فلوريدا / غزة - المغرب اليوم
في ظل تصاعد التوتر الميداني في قطاع غزة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس لا يزال قائماً، رغم الغارات الجوية الإسرائيلية التي نُفذت خلال الساعات الماضية على مواقع متفرقة في القطاع، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. تصريحات ترامب جاءت خلال حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء توجهه إلى ولاية فلوريدا، حيث شدد على أن ما جرى لا يعني انهيار الاتفاق، بل يعود إلى "خروقات معزولة" من قبل ما وصفها بـ"عناصر متمردة داخل الحركة".
وأضاف ترامب أن بلاده تتابع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار عن كثب، لكنها لا تضع جدولاً زمنياً محدداً لنزع سلاح حركة حماس، معتبراً أن المسألة "تخضع لظروف ميدانية معقدة"، ومؤكداً أن الولايات المتحدة "قد تتدخل أو توكل هذه المهمة إلى حلفائها" في حال لم تلتزم حماس بتعهداتها. كما أوضح أن الحركة أبدت استعداداً لنزع السلاح، ولكن في حال عدم التنفيذ "فسنكون مضطرين للتصرف"، على حد تعبيره.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق الأحد تنفيذ غارات جوية ومدفعية على ما وصفها بـ"عشرات الأهداف التابعة لحماس" في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وذلك رداً على مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم وقع في مدينة رفح جنوب القطاع. وأفاد الجيش بأن الغارات استهدفت مخازن أسلحة، مواقع إطلاق نار، وخلايا مقاتلة، بالإضافة إلى نفق بطول ستة كيلومترات، قال إنه كان يُستخدم في "تنفيذ عمليات ضد إسرائيل".
ورغم هذا التصعيد، عاد الجيش الإسرائيلي وأكد في بيان له أنه استأنف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار "بناء على توجيهات المستوى السياسي"، مؤكداً أن "كل خرق مستقبلي سيتم الرد عليه بقوة"، مع استمرار التنسيق مع الوسطاء الدوليين لضمان عدم تفجر الوضع مجدداً.
في المقابل، نفت حركة حماس مسؤوليتها عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل الجنديين الإسرائيليين، مشيرة إلى أن المنطقة التي شهدت الحادث "خارج نطاق سيطرتها"، وأن الاتصال مقطوع مع بعض المجموعات المسلحة في تلك المناطق منذ شهور. كما جددت الحركة تمسكها بالاتفاق، وأكدت في بيان صادر عن جناحها العسكري، كتائب القسام، التزامها الكامل بوقف إطلاق النار، نافية علمها بوجود أي نشاط عسكري لعناصرها في تلك المنطقة.
وأسفر القصف الإسرائيلي المكثف، بحسب مصادر طبية في غزة، عن مقتل 44 شخصاً في يوم واحد، بينهم نساء وأطفال، فيما أصيب أكثر من 50 آخرين بجروح متفاوتة. وسُجلت نصف حالات الوفاة تقريباً في مستشفى العودة بمخيم النصيرات، نتيجة غارات استهدفت مناطق مكتظة بالسكان في مخيمي النصيرات والبريج وسط القطاع. وأظهرت مشاهد ميدانية تصاعد أعمدة الدخان الكثيف من مواقع القصف، في وقت هرع فيه السكان لإجلاء الجرحى والبحث عن ناجين تحت الأنقاض.
كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة تسلّمها دفعة جديدة من جثامين الفلسطينيين الذين كانوا محتجزين لدى السلطات الإسرائيلية، وقالت إن عدداً من الجثث تحمل آثار تعذيب واضحة، بما في ذلك تكبيل الأيدي وتعصيب الأعين. وأفادت بأن هذه هي الدفعة الخامسة منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ليصل عدد الجثامين التي تم استلامها إلى 150، تم التعرف على 25 منها حتى الآن من قبل ذويهم.
وفي سياق متصل، أعلن مسؤول أمني إسرائيلي تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بعد الهجمات، بقرار من القيادة السياسية، معتبراً أن ذلك يأتي "رداً على الانتهاك الصارخ للاتفاق من جانب حماس"، إلا أن استئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار قد يشير إلى احتمال استئناف إدخال المساعدات الإنسانية قريباً.
وفي تطور آخر، رفضت إسرائيل إعادة فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، واشترطت تسليم جثامين بعض الرهائن المتوفين لإعادة تشغيله. القرار الإسرائيلي جاء رداً على إعلان سابق من السفارة الفلسطينية في القاهرة بشأن فتح المعبر لعودة الفلسطينيين العالقين. وقد وصفت حركة حماس هذا القرار بأنه "انتهاك فاضح للاتفاق"، محذّرة من أن ذلك قد يؤثر على التزامها ببعض البنود المتعلقة بتبادل الجثامين.
وبحسب وزارة الصحة، بلغ عدد القتلى في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى اليوم 68,116 شخصاً، فيما بلغ عدد المصابين 170,200. وذكرت الوزارة أن عمليات التحقق من بيانات الضحايا لا تزال جارية، وسط تحذيرات من تدهور الوضع الإنساني في ظل استمرار الإغلاق وتباطؤ دخول المساعدات.
وتبقى الأوضاع في القطاع رهينة ميدانية وسياسية متقلبة، في وقت تتعالى فيه الدعوات الدولية لضبط النفس وتثبيت وقف إطلاق النار، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى موجة جديدة من التصعيد الشامل.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
بوتين يعرض إنهاء الحرب في أوكرانيا مقابل شرط يقدمه لترامب