الفلسطينيون وسياسة الرقص على طبول «عاصفة الحزم»

الفلسطينيون وسياسة الرقص على طبول «عاصفة الحزم»

المغرب اليوم -

الفلسطينيون وسياسة الرقص على طبول «عاصفة الحزم»

عريب الرنتاوي


كان لافتاً، أن فريقي الانقسام الفلسطيني اتفقا في واحدة من المرات النادرة، على تأييد “عاصفة الحزم”،... رئيس السلطة محمود عباس، كان مبادراً لإشهار الدعم الكامل قبل قمة شرم الشيخ، وفي القمة عرض لإعادة انتاج السيناريو اليمني في فلسطين، وجلب حماس إلى “بيت الطاعة الشرعي”، تماما مثلما يجري العمل لإرغام الحوثيين على الخضوع لشرعية منصور عبد ربه هادي.
حماس بدورها، وبعد فترة من التردد والتأمل، أصدرت بياناً مصاغاً بدقة، بيد أنه في جوهره يعبر عن انسجام الحركة مع الخط الإخواني العام في المنطقة، والمؤيد بقوة للتحالف السنّي بقيادة السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن والمنطقة ... موقف حماس، يعزز التقديرات بتنامي فرص الانفتاح السعودي على جماعات الإخوان المسلمين في اليمن وفلسطين وسوريا وغيرها، في مسعى لتصليب الجبهة السنيّة في الحرب المذهبية المندلعة في المنطقة، أو حروب المصالح والزعامة والأدوار، التي تتخذ من المذهبية ستاراً لها... وهو أمر تتوق إليه الحركة، وإن كانت حريصة على عدم تقطيع خطوطها وخيوطها مع المحور الإيراني.
الفلسطينيون خرجوا عن ادعائهم المتكرر خلال سنوات الربيع العربي بأنهم “خارج الصراعات المحلية”، وسياستهم القائمة على “النأي بالنفس” يبدو أنها لم تصمد طويلاً أمام حدة الاستقطاب والفرز المذهبيين وارتفاع حمى الصراعات الإقليمية في المنطقة ... اليوم، يعلن جناحا الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية، بأنهما يقفان مع محور إقليمي وفريق يمني محدد، ضد محور إقليمي آخر، وفريق آخر من اليمنيين... لكن لكل فريق منهما، أهدافاً وأجندات مغايرة لتلك التي يتوفر عليها الفريق الآخر.
الرئيس عباس والسلطة الوطنية، لا يستطيع أن يغرد بعيداً عن سرب الخليج ومصر والأردن ... لديه أكثر من سبب للبقاء في صفوف هذا المحور ... السعودية ممول مهم للسلطة، والأردن رئة وحيدة تتنفس منها الضفة الغربية، ومصر هي معقد آماله للعودة إلى قطاع غزة، أو لإعادة القطاع إلى “ولايته”.
أما حماس، فهي فضلاً عن كونها جزءاً من جماعة الإخوان المسلمين، وفي عنقها بيعة للمرشد، فإن رهانها الرئيس إنما ينعقد على “التحولات المحتملة” في التوجهات السعودية حيالها وحيال الجماعة الأم ... هي تراهن على ما يمكن أن يفضي إليه ذلك من “حلحلة” في المواقف المصرية المتشددة إزائها ... وهي تراهن على قيام المملكة السعودية بدور الوسيط مع السلطة، للوصول إلى “صفقة متوازنة” تضع حماس في صميم النظام السياسي الفلسطيني من دون أن تضطر لتفكيك منظومة “سلطة الأمر الواقع” في غزة، نظير قيام الحركة والجماعة، بتعزيز موقف الرياض وتأمين إسناد شعبي إخواني لصراع  الخليج في مواجهة التمدد الإيراني.
أهداف الطرفين تبدو متباعدة للغاية، إلى الحد الذي يدعو للاعتقاد، بأن أياً منهما لن يحقق أهدافه كما “تشتهيها سفنه” ... من الصعب إن لم نقل من المستحيل تصور سيناريو يعيد انتاج تجربة الحرب في اليمن في قطاع غزة ... ومن الصعب كذلك، رؤية المملكة كداعم رئيس لحماس،  لعدة اسباب... لذلك يبدو من غير المرجح أن يحقق أي من الفريق “سقف أهدافه”، لكنهما بكل تأكيد، سيقبلان بما هو دون، أو سيُكرهان على قبول ذلك، إذ لا خيارات لديهما سوى دعم “عاصفة الحزم”، ولا أوراق بحوزتهما تمكن من تحقيق أهدافهما “الطموحة”.
والحقيقة أن ما ينطبق على مواقف الفلسطينيين من “عاصفة الحزم”، ينطبق بدرجة أو أخرى على مواقف عربية عديدة ... تجربة التحالف الجديد، وترجمتها المصرية: إنشاء قوة عربية مشتركة، تريدها وتؤيدها أطراف عديدة، لكل منها أهداف مغايرة ... الرئيس عبد الفتاح السيسي يريدها في مصر، وقوامها وقيادتها مصرية، ويفضل توجيهها صوب ليبيا ... السعودية بدورها القيادي الصاعد، لن تتخلى عن هذا الدور حتى لحليف قوي مثل مصر، وهي تريد لليمن أن يكون وجهة هذه القوة أساساً ... أما الخرطوم الذي انطوت مواقفها واستجابتها السريعة لـ “نداء العاصفة” على استدارة كاملة، فإنها تسعى لإعادة تأهيل نظامها السياسي بعد سنوات من العزلة والضغوط والمقاطعات الاقتصادية ... المغرب يشارك في “عاصفة الصحراء” وعينه على “الصحراء” والصراع مع الجزائر التي تتخذ مواقف متحفظة وتحتفظ بمسافة عن مجلس التعاون الخليجي حيال عدد من ملفات المنطقة وأزماتها، وهذا يوفر دعماً مهماً للرباط من قبل أطراف عربية وإقليمية وازنة.
على أية حال، كنا نظن أن طرفي المعادلة الفلسطينية سيعبران عن انزعاجهما لتآكل مكانة القضية الفلسطينية في القمة العربية والنظام العربي، الذي نشأ أساساً (قبل سبعين عاماً) للدفاع عن فلسطين في مواجهة الموجات الاستعمارية الصهيونية، لكن المؤسف أن هذين الفريقين، دخلا في لعبة “تهمش” هذه القضية، وبدل أن يحاولا إعادة النظام العربي إلى سكته، وتوجيه البوصلة العربية من جديد صوب فلسطين، رأيناهما يسعيان بصورة يائسة وبائسة، في تجنيد النظام العربي وصراعات المذاهب والمحاور الإقليمية، في لعبة الانقسام الداخلي وحروب الإخوة الأعداء الممتدة على الساحة الفلسطينية منذ سنوات طوال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون وسياسة الرقص على طبول «عاصفة الحزم» الفلسطينيون وسياسة الرقص على طبول «عاصفة الحزم»



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib