مرض الزعيم وبلاد العجائب

مرض "الزعيم" و"بلاد العجائب"

المغرب اليوم -

مرض الزعيم وبلاد العجائب

بقلم - عريب الرنتاوي

بالنسبة لنا، نحن الذين تفصلنا عن كوريا الشمالية آلاف الأميال، تبدو هذه القطعة من شبه الجزيرة الكورية بمثابة كرة مصمتة، محشوّة بالألغاز... حتى أن خبر مرض زعيمها الدكتاتور، تحوّل بدوره إلى لغز كبير، تنسج بشأنه الحكايات والروايات...أما القصص التي أحاطت بتولي شقيقته الخلافة من بعده، فلم تكن أقل إثارة للرعب والقلق.
 
مَرِض كيم جونغ أون، وقيل إن الجراح المرتجف والمرعوب من "الجثمان المسجّى أمامه"، قارف خللاً في وضع مبضعه في المكان الصحيح...الرعب الذي يثيره قتلة من هذا النوع، يجعل من الصعب عليهم الحصول بـ"أريحية" على الخدمات التي يحتاجونها، حتى وإن كان من يقدمها من أخلص المقربين...الاقتراب لمسافة غير آمنة من جسد الزعيم، سبب كافٍ لتدفق الأنزيمات والهورمونات وانعدام القدم على التركيز.
كل ما قيل ويقال عن البلد المسيّج بالحديد والنار والرؤوس النووية، يصلح مادة لسلسلة لا تنتهي من أفلام الرعب...ولأن السلوك الإجرامي للسلالة الحاكمة (الأب والابن والجد)، فاق كل خيال، فقد أصبح ممكناً تحويل الحكاية الكورية إلى ضرب من الكوميديا السوداء...فيلم المقابلة“Interview”، يصلح مثالاً على أريد قوله...يكفي أن يدفع الصحفي الزعيم للبكاء على الهواء، حتى تسقط عنه الصفة الألوهية، ويصبح في نظر شعبه، بشراً مثلهم، فما بالك حين يتغوط في سرواله، وعلى الهواء مباشرة كذلك؟!
 
ويصبح صعباً علينا، نحن الذين "نتسقّط" أخبار تلك البلاد، التمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف من أخبار تنشر عنها...أبشع ما قرأت عن شقيقة الديكتاتور الصغرى كيم يو جونغ، أنها ألقت بزوجها لقمة صائغة لأربعة أسود جائعة، لمجرد أنه طلب إليها ما يطلبه كل رجل من زوجته: الإنجاب...وسواء أكانت هذه الرواية صحيحة أم لا، فإن هالة القداسة التي أضفتها العائلة على نفسها، منذ الزعيم الجد، "المحبوب من أربعين مليون كوري"، كيم إيل سونغ، ستتبدد...في ظني أن السيدة التي قد تصبح في أي وقت، حاملة "الزر النووي" والمتحكمة فيه، تنتظر قبساً من روح مقدسة، تنفخ فيها "فتلد من دون دنس".
 
الديكتاتور الشاب، الذي لم يستفد من سنوات دراسته "سراً" في سويسرا، كما وريثته، أجهز على كل خليفة محتمل له، وأزهق أرواح كل من وردت أسماؤهم في قائمة خلافته، وغالباً بأبشع الطرق، إذ يقال إنه "قصف عمر" عمّه وأنجاله، بالمعنى الحرفي للكلمة، عندما أمر بقصفهم بالمدفع بدل إطلاق الرصاص عليهم، أو تعليقهم على أعواد المشانق أو خنقهم في غرف الغاز، كما تنفذ أحكام الإعدام عادة.
 
زيارة كوريا الشمالية، حلم وكابوس...كل منّا يرغب في تكرار تجربة "أليس في بلاد العجائب"، حتى وإن لم يكن بجمال أليس وبراءتها، وكرويا الشمالية بلاد العجائب، لكن الحلم قد يرتد في طرفة عين، إلى كابوس، أن قللنا من دون أن نقصد، الاحترام للزعيم المبجل...ألم يقتل الرجل وزير دفاعه المُسّن، لأن النعاس غالبه في أحد الاجتماعات المملة التي يترأسها الزعيم، وبتهمة "عدم ابداء الاحترام اللازم".
 
على أن أغرب الغرائب، أن بعض اليساريين والإسلاميين من محور المقاومة، ما زال يعد كوريا الشمالية، "عضواً عاملاً" في الجبهة المناهضة للإمبريالية...بالنسبة لي شخصياً، أفضل الامبريالية والاستعمار على حكم ديكتاتور متهور كهذا، لا يختلف عنده النطق بحكم الإعدام عن تدخين سيجارة إضافية.
 
والأغرب حقاً، أن نظرة "المقاومين" في منطقتنا لكوريا الشمالية وديكتاتورها، لا يشاطرهم فيها أحد، سوى دونالد ترامب، الذي أبدى قلقاً على حياة الزعيم كيم، أكثر من قلقه على مصائر أزيد من مليون أمريكي مصاب بفيروس كورونا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرض الزعيم وبلاد العجائب مرض الزعيم وبلاد العجائب



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib