الدّواعش بعد الصّناعة التّدمير

الدّواعش... بعد الصّناعة التّدمير

المغرب اليوم -

الدّواعش بعد الصّناعة التّدمير

توفيق بن رمضان


   
أوّلا يجب أن نفهم كيف صنع الدّواعش و لمذا صنع الدّواعش بكلّ أصنافهم و أنواعهم، لا شكّ أنّه هناك أرضيّة هيّأت لظهور الجماعات المتطرّفة بكل أصنافها، فعندما تمتهن كرامة المواطن، و عندما تصادر حريّته، و عندما يعذّب و ينكّل به دون شفقة أو رحمة في أقبية أجهزة الأمن، عندها يمكن لأيّ مواطن سويّ و معتدل أن يتحوّل إلى داعشي متطرّف.
 
أمّا السّبب الأساسي لصنع داعش هو تحجيم الدّور الإيراني في العراق و بعد انتهاء المهمّة التّي صنعوا من أجلها، و بعد إزاحة نوري المالكي و بعد التوافق الأمريكي الإيراني على رئيس حكومة جديد في العراق، لم يعد للدّواعش أي فائدة أو مصلحة من وجودهم، و اليوم التّخلّص منهم أصبح ضرورة ملحّة و أكيدة، خاصة بعد انفلات المارد الدّاعشي من القمقم و انتشار العمليّات الدّاعشية كالنّار في الهشيم، الأمر الذي أصبح يهدّد الحلفاء و الأنظمة العميلة في المنطقة، و تحوّل الخطر الدّاعشي إلى كارثة  يصعب محاصرتها و التّحكم فيها.
 
و لكن الدّواعش المساكين و الحمقى الذّين يشكّلون حالة مرضية تتطلّب الدّراسة و العلاج  و أنا أشفق على الكثير منهم، هم بغبائهم و اندفاعهم الدّيني المفرط و الأعمى و الغير عقلاني تصوّروا بكلّ سهولة و بساطة أنّه بإمكانهم إقامة دولة الخلافة الإسلامية، كيف ستسمح لكم المنظومة الغربية المتصهينة بإقامة دولتكم؟ و هم لم يسمحوا للإخوان الذين قدّموا تنازلات أن يحكموا في مصر، و لم يسمحوا من قبل لحماس أن تترأّس حكومة السلطة التّي لا دولة لها و لا كيان، كما أنّهم لم يتركوا الثّورة الإيرانيّة و شأنها، و هم يواصلون محاربتها منذ أكثر من ثلاث عقود، و يحاولون الإطاحة بها المرّة تلوى الأخرى، من حرب صدام إلى التّدخّل الأمريكي المباشر على حدودها الشّرقية في أفغانستان و حدودها الغربيّة في العراق.
 
و من الأهداف الخفيّة من الفتنة السّورية هو ترحيل أزمات الأنظمة الخليجيّة إلى القطر السوري، كما رحّلوا في السّابق الشّباب المتحمّس إلى القتال في أفغانستان بعد اندلاع الثّورة الإيرانية، و ها هم يعيدون الكرّة بترحيل الشّباب الخليجي المتحمّس بعد "التّسونامي العربي" إلى الأراضي السّوريّة ليجمّعوهم هناك و يحقّقوا بهم عدّة أهداف، من تدمير سوريا و جيشها إلى تحجيم الدّور الإيراني و التّخلّص منهم في نهاية الأمر و القضاء عليهم على الأراضي السّوريّة و العراقية بأجناد عرب، و لا شكّ أنّ البقيّة الباقية منهم سوف يلقى بهم في غياهب السّجون عند عودتهم إلى أوطانهم الأصليّة كما فعل بالمجاهدين الأفغان من قبل.
 
 و هكذا تكون الولايات المتّحدة الأمريكيّة قد تمكّنت من التّخلص و القضاء كلّ مشروع مقاتل يمكن أن يواجه جنودها في ساحة من ساحات القتال، بأجناد عرب و على الأراضي العربيّة و لم تخسر جنديّا واحدا و لا فلسا واحد في هاته العمليات، و تكون قد جنّبت حلفائها في المنطقة شرور الثّورات و مخاطر الدّواعش من الشّباب المتحمّس و المندفع بتوفيرهم ساحة قتال خارج أراضي دول مجلس التّعاون الخليجي، و هكذا يكونون قد تخلّصوا بالقتل من كمّ هائل على الأراضي العراقيّة و السوريّة و لاحقا  بالسّجن لم نجى منهم بعد انتهاء مهامهم في سوريا و العراق، و ها هي أمريكا بعد صناعة الدّواعش من كلّ الأنواع و الفصائل تتحالف مع عشرات الدّول للتّخلّص منهم، و الدّواعش الأغبياء و الحمقى و المساكين بغبائهم و حمقهم وقعوا في المصيدة و دمروا أوطانهم و أنفسهم، و بتنطّعهم و اندفاعهم الأعمى خدموا أجندات الأعداء و الصهاينة، و كما يقال يفعل الأحمق بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوّه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدّواعش بعد الصّناعة التّدمير الدّواعش بعد الصّناعة التّدمير



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib