الدار البيضاء ــ جميلة عمر
توقَّع صندوق النقد الدولي ارتفاع النمو في المغرب إلى 4.8 في المائة نهاية العام الحالي، وهو أعلى معدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستفيدًا من تحسّن الإنتاج الزراعي وظروف دولية مساعدة تتسم بتراجع الأخطار الإقليمية والخارجية، إلى جانب تحسّن في المؤشرات الماكرو اقتصادية. وأنهت بعثة من صندوق النقد أمس جولة استطلاعية إلى المغرب، في إطار المراجعة السنوية للخط الوقائي الائتماني والمادة الرابعة من ميثاق الصندوق.
وقال رئيس البعثة نيكولا بلانشير في تصريح إن "الحسابات الماكرو اقتصادية تبدو جيدة في الاقتصاد المغربي الذي تمكن من تطوير أدائه، والانخراط في مسلسل من الإصلاحات الإيجابية، ساعدت في زيادة المناعة والقدرة على مواجهة الأخطار المناخية والدولية". واستعاد الاقتصاد دورة النمو المرتفع بعد التغلب على مصاعب العجز المالي السابق وخفضها إلى 3.5 في المائة، كما تراجع عجز ميزان المدفوعات الخارجية إلى 3.5 في المائة من الناتج المحلي. وأصبح المغرب أكثر استقطابًا للاستثمارات والتدفقات المالية الأجنبية في المنطقة، خصوصًا نحو قطاعات ذات القيمة المضافة العالمية مثل السيارات وغيرها، وبقي التضخم دون 1 في المائة من الناتج المحلي، بينما يكفي احتياط نقدي أكثر من 6 أشهر من الواردات.
وأشار بيان الصندوق إلى أن "فريق العمل يهنئ الرباط على التقدم المسجل في تعزيز النظام المالي المغربي، ويشجع السلطات على مواصلة الإصلاحات الهيكلية وتحسين مناخ الأعمال ومحاربة الفساد، وتقليص معدلات بطالة الشباب والمرأة والفوارق الاجتماعية وتحسين النظام التعليمي ومهارة العاملين". ويعتقد الصندوق أن تقلبات معدلات النمو ارتباطًا بالإنتاج الزراعي وضعف النمو لدى الشركاء التقليديين للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي والأخطار الإقليمية الخارجية، تبقى من نقاط ضعف الاقتصاد المغربي، الذي عليه مواصلة عدد من الإصلاحات لجعل أداء الاقتصاد أكثر مناعة في مواجهة العواصف الخارجية، وأكثر قدرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومدمجة للفئات الهشة داخل المجتمع. وتتصدر بطالة الشباب قائمة الإصلاحات التي ينصح بها صندوق النقد، عبر تحديث قوانين سوق العمل وجعلها أكثر مرونة ودينامية وانفتاحًا على حاجات الشركات. ويقدر عدد العاطلين من العمل في المغرب بحوالى 1.3 مليون شخص، معظمهم من حاملي شهادات جامعية.
ويدعم صندوق النقد خطة المغرب لتعويم جزء من عملته المحلية. وقال بلانشير: "هذا قرار جيد اتخذه المغرب بشكل سيادي وإرادي من دون إملاءات خارجية، وهو قرار شجاع وتاريخي، ونحن أعددنا دراسات تقنية وتبين لنا أن تحريرًا جزئيًا لسوق الصرف من شأنه زيادة التدفقات الاستثمارية والمالية وتحسين الصادرات إلى أسواق جديدة، خصوصًا في أفريقيا، تسمح بتوسع الشركات المغربية. واستبعد "وجود أخطار على الدرهم أو خفض قيمته كما حصل مع دول أخرى مثل مصر وتركيا والأرجنتين، لأن هامش التحرير سيكون في حدود 5 في المئة، وهي نسبة لن تؤثر في معدل التضخم أو القدرة أو الأسعار".
وأضاف: "وضع المغرب مختلف والظروف تبدو مساعدة للمملكة لخوض التجربة، وكل المؤشرات تشجع على ذلك، لكننا في الصندوق لا نتدخل في طبيعة القرار وموعد تنفيذه" ويتوقع الصندوق ارتفاع الاحتياط النقدي خلال السنوات المقبلة نحو 10 مليارات دولار وقد يصل إلى 42 مليار دولار بحول عام 2022، بعدما كان لا يتجاوز 17 مليارًا عام 2012، تاريخ بدء ثورات "الربيع العربي" التي أملت على الرباط الاستنجاد بصندوق النقد الدولي لتحصيل خط ائتماني وقائي لمواجهة التقلبات الدولية يومها. ومنذ ذلك التاريخ، حصل المغرب على 3 خطوط ائتمان بقيمة 14 مليار دولار سينتهي آخرها العام المقبل وقيمته 3.42 بليون دولار. ويُنتظر أن يدرس مجلس المحافظين في واشنطن الشهر المقبل حصيلة الخط الوقائي الائتماني وإمكان اعتماد خط رابع عام 2018. وتوقع الصندوق ارتفاع الدخل القومي المغربي إلى 137 بليون دولار عام 2022، بزيادة نحو 31 مليار دولار، ما يعني تحسّن الدخل الفردي بنحو 900 دولار.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر