أغادير - عبدالله السباعي
دعت فعاليات إقليمية في إنزكان المغربية، بجعل كرنفال "بيلماون" مأسسة احتفالية تُقام في إطار الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك، والتي يشهدها عدد من المدن والبوادي في جهة سوس ماسة درعة.وطالبت الفعاليات، بالتفكير في خلق إطار تنظيمي للارتقاء بها، نظرًا إلى ما تشهده من انتشار وتزايد الاهتمام بها في الآونة الاخيرة، وذلك عبر خلق إطار تنظيمي (جمعية)، تتولى التدبير والتسيير المبني على حكامة تقوم على الشفافية، لقصد الارتقاء به إلى مصاف المهرجانات الدولية، وليكون علامة مميزة للمنطقة، خصوصًا وأنه يحمل هوية محلية.وجاءت مطالب هذه الفعاليات، بعدما شهدت الظاهرة تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بسبب انحرافها عن طابعها الفرجوي إلى طابع تطغى عليه الانحرافات والاعتداءات على طالبي الفرجة، فضلاً على استغلالها من طرف البعض كمناسبة لترويج المخدرات وتنفيذ عمليات سرقة وتحرّشات بالفتيات والنساء، ليتعدى الأمر إلى سلبهن أغراضهن بالقوة، و ذلك عبر التصدي إلى كل من يُسيء إلى هذا الفن أو يُشوه هدفه النبيل "الاحتفال الجماعي والضحك الجماعي"، وعليه وجب محاربة الصور المسيئة، والمشوهة لهذا الفن الفلكلوري الأصيل، حيث اعتبر هؤلاء أن "الفرحة التي تسود الأماكن العمومية التي تحتضنها والتي تُقام فيها هي فرحة جماعية، والفن بذلك لا يخضع إلى مقياس الذوق الفني الخاص وإنما بالذوق العام.وحثّت الفعاليات المسؤولين والمشرفين على هذه التظاهرة، على أن "ينظروا إليها من زاوية أنها ملك جماعي لا فردي، وبالتالي يجب العمل على إزالة كل الشوائب التي التصقت بها في السنوات العجاف السابقة، فهي ليست لأجل الكسب المادي أو التسوّل، ولا يجب على الجمعيات التي تهتم بها أن تستغلها لتمرير رسالات سياسية، أو انتخابية ، أو لخدمة أجندة بعض المسؤولين أو المنتخبين عبر التكسّب منها، أو الركوب عليها لأجل مصالح خاصة أو حسابات حزبية ضيقة"، على حد تعبيرهم.وتختلف تسميات هذه الظاهرة بين مدن جهة سوس ماسة درعة، بين "بيلماون" و "بو البطاين" و "اسمكان" و "بوجلود"، وتنتشر في مدن تيزنيت، أغادير، الدشيرة، انزكان و تارودانت، مع اختلاف بسيط في توقيت ومظاهر وأشكال الاحتفال بها، غير أنها تتقاطع في احتفاليتها الكبرى التي تشهد تنظيم كرنفال احتفالي يجتمع فيه سكان المدينة، بإضفاء البهجة والسرور على أيام عيد الأضحى يُعطي إلى الظاهرة طابعًا جماعيًا.وأرجع المتخصصون هذه الظاهرة، إلى التأثير الأفريقي على الثقافة السوسية عبر سنوات من التلاقح الثقافي والهجرة المتواصلة عبر قرون وعقود من تاريخ رحلات وقوافل التجارة بين المغرب الأقصى وعمقه الأفريقي في بلاد السودان والسنغال وغانا، مما أدى إلى امتزاج عرقي وتاريخي وفني، أعطى عددًا من الألوان الأفريقية الممزوجة والمتواصلة مع الفنون الشعبية المغربية "كناوة" "اسمكان" "بوجلود"، فيما يعزي بعض الانطولوجيين، والانتربولوجيين، الظاهرة إلى ما هو لا ديني وثني، يعود إلى ما قبل ظهور الأديان السماوية، حيث كان سكان هذه الأزمان الغابرة يعتنقون بعض الديانات الطوطامية "عبادة الأوثان" و"اأاحجار" و"النجوم" أو بعض الحيوانات فيتقربون إليها وبها، أو يتشبهون بها، و لذلك فإن الظاهرة، في نظرهم، في عمقها ذات بعدٍ روحي ديني، ولكنها بعد الإسلام اتخذت طابعًا فرجويًا، وإن كانت لا تزال تحتفظ ببعض التأثيرات الطوطامية، ولهذا يجب التعامل معها من زاوية أنها تحمل حقبة تاريخية وشكلاً فنيًا، يؤدي وظيفة فنية وروحية في إطار الاحتفال والاحتفاء بالذات الجماعية.جدير بالذكر أن المسيرة الكرنفالية "بيلماون" لهذا العام في مدينة إنزكان، شهدت مشاركة أكثر من 4500 مشارك ومشاركة، كما تتبّعها عدد كبير من المتفرجين عبر طول الشارع، الذي خصص للاستعراض الفرجوي الفلكلوري الشعبي في نسخته الثانية.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر