أقلمة العالم العربي  وفدرلته

"أقلمة" العالم العربي ... و"فدرلته"

المغرب اليوم -

أقلمة العالم العربي  وفدرلته

بقلم -عريب الرنتاوي

تتجه تطورات الأحداث في دول الأزمات المفتوحة في العالم العربي، صوب "الأقلمة" و"الفدرلة" ...يحدث هذا في اليمن وليبيا، ولا يبدو أن سوريا والعراق بمنأى عن هذه الوجهة.
 
اليمن: نصت مخرجات الحوار الوطني الذي التأم تحت رعاية "المبادرة الخليجية" على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم "فيدراليات" ... يومها رفض الحوثيون المشروع لأنه أبعدهم عن البحر وموانئهم عليه ... ورفضه الجنوبيون لأنه يقسم الجنوب إلى أقاليم وهم الطامحون في جعله إقليماً واحدا، توطئة لاستقلاله (اقرأ انفصاله) في دولة مستقلة.
 
اليوم، ثمة من يسرّب عن أوساط الموفد الدولي مارتن غريفيت، مشروعاً لـ"أقلمة" اليمن، ولكن إلى ثلاثة أقاليم هذه المرة: واحدٌ لأنصار الله في الشمال وعاصمته صنعاء ... وآخر تحت هيمنة المجلس الانتقالي ويضم عدن وما جاورها من نواحي ومحافظات، وثالث في حضرموت وما يحيط بها من محافظات ... لكأن المشروع يسعى في تقسيم "الكعكة" اليمينة على الفاعلين الإقليميين الكبار في الأزمة اليمنية ووكلائهم المحليين.
 
ليبيا: وبعد الضربات المؤلمة التي تعرض لها الجنرال خليفة حفتر في الساحل الغربي، وعودة الرهان على المسار السياسي – التفاوضي، بعد تعقد مسارات الحسم العسكري، وانقلاب المشهد إثر التدخل العسكري التركي في ديسمبر الفائت، عاد الحديث عن تقسيم ليبيا إلى أقاليم ثلاثة، وتشكيل مجلس رئاسي ثلاثي... زمن الدولة المركزية في ليبيا ولّى، وزمن "الفدرلة" و"الأقلمة" يلوح في أفق أزمتها الممتدة منذ العام 2011.
 
العراق: الحديث عن تقسيم العراق بلغة المكونات الثلاثة، كان التوطئة الضرورية للحديث عن "الفدرلة" و"الأقلمة" ... دستور عراق ما بعد صدام، نص على حق المحافظات في التجمع تحت راية إقليم فيدرالي ... ثمة فيدرالية قائمة بالفعل في شماله: إقليم كردستان ... وبعد الاشتباك الأمريكي – الإيراني الذي اندلع إثر اغتيال قاسم سليماني وقصف "عين الأسد"، وقرار البرلمان العراقي إخراج القوات الأمريكية من العراق، ارتفعت وتيرة الحديث عن "إقليم سني" ... قبلها كانت أوساط شيعية تتحدث عن "إقليم/أقاليم" في المحافظات الجنوبية.
 
دولياً، ما زلنا نذكر مشروع نائب الرئيس الأمريكي في حينها، المرشح للرئاسة اليوم، جو بايدن، حول تقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة ... لا يمكن إسقاط سيناريو "الأقلمة" في العراق، بل يمكن القول إنه السيناريو الأكثر ترجيحاً، الذي ينتظر الإعداد والإخراج المناسبين للخروج إلى حيّز التنفيذ.
سوريا: حين أعلن عيدروس الزبيدي إقامة "إدارة ذاتية" في جنوب اليمن، تذكرت مشروع "الإدارة الذاتية" في شمال سوريا ... الإدارة الذاتية، مدخل إلى الأقلمة والأخيرة توطئة للتقسيم ... هكذا تسير التطورات في منطقتنا العربية.
 
واشنطن، دعمت وتدعم مشاريع "الفدرلة" عموماً ... هي راعية إقليم كردستان، وهي صاحبة مشروع "فدرلة العراق"، وهي حاضرة بقوة في شمال شرق سوريا لرعاية "إقليم كردي" هناك، تحت مسمى "الإدارة الذاتية"، وهي ليست بعيدة عن مشاريع "فدرلة" ليبيا واليمن.
"الإقلمة" و"الفدرلة" بذاتهما ليستا مشكلة، معظم دول العالم تعتمد أنظمة فيدرالية أو أشكال من "اللامركزية الموسعة" ... لكنها في العالم العربي، ليست مدخلاً لتوسيع المشاركة وتعميم التنمية وتطوير الإدارة والتخفف من قبضة المركزية الشديدة، بل هي تعبير عن انعدام قدرة شعوبنا على العيش بعضها مع بعض، ودلالة على تعدد الأجندات والمصالح الإقليمية والدولية في بلداننا، واستتباعاً، هي الطريق الأقصر لتقسيم دولنا وتشتيت شعوبنا ... والأسوأ أنها ستشكل مدخلاً رحباً لجولات جديدة من الحروب والنزاعات، وتشق طريقاً لا نهاية له، نحو مزيد من الانقسامات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقلمة العالم العربي  وفدرلته أقلمة العالم العربي  وفدرلته



GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

GMT 19:59 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:10 2025 الجمعة ,13 حزيران / يونيو

إلهام شاهين توجّه رسالة الى المرأة المؤثّرة
المغرب اليوم - إلهام شاهين توجّه رسالة الى المرأة المؤثّرة

GMT 19:37 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يكرم نزهة بدوان

GMT 13:39 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

إبراهيم البزغودي يوضّح أسباب تراجع نتائج الجيش الملكي

GMT 22:26 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

عرض الموسم الثالث من عروض "مسرح مصر" على "MBC مصر"

GMT 20:17 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

مجلس النواب يخلد اليوم العالمي للبيئة

GMT 11:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توجيهات عاجلة بمحاسبة المقصرين في أزمة أمطار جدة

GMT 01:13 2017 الأحد ,17 أيلول / سبتمبر

نصائح مهمة من مي الجداوي لديكور منازل المصيف

GMT 17:51 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

ما هي الميكانيزمات الدفاعية؟

GMT 00:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هاريز تؤكد أن ترامب يحدر ويسعي لسلطة مطلقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib