أعلن نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس، خلال زيارته إلى القدس، عن خطة أمريكية جديدة تهدف إلى إنشاء "قوة أمنية دولية" في قطاع غزة، وذلك في إطار خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب القائمة في القطاع. وأوضح فانس أن هذه القوة ستتولى مهمة حفظ الأمن مع انسحاب القوات الإسرائيلية، بما يضمن تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة إعمار البنية التحتية الحيوية.
جاء إعلان فانس عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أكد أن بلاده تعمل مع إسرائيل على تنفيذ الاتفاق الذي ترعاه الولايات المتحدة، وأن الهدف هو ضمان الاستقرار المستدام في غزة والمنطقة.
وفي السياق ذاته، شدد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، خلال لقائه فانس، على ضرورة توفير الأمل للإسرائيليين والفلسطينيين معاً، والعمل من أجل مستقبل أفضل للمنطقة. وبدوره، أعرب فانس عن تفاؤله بمضي خطة السلام قدماً، رغم التحديات، قائلاً إن "ما رأيته في الأيام الماضية يشير إلى أننا على مسار مذهل".
وأكد فانس أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض وصاية على إسرائيل، بل تسعى لشراكة استراتيجية طويلة الأمد، مشيراً إلى أن إسرائيل ستؤدي دوراً محورياً في مستقبل المنطقة، وداعياً إلى البناء على اتفاقيات أبراهام لتحقيق استقرار أوسع.
نتنياهو من جانبه أشار إلى أن "العالم بدأ يتغير بفضل الشراكة مع الولايات المتحدة"، وأن إسرائيل "نجحت في عزل حماس وإعادة الرهائن"، مؤكداً أن لدى الجانبين اتفاقات واضحة حول الأهداف وآليات تحقيقها. كما أكد أن إسرائيل تقوم بما يلزم لضمان أمنها، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، التي وصفها بأنها شريك استراتيجي يدعم استقرار المنطقة.
وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي أسفر مؤخراً عن تسليم إسرائيل 30 جثماناً لفلسطينيين عبر منظمة الصليب الأحمر. وذكرت وزارة الصحة في غزة أن بعض الجثامين التي تم تسلمها تحمل علامات واضحة على التعذيب والضرب وتكبيل الأيدي، فيما لا تزال عمليات التعرف على الهويات جارية، وسط دفن جثامين لم يتم التعرف عليها في مقابر خاصة.
وفي تطور آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي استعادة جثماني رهينتين من قطاع غزة، وهما تامير أدار (38 عاماً) وأرييه زلمانوفيتش (85 عاماً)، بعد إجراء الفحوص الجنائية اللازمة. وأفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن العملية تمت بالتنسيق مع الصليب الأحمر، وأن الجثمانين أُدخلا من غزة إلى إسرائيل في إطار الاتفاق الجاري.
من جهة أخرى، أكد وفد من حركة حماس، برئاسة محمد درويش، خلال لقاء مع مسؤولين أتراك في العاصمة القطرية الدوحة، التزام الحركة بوقف إطلاق النار، رغم ما وصفوه بالخروقات الإسرائيلية المتكررة. وأشار درويش إلى أن جهود الحركة مستمرة لاستخراج وتسليم كافة جثامين الرهائن، مشدداً على أن الدمار الكبير في القطاع يعوق الوصول إلى الجثامين ويستدعي معدات خاصة، وهو ما تعمل عليه الحركة حالياً.
في المقابل، أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً أكدت فيه أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وبتسهيل عمل منظمات الإغاثة وعلى رأسها وكالة الأونروا. وأوضحت المحكمة أن إسرائيل لم تقدم أدلة كافية تثبت أن الأونروا فقدت حيادها أو أنها تضم عناصر من حركة حماس في صفوفها، مشيرة إلى أن الوكالة تؤدي دوراً لا يمكن الاستغناء عنه في الظروف الحالية.
الرأي الاستشاري، رغم أنه غير ملزم قانونياً، يحمل وزناً قانونياً وأخلاقياً كبيراً، ويعزز الموقف القانوني للأونروا، التي تعرضت لحملات تشكيك وقيود من قبل إسرائيل منذ بدء الحرب. وكان تقرير دولي صدر في أبريل/نيسان 2024 قد خلص إلى أن إسرائيل لم تقدم أدلة كافية على الاتهامات التي وجهتها إلى الوكالة الأممية، رغم إثارة بعض القضايا المتعلقة بالحياد.
في غضون ذلك، واصلت مصر إرسال قوافل مساعدات إنسانية إلى غزة ضمن مبادرة "زاد العزة"، حيث أعلنت جمعية الهلال الأحمر المصري عن إرسال شحنة جديدة تضم أكثر من 8300 طن من المواد الغذائية والطبية والبترولية. وتدخل هذه المساعدات ضمن آلية تم التوصل إليها في اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار، والتي تنص على السماح بدخول ما يصل إلى 600 شاحنة يومياً إلى القطاع مع تقدم مراحل تنفيذ خطة ترامب.
وبينما تشير بيانات الأمم المتحدة إلى دخول مئات الشاحنات إلى غزة منذ توقيع الاتفاق، لا تزال هناك آلاف الشاحنات في الانتظار على الجانب المصري من الحدود. وأكد برنامج الأغذية العالمي أن الإمدادات الحالية تكفي لإطعام نحو نصف مليون شخص فقط لأسبوعين، مطالباً بفتح مزيد من المعابر، لا سيما معبر زيكيم، للوصول إلى المناطق الشمالية من القطاع التي تعاني من نقص حاد في الغذاء.
في ضوء هذه التطورات، تستمر الضغوط الدولية على إسرائيل لضمان تدفق المساعدات الإنسانية، فيما تنتظر المنطقة الخطوات التالية لتنفيذ خطة السلام التي طرحتها الولايات المتحدة، في ظل تحديات ميدانية وأمنية، ومخاوف إسرائيلية من فقدان السيطرة الأمنية في غزة بعد الانسحاب.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إسرائيل خلال اليومين القادمين لمتابعة تنفيذ الاتفاق، في زيارة تأتي ضمن سلسلة من الزيارات الأمريكية رفيعة المستوى التي تسعى لتثبيت الاتفاق وضمان التزام كافة الأطراف به.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
بنيامين نتنياهو يبلغ نائب الرئيس الأميركي أن إسرائيل لن تسمح للأتراك بدخول غزة
إسرائيل تطالب كندا بعدم تنفيذ مذكرة اعتقال نتنياهو
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر