الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
المغرب

الرباط - المغرب اليوم

ربطت ورقة بحثية صادرة عن المعهد المغربي لتحليل السياسات التناقض بين ما تم تحقيقه على مستوى مؤشر "ممارسة الأعمال" وبين ما تم تحقيقه على مستوى النمو الاقتصادي بطبيعة البيئة المؤسساتية في المغرب، لا سيما ما يتعلق بضعف حكم القانون، وانخفاض مستويات الحوكمة، وحماية الملكية الخاصة، ومكافحة الفساد، واعتبرتها "مؤشرات تظهر المعوقات البنيوية للاستثمار".

الورقة التي أعدها الباحث الاقتصادي رشيد أوراز، سجلت أن هذا الأمر يجعل من تصنيف البنك الدولي لمناخ الأعمال تصنيفا تقنيا لا يعكس بشكل دقيق واقع ومناخ الأعمال المعقد في البلد.

وقالت الورقة إنه بناء على تقارير "Doing Business" سيظن المتتبع أن تقدم المغرب على مستوى التصنيف العالمي لممارسة الأعمال يعتبر مؤشرا على تحسن شروط الاستثمار، في حين إن نظرة معمقة إلى الواقع الاقتصادي تكشف أن ما حققه البلد على مستوى هذا المؤشر لم ينعكس على واقع الاستثمار وعلى النمو الاقتصادي في المغرب خلال السنوات الأخيرة.

وبدل أن ينعكس تقدم المغرب على مستوى مؤشر "مناخ الأعمال" على معدل نموه الاقتصادي، حصل تناقض بين تطور المتغيرين؛ فخلال العشرية 1998-2008، عندما كان تصنيف المغرب خارج المائة الأفضل على مستوى "ممارسة الأعمال" عالميا، كانت معدلات النمو في المغرب تتراوح بين 3 و7 في المائة، في حين إن العشرية الأخيرة 2009-2019 التي تحسن فيها ترتيب المغرب في مؤشر "مناخ الأعمال"، كان معدل النمو فيها أقل من ذلك بكثير أحيانا.

وبالنسبة لأوراز، فالتحسن جرى على الورق فقط، حيث تطور ترتيب المغرب بشكل لافت فيما يخص سهولة ممارسة الأعمال، حسب تقرير "Doing Businees"؛ إذ انتقل ما بين سنتي 2009 و2019 من الرتبة 130 إلى الرتبة 53 عالميا، في ما يعتبر واحدة من أفضل الحالات التي تحسن مؤشرها العام على الصعيد العالمي.

ورغم أن هذه الإجراءات هدفت أساسا إلى رفع مستوى ممارسة الأعمال وتشجيع إحداث المقاولات، إلا أن واقع الاقتصاد المغربي يؤكد هامشية تأثير هذه الإجراءات التقنية على الواقع الاقتصادي للبلاد، حسب المصدر ذاته. فعلى مستوى نمو الاستثمار، سجل المغرب معدلا أقل من 10 في المائة ما بين 2009 و2019.

وأضافت الورقة أنه رغم أن هذا التقرير الخاص بالحالة الاقتصادية للمغرب أقر بدوره بأن البلد نجح فعلا في تحسين بعض المؤشرات التي تقيس مناخ الأعمال، لكنه أكد أيضا أن "الواقع على الأرض يبدو مختلفًا تمامًا، سواء فيما يتعلق بإنشاء المقاولات أو الحصول على تصاريح أو الوصول إلى الائتمان، وبشكل عام، فالعلاقة مع الإدارة مسألة محبطة بالنسبة لحاملي المشاريع".

وفي السياق ذاته، أشار الباحث الاقتصادي إلى أن مؤسسة حقوق الملكية من بين المؤسسات الاقتصادية الأكثر أهمية لتشجيع الاستثمار الخاص. فمن دون حماية الملكية الخاصة تتعرض مجهودات المستثمرين غير المحميين بنفوذهم أو القريبين من السلطة للنهب، وهو ما يقضي على المحفزات على الاستثمار.

 

ويشكل المؤشر الخاص بحماية الملكية الخاصة أحد أهم المؤشرات التي يتغاضى عنها تقرير "ممارسة الأعمال" الذي يصدره البنك الدولي، ربما بسبب اقتناع الخبراء القائمين عليه بأن التزام الحكومات بذلك من الصعب أن يتحقق، وهو إصلاح يتطلب زمنا طويلا نسبيا مقارنة بالتغيير على مستوى المؤشرات التقنية التي يعتمدها التقرير.

 

في هذا السياق، أكدت عدد من التقارير الدولية ضعف الحكومة المغربية على مستوى حماية الملكية الخاصة. فعلى سبيل المثال، يعطي "مؤشر حرية الملكية"، الذي تعده مؤسسة "إيريتاج فوندايشن" بشكل سنوي، صورة على عدم قدرة الحكومة المغربية على حماية الملكية الخاصة.

عطب آخر رصدته الورقة، يتمثل في كون المواطنين المغاربة ينظرون بعين الريبة إلى نظامهم القضائي، حيث أكدت نتائج "مؤشر الثقة وجودة المؤسسات" لسنة 2019، الذي أنجزه المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن 49,6 في المائة من المواطنين المغاربة لا يثقون في النظام القضائي المغربي.

وشددت الورقة على أن ممارسة الأعمال ترتبط بشكل رئيسي بطبيعة وجودة المؤسسات الاقتصادية. وتعتبر مؤشرات الحرية الاقتصادية التي تصدرها كل من مؤسسة "إيريتاج فوندايشن" ومعهد "فريزر"، رائدة في مجال قياس جودة المؤسسات على مستوى العالم.

وتؤكد أرقام كل من المؤسستين تأخر المغرب على مستوى حرية "ممارسة الأعمال" وحرية الأسواق خلال السنوات الأخيرة، وهو من العوامل التي تفسر التناقض بين التحسن في تصنيف تقرير "ممارسة الأعمال" وبين الوقائع على المستوى الاقتصادي في البلد، الذي يتميز بالبيروقراطية والفساد ونقص الحرية الاقتصادية.

وسجلت الورقة أن الفساد يؤثر بدوره على مناخ الأعمال ويعرقل التنمية الاقتصادية، ولما يكون مصحوبا بغياب تطبيق قوانين المنافسة في الأسواق، وغياب حماية حقوق الملكية الخاصة، ونظام قضائي غير فعال، فإنه يعرقل النمو الاقتصادي ويقضي على المحفزات على الإبداع.

 

وخلصت الورقة إلى كون تحسن ترتيب المغرب على مستوى مؤشر "Doing Business" لا يشكل بالضرورة ضمانة للاستثمار الخاص وللنمو الاقتصادي، بل يرتبط تشجيع الاستثمار بحزمة من الإصلاحات المؤسساتية، لا سيما إصلاح نظام الحوكمة وتعزيز حماية حقوق الملكية الخاصة وتحرير الأسواق ومكافحة الفساد المستشري ومحاربة تضارب المصالح.

علاوة على ذلك، من شأن استمرار الدولة في عملية التحرير الاقتصادي وتعزيز الحرية الاقتصادية وضمان المنافسة في الأسواق وإصلاح الإدارة المغربية أن يبني علاقة ثقة مع المستثمرين الخواص المحليين، وأن يساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وعلى مستوى الحوكمة، شددت الورقة على ضرورة لعب مؤسسات مثل مجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، دورها في دعم التحرير الاقتصادي والمنافسة الحرة.

قد يهمك ايضا :

صندوق النقد الدولي يؤكد أن خطط بلغاريا لتبنِّي عملة اليورو في 2023 "ممكنة"

بلغاريا تقرر وقف استقبال الطرود البريدية القادمة من الصين بسبب"كورونا"


-

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ترامب يوجه تهديدًا صريحًا إلى كل من يتعامل في…
ترامب يؤكد دعمه للتعريفات الجمركية لتعزيز الانتاج المحلي وجذب…
الصين تصعّد خطابها في الحرب التجارية وتؤكد أنها لن…
الصين تفرض رسومًا جمركية على الواردات الأميركية في وقت…
ترمب يجتمع مع كبار تجار التجزئة لمناقشة الرسوم على…

اخر الاخبار

رئيس مجلس النواب المغربي يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي
وزير الخارجية المغربي في زيارة تاريخية إلى الإكوادور لتعزيز…
الملك محمد السادس يستقبل الولاة والعمال الجدد المعينين بالإدارة…
رئيس الشاباك الإسرائيلي من أصول جزائرية وشقيقه صديق لأسره…

فن وموسيقى

ماجدة الرومي تستعد لإحياء حفلين استثنائيين في بيروت والرباط…
أحمد السقا ومها الصغير في قلب عاصفة الطلاق
عادل إمام أيقونة الكوميديا والسياسة يحتفل بـ85 عامًا و6…
نانسي عجرم أول فنانة عربية في جاكرتا وجدول حفلات…

أخبار النجوم

شيرين عبد الوهاب تتخذ خطوة جديدة بعد حلّ أزمتها…
محمد رمضان يثير الجدل حول تسديده 36 مليون جنيه…
مي عمر تعلّق على مشاركتها في فعاليات "أقوى نساء"…
هبة مجدي تُعبر عن مدى سعادتها بتكريم السيدة إنتصار…

رياضة

محمد صلاح يتوّج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ للموسم…
كيليان مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد…
المغربي أشرف حكيمي يفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
قميص محمد صلاح يُعرض في مزاد ويصل إلى 17…

صحة وتغذية

5 أطعمة غنية بالكالسيوم تناسب النظام الغذائي النباتي
وزارة الصحة تحذر من تنامي انتشار ارتفاع ضغط الدم…
8 خطوات بسيطة تسرّع تعافي الأمهات الجدد بعد الولادة…
تقنية روسية جديدة لعلاج السرطان دون ألم أو جراحة

الأخبار الأكثر قراءة

تأجيل سريان مشروع قانون إصلاح المصارف ضمن ثلاثية تشريعية…
الاتحاد الأوروبي يُعلن عن دعم مالي بقيمة 1.6 مليار…
المندوبية السامية للتخطيط، تعلن تراجع قيم الواردات مدفوع بانخفاض…
دونالد ترامب يعلن إجراء مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية مع…
تصعيد خطير بين أكبر اقتصادين في العالم والصين تتعهد…