة والرقابة الشعبية والمحاسبة السياسية والقانونية. لا يمكن لمسؤول في الحكم أن يبيع ويشتري كما يريد، ولا يمكن له أن يتلقى أموالا أو تبرعات دون قواعد منظمة، ولا يمكن له أن يوزع مناصب على أي إنسان دون أي مسوِّغ قانوني أو تبرير مهني لأسباب اختياره. الدروس المستفادة من نظم الديمقراطيات الغربية في أصول الحكم، هي أن الحاكم ليس مطلق الصلاحيات، بل يقيده القانون. أسوأ ما في استخدام سلطة القانون هو خضوعه لهوى التسييس والمصالح الشخصية. من أجل ذلك، حرص المشرِّع في الدول الديمقراطية على أن يضع من القواعد المنظمة ما يضمن ألا يستخدم القانون لأهواء شخصية، وأن يضمن القضاء عدم حدوث اختراقات من أفراد أو أحزاب لتصفية حسابات قديمة أو ثأر شخصي. «التوازن بين السلطات» هي العبارة السحرية التي تجعل الإنسان في دول الديمقراطيات الصناعية الغربية موضع احترام وحماية. إن الدفاع عن مبدأ «الدولة القانونية»، القائمة على دستور واقعي، ليس رفاهية فكرية أو سفسطة نخبة سياسية، لكنها ضرورة حياة أو موت لبناء الدولة العصرية. لا تستوردوا من فرنسا العطور والأجبان والسيارات فحسب، ولكن أيضا انظروا إلى الحريات ودولة القانون! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بدلا من استيراد العطور والأجبان بدلا من استيراد العطور والأجبان



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib