عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية

عن التمسك "المراوغ" بمبادرة السلام العربية

المغرب اليوم -

عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لم يبق للنظام الرسمي العربي من تصور مشترك للحل النهائي للمسألة الفلسطينية وما يحيط من قضايا عالقة في الصراع العربي – الإسرائيلي (الجولان ومزارع شبعا) ...مبادرة قمة بيروت، لم تعد هذا القاسم المشترك الأعظم، وربما لم تكن يوماً كذلك...من العرب من أصابها في مقتل، بإقدامه على "التطبيع" قبل إنها الاحتلال، ومنهم من سيفعل ذلك قريباً، وربما بأقرب مما نظن وتظنون، أما بقيتهم فتقف في طابور الانتظار "وما بدّلوا تبديلا...".
 
من "طبّع" من العرب علاقاته مع إسرائيل، ومن ثمّن وأيد الاتفاقات المبرمة في واشنطن، مباشرة أو مداورة، فرادى أو في إطار "بيانات مشتركة" مع آخرين...من صَمَتَ صَمتُ العاجز أو الخائف أو المتواطئ، كان يعرف بأنه يطلق رصاصة الرحمة على مبادرة السلام العربية، حتى وإن ظلّ على تمسكه الظاهر بحل الدولتين وواصل إلحاحه على وجوب قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
 
مبادرة السلام العربية "نصٌ وروح"...روح المبادرة استخدام "التطبيع" كعصا وجزرة في الوقت ذاته...لن نتعامل معكم قبل أن تنهوا احتلالكم، وإن فعلتم فلكم علاقات طبيعية مع 22 دولة عربية، بل ومع 57 دولة إسلامية كذلك...بهذا المعنى، فقدت المبادرة روحها وبقيت بعض نصوصها الميتة التي تتحدث عن دولة وعاصمة، وحل عادل لقضية اللاجئين.
 
هذا يتيح لبعض "المطبعين العرب" القول اليوم، إنهم لم يغيروا موقفهم ولم يتخلوا عن ثوابتهم حيال فلسطين (ما زلنا نؤيد الدولة المستقلة والقدس العاصمة)، وربما يكون هذا صحيحاً، وربما تكون نوايا البعض منهم ما زالت تفضل خياراً كهذا...لكن التطبيع المجاني أسقط من يد العرب العصا والجزرة سواء بسواء، هذا إن افترضنا أن التطبيع استُخدم يوماً كعصا في وجه إسرائيل.
 
يجادل بعض "المطبعين العربين"، أنهم سيكونون في وضع أفضل، إن لجهة تقديم العون والغوث لـ"الإخوة الفلسطينيين" أو لجهة توظيف العلاقة مع إسرائيل لطمأنتها وحفزها على إنهاء احتلالها...وهم بهذا، إنما يستعيرون بعضاً مما يستبطنه الخطاب المصري والأردني، الذي طالما لجأ للمنطق نفسه لتفسير الإبقاء على السفارات والسفراء والعلاقات الطبيعية، ولكن من دون الأخذ بالفارق الذي تمليه الجغرافيا والديموغرافيا على الأردن ومصر سواء بسواء، والذي يعطي خطاب الدولتين بعضاً من الصدقية النابعة من منطق "الضرورات تبيح المحظورات" حتى وإن اختلف البعض معه أو عليه، في حين يخلو خطاب الآخرين من حيثيات مماثلة.
 
قطار التطبيع سيبلغ محطاته الرسمية العربية تباعاً، معظمها إن لم نقل جميعها، المسألة مسألة وقت، اللهم إلا إذا طرأ ما ليس في الحسبان، كأن تنفجر الشوارع العربية، إن لم يكن بسبب التطبيع المذل مع دولة الاحتلال والعنصرية، فبسبب تردي أوضاعها المعيشية، واشتداد قبضة الحكم في رقاع عربية شتى، وعلى الفلسطينيين، شعباً وقيادة وفصائل، أن يصوغوا سياساتهم واستراتيجيتهم وفقاً لهذا المعطى الجديد.
 
وليس من المفيد أبداً، أن يستمر التشدق بمبادرة من المشكوك فيه أنها وضعت أصلاً لحل القضية والصراع العربي الإسرائيلي، بقدر ما كانت محاولة لتحسين صورة بعض الأنظمة العربية أمام الغرب في لحظة ما بعد (11 سبتمبر) الفارقة...ونحن نخدع أنفسنا وشعوبنا، ولا "نزعج" خصومنا وأعدائنا إن واصلنا الحديث عن مبادرة ماتت منذ زمن ودفنت تحت ركام الاتفاقات الأخيرة، وبدلاً من ذلك، فليعمل الرسميون العرب على بلورة تصور مشترك جديد يقوون على حَملِه وتحمل تبعاته، حتى لا يظل الفلسطيني وحده، يدفع ثمن عجز أشقائه عن الثبات على مواقفهم والدفاع عن مبادراتهم أمام الصلف الإسرائيلي والتعنت الأمريكي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية عن التمسك المراوغ بمبادرة السلام العربية



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:02 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
المغرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib