«عاصفة الحزم» ومصير الحرب على الإرهاب

«عاصفة الحزم» ومصير الحرب على الإرهاب

المغرب اليوم -

«عاصفة الحزم» ومصير الحرب على الإرهاب

عريب الرنتاوي


تلقت الحرب على الإرهاب صفعة قوية منذ أن بدأت النشاطات العسكرية لعملية “عاصفة الحزم” في اليمن... لم تكن القاعدة ولا داعش تتمنى في أحسن أحلامها، شئياً أفضل من هذا ... الصراع المذهبي يبلغ أبعد مدياته، والمحاور والأحلاف ترتسم وفقاً لخطوط المذاهب، وتبدل الأولويات، سيملي بالضرورة تبدلاً في خريطة التحالفات.
أسبوع من العمليات العسكرية ضد اليمن، شملت المطارات والموانئ والبنى التحتية ومواقع الجيش والحوثيين، ومناطق اخرى غير عسكرية... لم نسمع خلاله عن عملية واحدة استهدفت القاعدة في اليمن، مع أنها وفقاً للتقييم الأمريكي تعد الفرع الأخطر للقاعدة على المصالح الغربية ... القاعدة مطلوبة في مواجهة التمدد الحوثي وقوات علي عبد الله صالح، وثمة تقارير تتحدث عن تنسيق ميداني على الأرض، بين لجان عبد ربه منصور هادي والتنظيم الإرهابي.
في سوريا، يجري العمل بكثافة لإعادة تأهيل “جبهة النصرة” التي تحظى بدعم من قطر وتركيا، ونجاح الأخيرة في السيطرة على ادلب، كان بمثابة “عاصفة حزم مصغرة”، جرى تنسيقها بين الأطراف المتحالفة في الحرب على اليمن ... ولقد استمعنا لكتاب ومحللين سعوديين، يتحدثون عن تغييرات محتملة في مواقف المملكة من النصرة، بل ويحثون على ذلك ... حتى أن أحدهم تطوع لتقديم تعريف جديد للإرهاب، مفصّل على مقاس الحوثيين، ويستثني النصرة ... فالإرهاب هو “رفض الشراكة” والحوثيون رفضوا الشراكة، هكذا يزعم صديقنا، فيما النصرة قبلت بالتحالف مع أحرار الشام وجيش الإسلام وغير ذلك من مسميات سلفية جهادية، هي في جوهرها إرهابية.
كل الجهود التي بذلت لعزل المنظمات الإرهابية وتجفيف منابع التأييد الشعبي لها، خصوصاً بعد صعود داعش وإعدام الطيار الكساسبة، تبدو مهددة بأن تذهب هباءً ... وفي ظني أن التحالف “السنّي” أعاد خلط الأوراق منذ أن قرر بأن التصدي لإيران هي الأولوية الأولى، وليس الحرب على الإرهاب... وأن هذه الأولوية، تحتمل تجميد الصراع مع القاعدة والكف عن “شيطنتها” بل واستطلاع فرص التحالف مع بعض فروعها كما في اليمن وسوريا.
واشنطن تدرك أن القوى التي تقاتل داعش والنصرة فعلياً على الأرض، وفي كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن، تنتمي إلى المعسكر الآخر ... في سوريا، تدور أشرس المعارك بين قوات الجيش السوري وحلفائه ضد هذه التنظيمات، وفي العراق، تخوض القوات العسكرية والأمنية والحشد الشعبي والعشائر معارك طاحنة ضد “داعش” ... في لبنان، يقف حزب الله بالمرصاد لداعش والنصرة في جرود القلمون ... وفي اليمن، فإن القوة الضاربة في مواجهة القاعدة، هي الحوثيين ولا أحد غيرهم.
لكن واشنطن لا تستطيع أن تمحض هذا المعسكر دعمها وتأييدها ... مصالحها عند المعسكر الآخر، وهي تجد نفسها مرغمة “لمسايرة” هذا المعسكر، حتى وإن تطلب الأمر تقديم دعم لوجستي واستخباري لعملياته الحربية في اليمن ... لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً، وقريباً ستدرك الولايات المتحدة، أنها تخسر حربها ضد الإرهاب، بسبب تفاقم النزعات المذهبية لحلفائها، وتفشي حالة الفرز والاستقطاب.
من شاهد التظاهرات الغاضبة للإسلاميين في الباكستان، يدرك حجم هذا الانقسام ومخاطره .... الحرب في اليمن، سيكون لها انعكاسات مباشرة على العلاقة بين المكونات المذهبية في دول التعدد المذهبي ... والخطاب السلفي حيال الشيعة، بات يلقى رواجاً ويتحول إلى خطاب حكومي رسمي ... لم يعد أحدٌ يخجل من البوح بغرائزه المذهبية القاتلة، وكل هذا يصب في مصلحة القاعدة والجماعات الإرهابية، التي يحق لقادتها أن يخرجوا ألسنتهم ساخرين: ألم نقل لكم؟
مؤسف أن الدول العربية التي لم تطلق عقلها بعد، أخفض صوتاً مما ينبغي ... لقد رأينا قادتها في القمة العربية يعيدون التأكيد على أولوية محاربة خطر الإرهاب، بيد أنهم لم يتوانوا تحت جملة من الضغوط التي نعرف، للتساوق مع حرب مذهبية، وقودها اليمن الشقيق.
مؤسف أن كثيرا من الجهود التي بذلت بعد جريمة اغتيال الشهيد الكساسبة، لاستنهاض الرأي العام الأردني ضد الإرهاب، تتعرض اليوم، بفعل الحرب على اليمن وتداعياتها، لانتكاسة خطيرة.

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عاصفة الحزم» ومصير الحرب على الإرهاب «عاصفة الحزم» ومصير الحرب على الإرهاب



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib