«تحالف» على عجل وحـلفــاء لا يـعـلـمـون

«تحالف» على عجل وحـلفــاء لا يـعـلـمـون

المغرب اليوم -

«تحالف» على عجل وحـلفــاء لا يـعـلـمـون

عريب الرنتاوي

لم يحدث من قبل، أن تحالفاً عسكريا دولياً أو إقليمياً، نشاء في لمح البصر (أقل من 72 ساعة)، وبواسطة اتصالات هاتفية لا أكثر، ومن دون أن ينبثق عن مؤتمرات أو اجتماعات تحضيرية موسعة ومتواصلة ... كما لم يحصل من قبل، أن يعلن عن تشكيل تحالف عسكري واسع، ليجري بعد ذلك البحث في أهدافه وخلفياته وأدواته، وفي الحدود التي ستمتد إليها نطاقات عمله، ومن هم أعداؤه ومن هم أصدقاؤه ... ولم يحدث من قبل، أن يجري التحدث عن تحالف عسكري، فيما المطلوب من معظم الدول، الإسهام ثقافياً وإيديولوجياً وأمنياً في دعم هذا التحالف، مع أنها دول اعضاء، والواجب يقتضي أن يكون إسهامها عسكرياً بالأساس ... لكن هذا بالضبط، هو ما يميز الاعلان عن التحالف العسكري الإسلامي الجديد ضد الإرهاب، والظروف التي أحاطت به ولابسته. 
ومن المفارقات المثيرة للاهتمام، والباعثة على التساؤل عن أهداف و»أسرار» هذا الإعلان المُتعجل عن التحالف، ما ورد على لسان وزراء ومسؤولين وناطقين باسم عدد من الدول المدرجة على لائحته، بوصفها دولاً أعضاء، أو دول مؤسسة لهذا التحالف، وإليكم عينة من المواقف وردود الأفعال، التي تشرح من دون تعليق، ما نريد قوله في هذا المضمار:تركيا، الحليفة لقيادة هذا التحالف، والأقرب إليها، يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها طانجو بيلغيج: «التحالف الإسلامي المزمع تشكيله... ليس عسكرياً، وأهميته تكمن في التنسيق العسكري والاستخباراتي والايديولوجي بين الدول المشاركة فيه» ..وهو إذ أكد «دعم تركيا لكافة الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب»، فقد شدد على»أن لا خطط لدى أنقرة لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف» موضحاً أن «لمسؤولين السعوديين سيعرضون تفاصيل التحالف أكثر خلال الفترة القادمة»... أي تحالف عسكري هذا من دون قوة عسكرية؟! 
 أندونيسيا، الدولة الإسلامية الأكبر في العالم، يقول وزير دفاعها لاهوت باندجايتان: «لا نريد أن ننضم إلى تحالف عسكري»،فيما وزيرة خارجيتها ريتنو مرصودي تكشف أن نظيرها السعودي عادل الجبير تحدث معها في عدة مناسبات حول تلك المبادرة «لكن الرياض لم توضح بعد كيف ستمضي في هذا العمل» وتتساءل ريتنو: «إنهم يقولون إننا ندعم هذا. أي دعم؟»، أما البرلماني الإندونيسي الرفيع وفقاً لـ»رويترز»، فقد قال أنه سمع بالأمر من مراسل «رويترز» فقط. 
الباكستان، العضو المحوري في العالم الإسلامي، والحليف الأقرب والأوثق لقيادة التحالف، يقول وزير خارجيتها عزيز تشادوري، «إن إسلام آباد ترحب بإعلان السعودية، لكنها تنتظر المزيد من التفاصيل حول التحالف المذكور،  لتحديد مدى مشاركتها فيه  معرباً عن دهشته من الأخبار عن انضمام بلاده إلى الدول المشاركة في التحالف، مشيراً إلى أن الخارجية الباكستانية طلبت من سفيرها في الرياض لقاء المسؤولين السعودين، والحصول منهم على إيضاحات حول الموضوع.... أما عضو لجنة الدفاع التابعة لمجلس الشيوخ الباكستاني، سهار كمران، فيقول إن مسألة الانضمام إلى التحالف لم تناقش بعد في مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية.... للمرة الثانية، تخذل الباكستان حلفاءها، وتنتصر لدستورها وبرلمانها... المرة الأولى كانت عند رفضها المشاركة في تحالف آخر، ولكن ضد اليمن؟! 
ماليزيا، النموذج الآخر للدولة المسلمة الحديثة، فتعبر عن الترحيب بتشكيل التحالف الإسلامي العسكري لكن وزير دفاعها هشام الدين حسين يؤكد أن بلاده لن تشارك في التحالف عسكريًا، وإن تضامنت معه ضد التطرف.
 لبنان، الذي بدا للوهلة الأولى، أنه قرر الخروج رسمياً عن «سياسة النأي بالنفس»، تؤكد خارجيته، أنّها لم تكن على علم مسبق بموضوع تشكيل التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، معتبرة أن الأمر يمس بموقع لبنان، وصلاحيات وزارة خارجيته، والحقيقة أن «تياراً لبنانياً» واحداً فقط، هو من أعطى موافقة مبدئية على انضمام لبنان للتحالف، فيما تنصلت منه بقية الأطراف، وتحول التحالف بات مادة للتجاذب السياسي بين اللبنانيين، بدل أن يضم جهودهم إلى جهود بقية الدولة الأعضاء في مواجهة الإرهاب. 
لن نتحدث عن دولة إسلامية غير مشمولة لأسباب مذهبية بهذا التحالف (إيران والعراق)، الذي يحمل رسمياً اسماً إسلامياً، وكان حريُ به، أن يحمل إسماً مذهبياً، لكن هناك دول، لم تدع للتحالف لأنها مواقفها منه، كانت معروفة سلفاً مثل عُمان والجزائر... ولا نعرف حتى الآن، كم من الدول التي فوجئت بأنها مدرجة على لائحة التحالف، وآثرت الصمت وابتلاع الموقف، فإذا كانت دول كبرى كالباكستان وتركيا وأندونيسيا وماليزيا، لم تُستَشر، أو دعيت للمشاركة في «شيء غامض»، أو وجدت نفسها في تحالف عسكري، ودستورها يمنع ذلك، قد باحت باعتراضاتها وتحفظاتها، فإن دولاً أخرى مثل الصومال والسودان وساحل العاج وجيبوي، لن تفعل ذلك على الأغلب، ولأسباب مفهومة تماماً. 
عن أي تحالف نتحدث، وهل هو تحالف ام إطار للتنسيق والتشاور، عسكري أم أمني أم إيديولوجي – ثقافي من نمط «تحالف الحضارات»... هل حسمت مسألة الإرهاب من منظور الدول الأعضاء «المفترضة»، هل تشمل قوائمه السوداء حزب الله وحركة حماس وجماعة الإخوان وداعش والنصرة وأحرار الشام وحزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية الكردية و»أبو الفضل العباس» والحشد الشعبي ... من هم خصوم هذا التحالف ومن هم أصدقائه ... والأهم، لماذا العجلة والاستعجال ، ؟ أسئلة وتساؤلات برسم المستقبل القريب جداً. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تحالف» على عجل وحـلفــاء لا يـعـلـمـون «تحالف» على عجل وحـلفــاء لا يـعـلـمـون



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib