تونس - حياة الغانمي
مازال موضوع الباعة الجائلين يملأ الدنيا ويشغل الناس، ففي الوقت الذي تعتبر فيه السلطات أن القانون فوق الجميع وأنه لا بد أن يتم القضاء على الانتصاب في الشوارع وعلى الأرصفة مهما كانت الظروف، يرى التجار أنهم لن يفرطوا في موارد رزقهم مهما كان الثمن، وقد تم أخيرا القيام بحملات للقضاء على الانتصاب الفوضوي في العاصمة تونس، وقال والي تونس السيد عمر منصور إنه تم تخصيص فضاءات للتجار وهي تتسع لقرابة الألف، واكد أن الانتصاب في الشوارع وعلى الأرصفة وأمام المساجد سيدخل طي النسيان باعتبار أنه لا مجال للتراجع عن التصدي للمنتصبين فوضويا.
وردًا على حملات الشرطة البلدية، نفذ الباعة المتجولون، الإثنين، وقفة احتجاجية أمام ولاية تونس، أردفوها باحتجاجات في كل من "الخربة" ونهج الجزيرة، وقد أدت الاحتجاجات في الخربة إلى ملاحقات أمنية انتهت باعتقال ما يقارب 80 بائعا. وتابع "العرب اليوم" هذه الاحتجاجات وتحدث إلى عدد من التجار وإلى كاتب عام نقابة التجار المستقلين معز العلوي.
فضاءات غير مؤهلة
ويقول العلوي إن التجار المستقلين هم أول من بارك قرار تخصيص فضاءات منظمة للقضاء على الانتصاب الفوضوي. وبيَّن أن النقابة كانت قد أبرمت اتفاقا مع ولاية تونس منذ أشهر، ينص على عدم الانتصاب بالمسالك السياحية (شارع فرنسا) في حين يمكن الوقوف بعدد من الأنهج بالعاصمة وذلك إلى حين تهيئة الفضاءات المخصصة للباعة، وقد تعهدت الولاية على حد تعبيره بإنهاء أعمال الفضاءات الكائنة بنهج منجي سليم 1 و2 ونهج بالحسن جراد إضافة إلى فضاء آخر بمنطقة سيدي البشير على أن تكون جاهزة للاستغلال بداية من اخر يوم في شهر رمضان، لكن اتضح حسب قول معز العلوي أن الفضاءات الأربعة مازالت لم تقع تغطيتها. وأن ولاية تونس تنقصها الاعتمادات المالية لاستكمالها، مؤكدا أن التجار المستقلين على استعداد للتحول إلى هذه الفضاءات بعد استكمال تجهيزها.
وأضاف معز علوي أن "الباعة الجائلين" لم يرفضوا التحول إلى هذه المقرات قائلا: "بالعكس نحن نرحب بفكرة تنظيم القطاع وتوفير فضاءات محترمة للتجار المستقلين لينتصبوا فيها، لكن كيف نؤخذ من أماكننا ليتم وضعنا في "قراجات" ليس فيها لا "حمامات" ولا سقف ولا أية مرافق توحي بأنها حقا فضاءات للتجار. وتساءل معز العلوي عن الاضافات التي تم تقديمها للبائع المستقل الذي يكدح يوميا ويشفى من اجل الربح القليل ومع ذلك لم يطالب الحكومة بشيء، وشدد على أن كل التجار المستقلين يطالبون إما بتهيئة الفضاءات التي يتشدقون بأنهم وفروها للتجار، أو أن يتركوهم في حال سبيلهم لينتصبوا في أماكنهم الاعتيادية بالأنهج والشوارع التي ألفوها وألفتهم.
من جهتها تحدثت إحدى المشاركات في هذه الوقفة الاحتجاجية عن حجم الظلم للذي تعرضت له في حياتها، فهي مطلقة وحاملة لبطاقة معاق بسبب الاعتداءات بالعنف التي تعرضت لها من قبل طليقها وقالت إنها تعيل ابنها المتفوق في دراسته من خلال بيع بعض مواد التنظيف، وقالت إنه بتوقفها عن العمل بسبب منعهم من الانتصاب وجدت نفسها وعائلتها بلا عائل، بكت هذه السيدة من القهر الذي تشعر به ومن الفقر الذي يصر على ملاحقتها رغم أنها ترغب في العمل وفي الاسترزاق من عرق جبينها.
شغل وكرامة
عشرات الباعة اجتمعوا في الخربة وفي نهج الجزيرة مطالبين بالشغل وبالكرامة ،معتبرين أن جرهم غصبا إلى تلك المستودعات فيه مس كبير من كرامتهم وهم لن يقبلوا بذلك أبدا، وتوجّه معز العلوي إلى رئيس الحكومة والى الوالي بطلب واحد وهو تأهيل هذه الفضاءات والاخذ بعين الاعتبار كل التجار الذين يصل عددهم إلى الألف تقريبا، ودعا العلوي إلى ضرورة إكمال ما بدؤوه في 2012 عندما صرفت لهم الاعتمادات لتجهيز فضاء قرطاج، وشدد على أن التجار سينفذون وقفة احتجاجية هذا الخميس أمام الولاية وسيمهلون الحكومة إلى يوم الاثنين المقبل لتنظر في أمر هذه الفضاءات، فإن لم تسوي الأمر سيضطرون إلى العودة إلى أماكنهم الاعتيادية وسط العاصمة. والوالي يصر على إنهاء البيع الفوضوي والتجار المستقلين يصرون بدورهم على الانتصاب في العاصمة مادامت الفضاءات غير مهيئة، فإلى أين تسير هذه الظاهرة.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر