روسيا وتركيامن «يتحرش» بمن

روسيا وتركيا...من «يتحرش» بمن؟

المغرب اليوم -

روسيا وتركيامن «يتحرش» بمن

عريب الرنتاوي

ثمة قدر من الغموض يحيط بحالات الاشتباك المتكررة بين تركيا وروسيا فوق الأجواء السورية ... في المرة الأولى، وعندما أسقطت الطائرات الحربية التركية القاذفة الروسية من طراز “سوخوي”، تقبل كثيرون، وإن على مضض “حكاية” اختراق الأجواء، لعدة أمتار أوبضعة كيلومترات، فوق منطقة شديدة التداخل ... هل تكررت الفعلة الروسية مرة أخرى؟ ... وهل أقدمت الطائرات الروسية على خرق متعمد أو غير مقصود للأجواء التركية؟ 
موسكو التي نفت في المرة الأولى خرق طائراتها للمجال الجوي التركي، ونفذت سلسلة من ردود الأفعال القاسية ضد تركيا، سارعت في المرة الثانية إلى تكرار نفيها، والتأكيد على أن أيا من طائراتها الحربية، لم يخترق الأجواء التركية، في حين هددت أنقرة وتوعدت بعواقب وخيمة إن تكررت حالات الانتهاك لحرمة الأجواء التركية، وإن لم تراع موسكو حساسية تركيا لـ “سيادتها الوطنية”. 
لا يمكن من دون الاستناد إلى أدلة قطعية، تأكيد صحة أو عدم صحة، أي من الروايتين ... يمكن أن تكون طائرة روسية قد دخلت الأجواء التركية لثوانٍ معدودات، ودائماً بسبب التداخل الشديد لخطوط الحدود، وطبيعة المعارك الدائرة هناك، ونوعية الطائرات المستخدمة التي تتميز بسرعاتها الفائقة، وحاجتها لمسافات طويلة لاستكمال استدارتها ومناوراتها ... مثل هذا الاحتمال غير مستبعد على الإطلاق، لكنه في مطلق الأحوال، لا يستدعي كل هذا الاستنفار والتجييش، طالما أن المسألة ما زالت في حدود “هامش الخطأ” المفهوم. 
قبل أسابيع قليلة، ضل زورق من البحرية الأمريكية طريقه إلى المياه الإقليمية الإيرانية، لخلل فني أو لأي سبب آخر ... البحرية الإيرانية اقتادت الزورق، واحتجزت المارينز لساعات قبل أن تفرج عنهم وعن الزورق، من دون حاجة لإطلاق الصواريخ أو إثارة أزمة دبلوماسية أو التلويح بالويل والثبور وعظائم الأمر. 
إذن، القصة ليس في اختراق طائرة لمجال جوي لمسافة عدة أمتار أو بضعة كيلومترات، ولثوانٍ معدودة ... القصة في الرسائل السياسية التي رغبت أنقرة في توجيهها لموسكو في المرتين ... في المرة الأولى، كان واضحاً أن تركيا تريد اختبار جدية موسكو في دعمها مشروع وصول قوات النظام السوري إلى الحدود السورية – التركية، أرادت الحكومة التركية أن تعبر عن انزعاجها الشديد للضربات الماحقة التي تعرضت لها فصائل محسوبة عليها، وأن تبدي انزعاجها من دعم روسيا للنظام إلى هذا الحد ... الرسالة وصلت، بيد أن ردة فعل موسكو جاءت على شكل تهديد ووعيد، مقرونين بحشد مزيد من الطائرات والنظم المضادة للطائرات بما فيها بطاريات “إس “300 و “إس :”400 المتطورة، وبما لم تتوقع أنقرة أو تحتسب. 
في المرة الثانية، تبدو رسالة أنقرة مختلفة نوعاً ما، وربما اختلف “المرسل إليه” كذلك ... تركيا تتعرض لحملة من أقرب حلفائها إليها على خلفية تواطؤها مع الإرهاب، وتراخيها في إحكام إغلاق الحدود في وجه الإرهابيين، واستمرار اتجارها بالنفط والآثار والمسروقات السورية والعراقية ... “التحرش” بروسيا، يمكن أن يساعد أنقرة في التخفيف من حدة هذه الانتقادات، واستنفار “العصب الأطلسي”، ودفع الحلفاء لطي صفحة انتقاداتهم المتكررة. توقيت “التحرش” يبدو أمراً في غاية الأهمية، إذ جاء متزامناً مع بدء أشغال مؤتمر “جنيف 3”، حيث تحرص تركيا على إظهار “الأخطار الكامنة” في الوجود الروسي في سوريا، ليس على تركيا وحدها، وإنما على منظومة حلف الأطلسي كذلك، وعندما نقول الوجود الروسي، فإن الأمر يعني ضمنياً، محوراً بأكمله، يبدأ بموسكو ولا ينتهي بالضاحية الجنوبية لبيروت، مروراً بدمشق وبغداد. 
وكان لافتاً أن تركيا أرفقت تهديداتها لموسكو، بطلب لزيارتها، تقدم به الرئيس رجب طيب أردوغان، وتلكم مفارقة عجيبة، هل يريد “السلطان” التقرب من موسكو حقاً و”تطبيع” العلاقات الثنائية معها؟ ... هل يستخدم أردوغان تكتيك “حافة الهاوية” مع موسكو من أجل دفعها للتراجع عن منظومة العقوبات التي فرضتها على بلاده؟ ... أم أن طلب الزيارة والقمة مع بوتين، ليسا سوى فصلاً من فصول مسرحية معدة سلفاً، تهدف إلى إظهار تركيا بمظهر “الضحية” و”المُستهدف” من قبل “الجبار الروسي”، أملاً في تجييش الأطلسي و”شد عصبه” من جديد، وتوطئة لتجديد روابط تركيا به وبالقارة العجوز والولايات المتحدة، بعد الشروخ التي أصابت علاقات بلاده مع هذه الأطراف، على خلفية ملفي الهجرة والإخفاق في محاربة “داعش”، إن لم نقل دعمه وتشجيعه. 
والحقيقة أن من يعرف أردوغان يعرف أن الرجل من النوع المقاتل، حتى لا نقول المغامر، لا يتورط عن الذهاب إلى أبعد الحدود في مشاريعه وحروبه مع خصومه وأصدقائه إن لزم الأمر ... لست من يقول ذلك، فلست على معرفة بالرجل، ولكنهم الأتراك الذين خبروه على مدى العقود الفائتة ... ألم يعلن الحرب على أكراد بلاده طمعاً في الحصول على 18 مقعدا إضافيا خسرها في الجولة الأولى من الانتخابات؟ 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وتركيامن «يتحرش» بمن روسيا وتركيامن «يتحرش» بمن



GMT 20:34 2024 الأحد ,24 آذار/ مارس

هل وصل تنظيم «القاعدة» إلى موسكو؟

GMT 14:34 2024 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

من النوع التركي

GMT 17:42 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أسوأ ما يمكن أن يحدث في عام 2024!

GMT 17:44 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

غزة وعنجهية اليمين الإسرائيلي

GMT 14:25 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

ما أبعد الفرق بين 1954 و2023

إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:18 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة بايرن ميونخ في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 15:07 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فائدة غير متوقعة لـ"3 قطع شكولاتة شهريا"

GMT 13:07 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار النفط والأمل معقود على الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib