عن حكاية ميزان القوى الإقليمي

عن حكاية "ميزان القوى" الإقليمي!

المغرب اليوم -

عن حكاية ميزان القوى الإقليمي

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

إعلام "محور المقاومة" ومحللوه السياسيون والاستراتيجيون، ما فتئوا يتحدثون عن "انقلاب" في موازين القوى لصالح محورهم بأطرافه الممتدة من طهران حتى الضاحية الجنوبية، مروراً ببغداد و دمشق و صنعاء...صدقاً، لا أدري كيف يبني هؤلاء حساباتهم، وما هي معاييرهم المعتمدة، عند النظر إلى ميزان القوى الإقليمي؟ ...كنت سأفهم تماماً، لو أنهم تحدثوا عن نجاحات في "درء الهزيمة" وإسقاط بعض "المرامي القصوى" لخصومهم، فهذا سيكون تشخيص أقرب للدقة، أما الحديث بلغة الانتصارات وانقلاب موازين القوى، فتلكم مسألة عصية على البلع والهضم.

لو أن توازنات القوى في صراع المحاور الإقليمية وحروبها، تميل لصالح هذا المحور، لما ذهب خصومهم بعيداً في علاقاتهم التطبيعية مع إسرائيل، وصولاً إلى ضفاف "حلف استراتيجي" غير معلن... لو أن ميزان القوى يميل لصالح هذا المحور، لما انتعشت المشاريع والمبادرات التي تنتقص من "الحقوق المنقوصة أصلاً" للشعب الفلسطيني، ولما وجد حلفاء هذا المحور من الفلسطينيين، أنفسهم في خانة انتظار المساعدات الإنسانية، القطرية وغيرها، أو مرغمين على تقديم التنازلات تباعاً لرام الله...وطالما أن فلسطين هي القضية المركزية لهذا المحور، كما تؤكد خطابات أركانه وسردياته، فمن المنطقي الافتراض، بأن فلسطين، قضية وحقوقاً و"توازنات قوى داخلية"، هي المعيار الأهم للحكم على تقدم هذا المحور أو تراجعه.

لو أن ميزان القوى، قد انقلب لصالح هذا المحور، لما صمتت مدافعه عن مئات الضربات العسكرية، الجوية والصاروخية، لأطراف هذا المعسكر، في عموم الأراضي السورية، وحتى آخر نقطة حدودية، بل وأحياناً في الداخل العراقي، من دون تمييز بين وحدات للجيش السوري أو عناصر من الحرس الثوري، أو أفراد في ميليشيات موالية لإيران...العربدة الإسرائيلية بلغت ذروة غير مسبوقة، في الغارات الكثيفة والشاملة ومتعددة الأهداف، التي ضربت دير الزور والبوكمال، وألحقت خسائر فادحة في الأرواح والمنشآت، استمراراً لنهج نجحت إسرائيل في تكريسه في الأجواء السورية: نضرب كيفما نشاء ووقتما نشاء ومن نشاء، من دون خشية من ردة فعل أو انتقام...هل ما يجري في السماوات والأراضي السورية دلالة على "غلبة" هذا المحور، وشاهد على انقلاب موازين القوى لصالحه، أم أن العكس صحيحاً؟...وأين وصلنا في حكاية بناء قوة ردع كفيلة بكبح جماح العدوانية الإسرائيلية، وأين هي "المعادلات الجديدة" التي يجري فرضها والحفاظ عليها؟

ثم، أن إيران ذاتها، تعرضت لعشرات الضربات السيبرانية والاستخبارية وعمليات التفجير والاغتيال والتصفية، في عمق أعماقها، وفي درة تاج برنامجها النووي: مفاعل ناتنز، من دون أن يترتب على هذه العمليات، غير التهديد والوعيد، وسيل التصريحات المهددة والمتوعدة الذي يتدفق من عواصم هذا المحور الخمس، لا يتوقف كما تعلمون، ولكن الفعل مرهون دائماً بالمكان والزمان المناسبين، وإلى أن يتقرر هذا "الزمكان"، ستواصل إسرائيل وأذرعها الجوية والصاروخية والاستخبارية والتكنولوجية، عربدتها في سماوات هذا المحور، وسيواصل "القناصون" الإسرائيليون اصطياد أهدافهم دون خشية أو تحسب.

لن ندخل في ثنايا الحالة الاقتصادية والمالية والمعاشية المزرية التي تعيشها دول هذا المحور، والتي تشكل بدورها، أحد أهم عناصر ضعفها، يكفي أن نراجع حالة العملة الإيرانية والعراقية والسورية واللبنانية واليمنية، يكفي أن أربعة من كل خمسة يمينيين يعيشون على المساعدات الأممية...يكفي أن لبنان وطناً (وليس دولة فحسب) بات آيلاً للسقوط وأن  ملايين السوريين بات يتعين عليهم قضاء نصف نهاراتهم في طوابير الخبز والغاز والديزل وبقية عناصر الحياة الأساسية...كيف يمكن وضع هذه المسألة في "ميزان القوى" الذي تصر هذه الأطراف على القول، بأنه بات يميل لصالحها؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حكاية ميزان القوى الإقليمي عن حكاية ميزان القوى الإقليمي



GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib