قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إن ما تحقق في قضية المرأة رغم أنه يدعو للارتياح إلا أنه يظل غير كاف، داعيا بالمناسبة إلى ضرورة تغيير التمثلات المجتمعية، وتجنب التجاذبات في قضية نبيلة وشرعية، مشددا على أن الطريق إلى المناصفة والمساواة “ما يزال طويلا وشاقا”.
وأفاد العلمي، ، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الثانية للمنتدى البرلماني السنوي للمساواة والمناصفة، أنه على مدى 26 عاما من حكم الملك محمد السادس “كانت قضايا النساء وحقوقهن، والتمكين لهن، في صلب الإصلاحات التي اعتمدتها المملكة”.
وأردف أنه “إذا كان لنا أن نفخر، اليوم، بما حققته بلادنا على هذا الطريق، طريق التمكين متعدد الأوجه للنساء وإنصافهن، فإنه يتعين علينا العمل باجتهاد أكبر في الأفق المتقدم والراقي لأحكام الدستور، وطموحات المجتمع نفسه، وفي قلبه الطموح المشروع لنساء المغرب في المساواة والمناصفة مع الرجال”.
ولفت رئيس مجلس النواب إلى أنه في ظرف ربع قرن فقط، أنجز المغرب إصلاحات جوهرية على هذا الطريق من عناوينها مدونة أسرة في سنة 2004، وفتح ورش مراجعة هذه المدونة في 2023، إضافة إلى “تشريعات متقدمة لحماية النساء من العنف بمختلف أشكاله، وتشريعات لتكريس التمييز الإيجابي لفائدة النساء لتمكينهن من ولوج مراكز القرار والمؤسسات التمثيلية والتداولية وطنيا وترابيا، وسياسات وبرامج عمومية تجعل المرأة في صلب التنمية، إنجازا واستفادة”.
وأشار إلى “الحرص على أن تتبوأ النساء مراكز القرار التنفيذي مركزيا وترابيا؛ إضافة إلى سياسات إرادية في مجال التعليم بدءًا من التعليم الأولي”، لافتا إلى “تثمين وتحفيزات ملموسة رفعت عدد النساء اللاتي يُعِلْنَ أسرة أو تساهمن في إعالتها من موارد ومؤسسات الاقتصاد الاجتماعي إلى أكثر من 270 ألف سيدة، الأغلبية الساحقة منهن في الوسط القروي”.
وشدد الطالبي على أنه “وإذا كان ما تحقق يدعو للارتياح، فإنه بالتأكيد غير كاف، ويسائلنا جميعا ويضعنا أمام مسؤوليات تغيير التمثلات المجتمعية عن قضية المساواة والمناصفة، وتحويل هذا المبدأ، وهذه القيمة، إلى مُكَوِّنٍ ثقافي وسلوكٍ اجتماعي، يَتَمَلَّكُهُ الجميع، ويتصرف الفاعلونَ السياسيون والمؤسساتيون والمدنيون على أساسه في قراراتهم”.
وأكد ضرورة البناء على التراكم في الإصلاح، وتجنب التجاذبات في قضية مجتمعية هي على درجة من النبل والشرعية والقيمة التاريخية، ما يفرض علينا التوافق والاحتكام إلى الدستور بشأنها، وتَمثل فلسفة حُكم الملك محمد السادس وحرصه على المساواة والإنصاف”.
ودعا الطالبي إلى التأسيس على المكاسب المقدرة المحققة خلال العشريتين الأخيرتين، موضحا أن عدد النساء في مجلس النواب انتقل من نائبتين سنة 1993 إلى 35 سيدة في 2002، وإلى 96 عضوة في المجلس الحالي، أي بنسبة 24.30 في المئة.
وارتفعت نسب عضوية النساء في الوحدات الترابية، وفق الطالبي، من 2.21% في المجالس الجهوية سنة 2009 إلى 37.61%سنة 2015 ثم إلى 38.50% في 2021، وفي المجالس الإقليمية من 2.25% سنة 2009، ثم 4.18% سنة 2015 إلى 35.60%سنة 2021، وفي الجماعات المحلية من 12.33% سنة 2009 إلى 21.18% سنة 2015 و26.64% حاليا.
وأوضح أنها مؤشرات دالة جدا على “التطور الملحوظ الذي حققته بلادنا في مجال التمكين السياسي للنساء وتيسير حضورهن في المؤسسات التداولية التمثيلية. وهي تجسد بالملموس أثر إعمال التشريعات الإرادية والذكية التي اعتمدتها بلادنا”.
وأكد رئيس الغرفة الأولى للبرلمان أن “ما تحقق، مقارنة حتى مع الممارسات الدولية المقارنة في البلدان ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، واعد ودليل على أننا نسير في الطريق الصحيح، الطريق إلى المناصفة والمساواة الذي ما يزال طويلا وشاقا بالتأكيد، ولكنه طريق آمن ومبني على أسس متينة”، داعيا إلى البناء على هذا المنجز من “تواجد النساء في الهيئات التمثيلية الجهوية والإقليمية والمحلية، باعتبارها مشتلا لاستنبات النخب، لمواصلة المسار إلى هدف المناصفة”.
وأردف أن هذا الهدف يعتبر مشتركا سياسيا بين مكونات الحقل الحزبي الوطني، ويضعنا أمام مسؤوليات عديدة منها “مسؤولية تمثل مبادئ المناصفة والمساواة والإنصاف والتمكين وجعلها التقائية في العمل العمومي السياسي والمدني وترسيخ هذه الثقافة في المجتمع، والتربية عليها وجعلها جزءا من تنشئتنا الاجتماعية وفي ثقافتنا السياسية”.
وأبرز ضرورة التعبئة الجماعية من أجل “تثمين تجارب النساء البرلمانيات بعد انقضاء فترة انتدابهن، وجعل هذه الكفاءات رافدا لمشروع وطني للتداول بين النخب وإعادة تدويرها وفتح المجال أمامها”.
وفي هذا السياق، لفت الطالبي إلى أنه “إذا كان عدد عضوات مجلس النواب المتراكم منذ 1993، يبلغ 318 برلمانية، تمرسن على العمل البرلماني والسياسي واكتسبن خبرات ميدانية، فإنه ينبغي استثمار هذه الكفاءات وتحفيزها على مواصلة الاشتغال في المجال العام، وجعلها مساهمة في تغذية وتطوير العمل السياسي والمدني والمؤسساتي”.
وأبرز راشيد الطالبي العلمي أن التمكين السياسي للنساء “يعني استثمارا لكفاءات قد تكون معطلة، ولاجتهادات تفيد التنمية والتقدم، وإطلاقًا لطاقات تحتاجها التنمية، كما تحتاجها الديمقراطية التمثيلية”، مشددا “يتعلق الأمر إذن بحاجة وطنية وبحقوق أساسية وبضرورة للتنمية المحتاجة إلى ذكاء نساء المغرب كما شبابه ورجاله في سياق الصعود الجاري إنجازه بثبات”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر