صداقة واشنطن وعداوتها الســعــوديـة وإيـران نموذجــاً

صداقة واشنطن وعداوتها... الســعــوديـة وإيـران نموذجــاً

المغرب اليوم -

صداقة واشنطن وعداوتها الســعــوديـة وإيـران نموذجــاً

بقلم : عريب الرنتاوي

إذا كانت تجربة إيران المرة مع العقوبات الدولية والحصار، قد برهنت على صحة الفرضية القائلة بأن “عداوة أمريكا أمر مكلف للغاية”، فإن تجربة الصداقة السعودية مع الولايات المتحدة قد قدمت الدليل على الشطر الاخر من المقولة ذاتها، ألا وهو “أن صداقة واشنطن أمرٌ لا يقل كلفة كذلك”، والخلاصة التي يمكن استنباطها من تجربتي العداء والصداقة، تقضي بضرورة سعي الدول والحكومات، للاحتفاظ بمسافة أمان مناسبة عن الدولة العظمى... معادلة بسيطة من حيث الشكل، بيد أنها شديدة التعقيد عندما يتعلق الأمر بنقلها إلى حيز السياسة والممارسة العملية.

في التجربة الإيرانية، سعت إدارة الرئيس باراك أوباما جاهدة للوصول إلى اتفاق حول برنامج طهران النووي، وفي الوقت الذي لعبت فيه بعض العواصم الأوروبية دور “الشريك المشاغب” في تلك المفاوضات (باريس تحديداً)، فقد بدا أن الإدارة عازمة على إغلاق هذا الملف، وأن أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية، قد قرر إضافة هذا “الإنجاز الديبلوماسي” إلى رصيده الشخصي في الربع الأخير لولايته الثانية، وقد نجح.

في التجربة السعودية، بدا أن أوباما وإدارته، قد ضاقا ذرعاً ببعض حلفائهما العرب ... أوباما دافع بقوة عن اتفاقه النووي مع إيران، وفي سياق تفسير دوافعه ومنجزاته، لم يغب عن خاطره، توجيه انتقادات حادة لحلفائه الخليجيين والسعوديين، وبصورة غير مألوفة – ربما – في تاريخ العلاقات الثنائية بين الجانبين (مقابلته مع ذا أتلانتيك وقمة كامب ديفيد)... ركّز انتقاداته على الأوضاع الداخلية لتلك الدول، وتحدث عن “التهديدات النابعة من الداخل”، وطالبها بفتح قنوات حوار مع عدوها الإقليمي اللدود، أي أن تحذو حذوه، من دون أن يقطع شعرة معاوية، بل وما هو أكثر منها، مع “الأصدقاء التاريخيين”.

على الضفة الأخرى في مسار صنع السياسة والقرار في واشنطن، لعب الكونغرس دوراً “الشريك المخالف” للإدارة... وضع (وما يزال يضع) المزيد من القيود على تطبيق الاتفاق مع إيران، وبصورة بدا معها أن طريق “اتفاق فيينا” ليس ذي اتجاه واحد، وأنه يتعين على الجانبين الإيراني والأمريكي، خصوصاً الأخير، العمل بجهد لنزع الألغام المزروعة على جانبيه، وتفجير المفخخات التي تتهدده في أية لحظة.

أما على المسار السعودي، فلم يكن أداء الكونغرس مغايراً، وظهر أن “اللوبي السعودي” في واشنطن، لا يمتلك أي وزن حقيقي يذكر ... فالمداولات على مستوى اللجان، لمنع تزويد المملكة بالأسلحة الأمريكية، تنهض كشاهد على موقف الكونغرس ومكانة اللوبي السعودي، ونجاح الكونغرس في رد “الفيتو الرئاسي”حول قانون “جاستا”،ولأول مرة في عهد أوباما، وبأغلبية ساحقة، بدا معه أن أصدقاء واشنطن يواجهون خصومهم في واشنطن، عراة ومجردين من السلاح.
السعودية صاحبة أكثر استثمارات في الولايات المتحدة، وفي السندات الحكومية، حيث التقديرات لإجمالي الرساميل السعودية المستثمرة هناك، تلامس حافة الترليون دولار، لم تجد في الكونغرس من يستذكر “صداقتها” لواشنطن، فكيف هو حال بقية الدول العربية، التي تبدو في موقع المتلقي والمعتمد على مساعدات “العم سام” ... الخلاصة، حال العرب عموماً في واشنطن، مؤسف للغاية، وصداقتهم لواشنطن، لم تكن سابقاً، ولن تكون مستقبلاً، “بوليصة تأمين” لهم، تحمي مصالحهم وتدرأ عنهم أسوأ الخيارات والسيناريوهات.

في حالتي العداوة والصداقة، الإيرانية والسعودية على حد سواء، لم يكن الانقسام بين الإدارة والكونغرس،عامودياً ونهائياً، بالمعنى الحرفي للكلمة، فقد ظهر أن تدوير الزوايا الحادة على إيقاع المصالح الأمريكية الثابتة، يبدو أمراً ممكناً ومرجحاً... وأن ثمة نوعا من تقاسم الأدوار وتبادلها، بشكل تلقائي أو متفق عليه، لا فرق... الكونغرس تراجع عن بعض قيوده المفروضة على الاتفاق النووي مع إيران، وثمة وعود بمراجعة قانون “جاستا” مع السعودية ... والإدارة التي حاربت الإيرانيين في لقمة عيشهم، هي ذاتها من وقع اتفاق رفع العقوبات معهم، وهي ذاتها أيضاً، التي تقف اليوم بالمرصاد لإيران في عدد من ملفات المنطقة ... ... أوباما أكثر الرؤساء الأمريكيين انتقادات لدول الخليج، هو من أشهر الفيتو الرئاسي ضد الـ “جاستا”.... لا شيء ثابت في واشنطن، لا الصداقة ولا العداوة، ثمة مصالح ثابتة، وفي قلب هذه المصالح في منطقتنا، يأتي أمن إسرائيل وتفوقها، من ضمن أولويات الأمن الأمريكي، وخط أحمر يمكن أن يستدعي أعلى درجات التعبئة والاستنفار.... فهل نتعلم دروس العداوة والصداقة مع الدولة العظمى، أم سنكتفي بتدبيج “البكائيات” على خذلان واشنطن لأصدقائها، والهجائيات لـ”وقاحتها” في مكافئة الأعداء ومعاقبة الأصدقاء؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صداقة واشنطن وعداوتها الســعــوديـة وإيـران نموذجــاً صداقة واشنطن وعداوتها الســعــوديـة وإيـران نموذجــاً



GMT 10:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

قنابل علي شمخاني

GMT 00:07 2024 الأربعاء ,14 آب / أغسطس

سلام السنوار... وكاريكاتير المنطقة!

GMT 11:19 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

التصعيد والتبريد في حرب غزة!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib