الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين
آخر تحديث GMT 11:40:32
المغرب اليوم -

الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين

لندن ـ سليم كرم

تسود أجواء من الإحباط واليأس مدينة حلب السورية التاريخية القديمة، حيث بات الظلام فيها مع قدوم فصل الشتاء يحل مبكرًا، ومع اقتراب لحظة الغروب في هذه المدينة التي تعيش كابوسًا هو الأسوأ منذ بداية الثورة في سورية، تجد الناس تهرول إلى بيوتها عبر الشوارع، التي باتت مليئة بحفر قذائف المدفعية، وأكوام أنقاض البنايات المتهدمة، وجبال النفايات والقمامة، التي لم تجد من يحملها منذ أشهر عديدة. فبات الجميع في هذه المدينة يقضي الليل وهو يرتعش من قسوة البرد في الظلام، بلا أضواء ودون تدفئة وبلا طعام تقريبًا. يقول عمر أبو محمد (55 عامًا) وهو أحد السكان القلائل الذين لم يغادروا أحيائهم التي دمرتها القنابل "إننا نقضي الليل نلتحف بالأغطية من قسوة البرد، بلا عمل وبلا مال وبلا حياة". و يضيف وهو يهرع إلى داخل مسكنه "حان الوقت لدخول المنزل قبل ظهور القناصة". كما تتواصل أصوات قذائف المدفعية في أماكن مختلفة في حلب، إلا أن الناس هناك اعتادوا على سماعها، دون مبالاة، على الرغم مما تشكله من تهديد على حياتهم. كما أن الأمطار والسحب والغيوم قللت من حركة الطيران السوري، الأمر الذي يمنحهم بعض الراحة من الغارات الجوية. و تشير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن مطلع الشتاء الثاني على سورية منذ بداية الثورة السورية قبل 21 شهرًا يأتي بكارثة إلى شعب أنهكته الحرب والعنف، فهو يأتي بالجوع والبرد القارس والمرض، وهي عوامل تشكل تحديات يومية للناس في المدينة. و يقول السائق عبد الله أبوعوف (29عامًا) الذي يناضل من أجل إطعام ابنه في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار الوقود والغذاء "نستطيع أن نختبئ من قذائف المدفعية، ولكني لا استطيع أن أتحمل طفل جائع في ظل عدم وجود خبز". ومع ذلك فهو عاجز لا يستطيع أن يفعل شيئًا.  ولا يقتصر الوضع الرهيب على حلب وحدها، فهناك تقارير تشير إلى قيام الكثيرين في سورية بحثًا عن الطعام في أكوام القمامة والنفايات، واستخدامهم أخشاب حطام البنايات في التدفئة، ووقوفهم في طوابير لساعات من أجل الحصول على كسرة خبز، في ظل توقف المخابز الحكومية عن العمل. وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى مبلغ مليار ونصف المليار دولار من أجل مساعدة ما يقرب من نصف مليون سوري من اللاجئين. وهناك مخاوف من أن يكون حجم المعاناة أكبر من ذلك، في ظل عدم التمكن من معرفة أحوال الكثيرين، الذين يبلغ عددهم أربعة ملايين سوري، لسبب صعوبة وصول الصحافيين أو منظمات الإغاثة إليهم. وفي المناطق التي تسيطر عليها المقاومة في حلب، تبدو مظاهر البؤس واضحة، حيث يأمل "الجيش السوري الحر" وقوات المقاومة في دحر القوات الحكومية، وإخراجها من المناطق الريفية المحيطة بالمدينة، إلا أن محاولاتهم تفتقد إلى التخطيط والنضج، وسرعان ما تتوقف، ويكتفي الطرفان بتبادل النيران والقذائف. وتتحكم القوات الحكومية في منطقة وسط البلد والأحياء الثرية في الغرب، بينما تتحكم المقاومة في المنطقة الشمالية الفقيرة. أما المنطقة الوسطى التاريخية فهي ساحة القتال. وفي ظل استمرار القتال، تواصل البنية التحتية في المدينة الانهيار، حيث تستهدف الغارات الجوية المرافق في المناطق التي يسيطر عليها المقاومة، بما في ذلك المستشفيات والمخابز، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي. هذا، و يحاول مجلس الثورة الانتقالي في حلب والذي تم تشكيله للقيام بمهام الحكومة المحلية في تخفيف حدة أزمة الخبز، التي كانت تستغرق وقوف الناس لفترة 16 ساعة في طوابير.  أما عن المصانع والشركات التجارية، فقد توقفت عن العمل، واختفت فرص العمل، وعلى الرغم من توفر اللحوم الطازجة، إلى أن أسعارها ليست في متناول الفرد المتوسط الحال، الذي فقد وظيفته منذ أشهر. و تقول نادية لبان (25 عامًا) التي قتل زوجها قبل شهرين أنها تمضي هي وطفليها أيامًا دون أكل، وقد انضمت إلى طائفة الشحاذين الذين يجوبون الشوارع، من أجل أن يعطف عليهم أحد. كما ينتشر المرض بسهولة في ظل ضعف مناعة الناس جراء الجوع، في مدينة انهار نظام الصرف الصحي فيها. وظهر مرض السل في بعض المناطق في المدينة، وبعض أمراض التهابات البشرة. و يشير أحد الأطباء هناك إلى أن أعداد المرضي في تزايد في الأونة الأخيرة، حيث يصله ما يقرب من 150 مريضًا يوميًا، و يقول صيدلي أن هناك انتشار لأمراض مثل التهاب الكبد والجهاز التنفسي والجرب. بالإضافة إلى إغماءات بسبب الجوع والانهيار في طوابير الخبز، وهي مشكلة تتفاقم يومًا بعد يوم. و يضيف السائق أبو عوف أن "الصراع بدأ بكلمات ثم رصاصات ثم قنابل ثم صواريخ ثم غارات جوية، وها نحن الآن في انتظار الأسلحة الكيماوية". وهناك من يلقي باللائمة على جيش التحرير السوري، لأنه بدأ حرب لم يستطيع حتى الآن إنهائها، بينما يلوم آخرين النظام السوري، لسبب تصعيد استخدام العنف لسحق المقاومة. أما أمثال أبو عوف، وهم كثيرون، فهم يلقون باللائمة على الطرفين، حيث يقول أن "المدنيين وقعوا ضحايا للطرفين الذين يستخدمان المدنيين وقودًا لحربهما". بينما يقول آخرون أنه "لا خلاف على الثورة، وإنما الخلاف على توقيتها ، فقد كان ينبغي أن تكون تدريجية، بحيث تطالب في البداية بوقف الفساد، ثم تتطرق بعد ذلك إلى قضايا أخرى". و تؤكد امرأة أخرى أنها على يقين بأن الحكومة سوف تسقط، ولكنها تخشى من أن يستغرق هذا وقتًا أطول مما ينبغي. واختتمت كلامها بالقول بأنها لا ترى أي أمل في تحسن أحوال البلد.  

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين



GMT 18:35 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

88 دولة تعلق خدمات البريد مع الولايات المتحدة

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:40 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

جمهور "الرجاء" ضمن أفضل عشرة مشجعين في العالم

GMT 02:22 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "DFSK" تطرح السيارة "K01" في مصر بـ46 ألف جنيه

GMT 10:13 2023 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يُؤكد أنه يقف بنسبة 100 بالمئة إلى جانب إسرائيل

GMT 16:52 2022 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب البرازيل يعلن مدة غياب نيمار عن الملاعب

GMT 18:23 2022 الإثنين ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يعلن اكتشاف كمية مهمة من الغاز قبالة سواحل العرائش

GMT 06:33 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تضاعف الاستثمارات الخارجية للمغرب 5 مرات مع نمو الصادرات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib