الذكاء اللُّغويّ دليل على العبقريّة ويُمكنك من العيش بثقة وبراعة
آخر تحديث GMT 01:19:40
المغرب اليوم -

لا تغيب المفردةُ أبداً إذا كان المرء مسيطراً على فكرته

الذكاء اللُّغويّ دليل على "العبقريّة" ويُمكنك من العيش بثقة وبراعة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الذكاء اللُّغويّ دليل على

الذكاء اللُّغويّ
الرياض ـ سعيد الغامدي

أنْ تُولد بملَكةٍ لُغويّة [جبّارة] مقارنةً بأقرانك فقد وُهِبتَ آلةً بالغة التفوّق تُمَكِّنك من العيش ببراعة، وما عليك إلا الثقة بها والحِفاظ عليها، حسناً! لنتّفق -بدايةً- على تعريفٍ جامعٍ لماهية الذكي لُغويّاً، إضافةً إلى مخزونه اللغويّ الواسع وقدرته على التصرّف بالكلمات -كوحدة لُغويّة-، ونَفَسه الجدليّ العالي، وقابليّته الذهنية لتعلّم اللغات، فهو مَن يُعطي اعتباراً للمتلقي، ويبَني تعبيراته -بإيجاز- من منطلق السياق والمعرفة المشتركة بينهما، كما يبرع في شرح مقاصده بلا تشنّج؛ لثقته المُتّزنة بقُدرته. كما أنّ اللغةَ والمنطق لا ينفصلان، إذ ستجده لمّاحاً ومقنعاً ومنطقياً في نقاشاته. ولكونهِ يعرف مكامن اللغة وحدودها فإنه الأقدر على تجنّب الَّلغوِ والتطويل والغريب من الألفاظ.

والتعريف مانعٌ عمَّن يحتشد اللغة ويَلوكها بشاعريّة مفتعلة إلى أنْ يُرقِّق من وزنِ فكرته الخام فيقع في الحشو اللغويّ (فكرة واحدة تُكرَّر في نصٍّ واحد بأكثر من صيغة وصورة بلاغيّة)، وهنا أجرؤ على تحليلٍ لساني- نفسيّ إلى أنَّ البعدَ المقصود عن الإيجاز ناتجٌ إمّا عن الخوف من عدم التأثير على المتلقي، فيجيء الحشو كمحاولات إقناع واستجداء، وإما قد يكون ناتجاً عن التشكيك الشخصيّ بجودة الفكرة المطلوب إيصالها للمتلقي.

قد وقعتُ على اقتباسٍ ثمين لحالة الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير لمّا قال: "حين أقع في السجع المبتذل أو التكرار السيِّئ، أعلم يقيناً أنني أتخبّط في الغلط. [...] إذْ لا تغيب المفردةُ أبداً إذا كان المرء مسيطراً على فكرته".

اقرا ايضًا:

 علماء في جامعة ستانفورد الأميركية يطورون حورية بحر آلية

أعتقد غالباً بإمكانية أن يكون أي شخص ذكياً، بل عبقرياً، ولكن حصيلته اللغوية تجعله يبدو مفلساً فكرياً. فمهما أقدم على ترجمة فِكره ومكنونات نفسه فإنه يخفق، ولربّما ظَنَّ واهماً بأنه ليس صديقاً للغة وانغمس في وهمهِ بينما يُلقّن ذاته بعبارات مغلوطة، مثل: "أنا ذكي منطقيّاً، لكني فاشلٌ في اللغة"، وهذا -على الأرجح- خلطٌ وسوء تقدير واضح، فبحسب دراسات خبراء الذكاء، فإن هذين النوعين من الذكاء، أعني الذكاء اللغوي والمنطقيّ، يرتبطان ببعضهما ارتباطاً جذريّاً، ويدعم كل منهما الآخر؛ فكلاهما لغات طبيعية تحتوي على الأبجديات الأساسية الصغيرة (الحروف/الأعداد)، وكلاهما يدمج بين عناصر أبجدياته لتكوين مجموعات فرعيّة أو مجموعات كبرى ذات معنى (كلمات/جمل، مجموعات/معادلات)، كما أنهما من المكوّنات الأساسيّة لاختبارات الذكاء النموذجيّة، حيث يشتركان في كون مادتهما تتحدّى العقلَ وتُحفّزه من أجل تكوين الروابط بين عناصرهما، كما أنها تلهم العقلَ بالإبداع والابتكار، وتدفعه إلى تهذيب وصقل عمليّاته، وعلى الفَهْمِ والتفكير بصورةٍ أجلى، وعليهِ، فلا حجة للافتراض السابق، بل العكس هو الصحيح. والأمر مشروطٌ فقط بالتطويرِ فالممارسة؛ لإيقاظ المَلكة اللغوية الكامنـة، وذلك بوساطـة الألعاب والأحجيات؛ لكونهـا تزيـد من نشــاط المناطق المتعلقة بالحديثِ والكلام في المخ. بالإضافة إلى ممارسة التدريبات اللغوية التقليديــة كالقـراءة، والكتابة التجريبية، والحديث المتصل بموضوعات عميقة، وغيرها.

هذا وينطبق الأمر نفسه على الذكي لُغويّاً الذي يَزعم ضعفه في المنطق/الرياضيات لمجرّد ميله الذوقيّ للُّغة، أو لكونه لم يختبر ذكاءه المنطقي بعد، أو أنه رغِبَ الركونَ إلى هذا الوهم؛ ليُريح ذهنه في منطقة الراحة، بالرغم من أنه المخوّلُ للتجاسر على مناطق فاعلة أكبر، فبحسب البروڤيسور "لويس إم. تورمان" (خبير الذكاء من جامعة ستانفورد) فإن الذكاء اللغويّ مؤشرٌ ناجح للغاية على النجاح المثالي في الحياة الأكاديمية والمهنية وفي مستوى الذكاء العام ككل! كما نعرف أن الذكاء اللغوي ما هو إلا واحد من عشرةِ أنواع مختلفة من الذكاء، من بينها الإبداعي، والاجتماعي، والمكاني، والمنطقي، والروحي، والشخصي، والحسيّ، والجنسي، والجسماني، وكل واحد منها ينتفع من تحسين الأنواع التسعة الأخرى. لذا، عندما تسعى نحو تطوير ذكائك اللغويّ تعمَل في الآن نفسه من أجلِ تطوير باقي الأنواع التسعة. فإن اللغةَ هي ترسانة الأسلحة الخاصة بالعقل البشريّ.

قد يهمك ايضًا:

إدمان النيكوتين يؤثر سلبًا على الحياة المهنيّة للمدخنين ويسبِّب صعوبة

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء اللُّغويّ دليل على العبقريّة ويُمكنك من العيش بثقة وبراعة الذكاء اللُّغويّ دليل على العبقريّة ويُمكنك من العيش بثقة وبراعة



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:24 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم
المغرب اليوم - أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم

GMT 19:30 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
المغرب اليوم - الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها

GMT 04:12 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 00:44 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الممثلة ميريل ستريب تتحدّث عن معاناة المرأة بشكل عام

GMT 03:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

"دولتشي أند غابانا" تطرح مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 16:35 2023 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.6 ريختر يضرب شرق روسيا

GMT 10:12 2023 الأربعاء ,10 أيار / مايو

مقتل صحفي فرنسي في قصف روسي في شرق أوكرانيا

GMT 14:51 2022 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

بيدري نيتو يغيب عن كأس العالم 2022 بسبب الإصابة

GMT 21:41 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أقوى خلطة طبيعية لتطويل الشعر بوقت قياسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib