من انتخابات دليلك ملك إلى انتخابات الكش مات

من انتخابات "دليلك ملك" إلى انتخابات "الكش مات"

المغرب اليوم -

من انتخابات دليلك ملك إلى انتخابات الكش مات

توفيق بن رمضان

بعد انتخابات دليلك ملك، في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ،2011 التّي كانت في الحقيقة انتخابات شبيهة إلى حدّ كبير بلعبة دليلك ملك، حيث أن الحظ لعب فيها دورا كبيرا، خصوصًا أنّ الشّعب ذهب لينتخب نكرات لم يكن لهم وجود على السّاحة السياسية، فقد لعب الحظ فيها دورا كبيرا تماما كما هو معمول به في قواعد لعبة دليلك ملك.
وكانت انتخابات التّأسيسي حقّا انتخابات دليلك ملك لا غير، و قد شارك فيها "زعيط و معيط ونقّاز الحيط" و بالتّالي لم تفرز لنا مجلسا تأسيسيا بل مجلسا تهريجيا، كثر فيه التّهريج و الصّراخ و المشاهد السّياسية الكارثيّة من العرجاء و النّطيحة و المتردّية، و قد تمكّن من الفوز بالحظ من لم يكن ليحلم يوما أو يخطر بباله أنّه سيكون نائبا، و قد أبدع المناضل الطاهر هميلة في برنامج سمير الوافي "الصراحة راحة" في وصف من فازوا بقوله "إنّ العديد من النّواب الذّين فازوا في انتخابات التّأسيسي كانوا ضائعين، البعض منهم كان ضائع في الأسواق والمقاهي أو أشغالهم وقد قدّموا قائمات في الدّقائق الأخيرة من آخر يوم في أسبوع تقديم الترشّحات، فوجدوا أنفسهم بالصّدفة يؤذّنون مثل الدّيك تحت قبّة التّأسيسي".
وسبق أن تساءلت في مقال عند المطالبة بمجلس تأسيسي، وقلت هل يمكننا تشكيل مجلس تأسيسي بأحزاب لم تستكمل تأسيسها بعد؟ وإلى اليوم و نحن مقدمون على الانتخابات التّشريعيّة، السّواد الأعظم من الأحزاب التّي ستشارك في الانتخابات هي مجرّد حزيّبات وفقاقيع حزبيّة لم تستكمل تأسيسها بعد، و لا شكّ أنّ الأغلبيّة السّاحقة منها مآلها الاندثار أو الاندماج في أحزاب لها الحد الأدنى من الإمكانات الماديّة تمكّنها من الاستمرار و المواصلة، و كما هو معروف المال قوام الأعمال، و هذا أيضا ينطبق على تأسيس و بناء الأحزاب.
و في الحقيقة المشهد السياسي لم يتغير كثيرا و الانتخابات التّشريعية ستكون شبيهة إلى حدّ كبير بانتخابات المجلس التّأسيسي، حيث أنّ القانون الانتخابي مكّن "من دبّ و هبّ، و زعيط و معيط و نقّاز الحيط" من تقديم قائمات و المشاركة، و ذلك بسبب عدم اعتماد التّزكيّات في تقديم القائمات لضمان الحدّ الأدنى من المصداقيّة و الجدّية.
و بعد تقديم القائمات و تمكين هذا العدد الكبير من المشاركة في كلّ الدّوائر الانتخابية لا شكّ أنّه سيحصل الشّيء ذاته الذي شهدناه في انتخابات التّأسيسي ولا شكّ أنّ الأمر مخطّط له و مدروس بعناية فقد أعادت "التّرويكا" نفس اللّعبة التّي لعبها ضدّهم السّبسي في الانتخابات التأسيسية حيث أنّه تعمّد تشتيت الأصوات حتّى لا تفوز المعارضة بالأغلبيّة السّاحقة، و لكن انقلب السّحر على السّاحر و فازت حركة "النّهضة" بأغلبيّة الأصوات و كان من نصيبها تشكيل الحكومة، ولا شكّ أنّ الأطراف المختلفة تريد المواصلة في المخطط ذاته حتّى يتمكّن الضّعفاء من الفوز بأكبر البقايا ولا يقدر أي طرف من الفوز بأغلبية مطلقة، ليتمكّن من اكتساب شرعيّة انتخابيّة قويّة تمكنّه من أن يحكم عن جدارة و لما لا يشكّل الحكومة.
و لكن رغم كلّ المآخذ عن انتخابات التّاسيسي وهذه الانتخابات فما عايشناه طيلة الفترة السّابقة مكّن الشّعب التّونسي من الفرز، وهذه المرّة الانتخابات ستكون أكثر وضوحا أمام النّاخب وستكون انتخابات "الكش مات" و انتخابات "اللّي حج حج و اللّي عوق عوق" فمن لم يتمكّن من الفوز فسينتهي أمره و يندثر ذكره، ووصفت في مقالات عدة الأحزاب "بالحزيّبات و"الفقاقيع الحزبيّة"، وقلت إنّ مآل الكثير منها الاندثار عاجلا أم آجلا ومن سيقتلع بعض المقاعد فسيتمكّن من المواصلة و المشاركة عن جدارة و من فرزته الانتخابات فلن تقوم له قائمة بعدها، ومستقبلا لن تنفعه القنوات والمشاركات في "البلاتوهات" ولن يجديه تجنيّده لتنفيذ المؤامرات الداخلية والخارجية، وما عليه إلاّ أن يستحي من نفسه و يكفّ عن التّهريج و الصّراخ و التّهييج، و بعدها كلّ سيعرف حجمه و قدره و ما عليه إلا أن يجمع "قشاشوا و يلم دباشوا و يتلم و يروّح".
و في النهاية نقول إن شاء الله هذه الانتخابات "ترتّحنا" من وجوه سئمنا مشاهدتها في الشّاشات والنّظر إليها في الطّرقات و الميادين و السّاحات، وندعو من الله أن يتحقّق الاستقرار و الازدهار و التّوازن و الاعتدال و التّفاهم و الوئام.
نائب سابق وكاتب وناشط سياسي تونسي
romdhane.taoufik@yahoo.fr

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من انتخابات دليلك ملك إلى انتخابات الكش مات من انتخابات دليلك ملك إلى انتخابات الكش مات



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib