ما الذي سقط من برنامج زيارة البابا للعراق

ما الذي سقط من برنامج زيارة البابا للعراق؟

المغرب اليوم -

ما الذي سقط من برنامج زيارة البابا للعراق

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

فَرِح العراقيون بزيارة البابا فرانسيس لبلادهم، ولهم كل الحق في ذلك، فالزيارة "تاريخية" بكل المقاييس، وغير مسبوقة كما هو معلوم، والزائر تميّز بالجرأة والشجاعة إذ قرر التطّواف بمدن #العراق ونواحيه ومعالمه الدينية والتاريخية، حاجّاً وتائباً، في ظروف أمنية وصحية بالغة الدقة والتعقيد...زيارة غير مألوفة، ومن خارج السياق التصعيدي الدامي الذي اعتصر العراق والعراقيين، ولغة جديدة، لم يعرفها قاموسهم منذ سنوات، وربما عقود.

رسائل البابا توزعت ما بين "الروحي" و"السياسي" و"الإنساني"...روحياً، جاءت بمثابة جرعة دعم هائلة لمسيحيي هذا البلد وسكانها الأصليين، ملح بلاد ما بين النهرين وسجل حضاراتها، وكلنا يعرف هول الكارثة التي تعرض لها هذا المكوّن في سنوات الغليان المذهبي والعنف المتدثر بلبوس الأديان والطوائف والمذاهب...روحياً كذلك، دخلت زيارة البابا لمرجعية النجف تاريخ حوار الأديان والمذاهب، من أوسع أبوابه، ولقائه مع مرجعية السيستاني، لا يقل أهمية عن لقاءاته مع مرجعية الأزهر الشريف.

إنسانياً، جاءت الزيارة وما تخللتها من "عظات" وأطلقته من رسائل، بمثابة عامل ضغط معنوي هائل، على الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، أن أعطوا إعادة المناطق المنكوبة الأهمية التي تستحق، وانشغلوا بهموم الناس، بدل الانهماك في انقساماتكم ونهمكم للسلطة والثروة...البابا كان لسان حال المفقرين والمهجرين والمشردين، الذي تركوا للإهمال والنسيان، ورسائله الإنسانية، تخطت العراق إلى المجتمع الدولي برمته: العراق يستحق ما هو أفضل من ذلك.

سياسياً، لماذا سقط "سهواً" أو "عمداً"، من برنامج الزيارة، فقرة يختص بها الحبر الأعظم، "المكوّن السنّي" في بلد المكونات..."المكون الشيعي" حظي بنصيب الأسد من برنامج الزيارة بعد "المكون المسيحي"، لقاءات سياسية رفيعة المستوى، وقمة روحية في النجف...المكون الكردي حظي بنصيب غير مسبوق، ولم يكن يخطر ببال: لقاءات سياسية على أرفع المستويات، و"قداديس" تدخل التاريخ بوصفها الأولى من نوعها، في الإقليم...وحده "المكوّن السنّي" لم يحظ لا بقمم روحية ولا بلقاءات سنيّة رفيعة، ولولا مشاركات متواضعة في "أور" لكان الغياب، أو التغييب، تامين.

ولكي لا نظلم البابا، أو فريق المساعدين والمستشارين الذي انكبوا على وضع برنامج الزيارة، نقول بكل صراحة: أن جزءاً من المسؤولية عن "سقوط" هذه الفقرة من جدول أعمال البابا، أنما يقع على كاهل "المكوّن السنّي" ذاته، فلا هو بالموحد سياسياً، ومرجعياته الروحية موزعة على أقطاب ومحاور العالم الإسلامي، وبعضها، كان جزءاً من مشكلة العراق، وليس مشكلة "المكوّن" وحده...لكن ذلك ما كان ليمنع من التفكير بخيارات وبدائل، لا تحرج البابا، ولا تظهره كمن قفز من فوق مكوّن تاريخي...وللإنصاف، نحن لا ندري إن كانت هناك محاولات لترتيب لقاءات من هذا النوع وفشلت، المهم أن "الثغرة" ظلت قائمة بالنتيجة.

كان بالإمكان إدراج بند "اللقاء مع رئيس البرلمان العراقي والكتل السنية" على جدول أعمال الزيارة، طالما أن الرئاسات في العراق، موزعة على الطوائف والأقوام...كان بالإمكان، ترتيب زيارة لأثر إسلامي متميز في بغداد أو الموصل، كان بإمكانه زيارة بقايا الجامع الكبير في الموصل، برمزيته المعروفة في الماضي وفي الحرب على الإرهاب، ولقد كان على مقربة منه...كان بالإمكان التفكير بجدية أكبر، في "مراعاة" هذه الحساسية.

أمس، أجريت اتصالات مع أصدقاء عراقيين وعرباً، مسلمين ومسيحيين، للسؤال عن هذه المسألة، لمست عتباً سنياً واضحاً، وإحساساً أعمق بالتجاهل، وربما فاجأ سؤالي بعض الأخوة المسيحيين، ويبدو أنه لم يكن يخطر لهم على بال...زيارة البابا للعراق بالغة الأهمية، وكان لنتائجها أن تكون أكثر وقعاً، لو لم تسقط "الفقرة" الخاصة بـ "المكوّن السنّي" من برنامجها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي سقط من برنامج زيارة البابا للعراق ما الذي سقط من برنامج زيارة البابا للعراق



الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib