الداالبيضاء - أسماء عمري
هدّدت أحزاب المعارضة المغربية بمقاطعة الانتخابات الجماعية المقبلة، ودعت إلى تنقية المناخ السياسي من أجواء التسميم والكف عن التشكيك المسبق في سلامة ونزاهة العمليات الانتخابية المرتقبة، مشددة على أهمية وضرورة الانخراط الجماعي الواعي والمسؤول، من أجل إنضاج شروط تدشين إصلاح سياسي ومؤسساتي عميق، تطبيقًا لنص وروح دستور 2011، واعتماد إصلاح كفيل بجعل الاستحقاقات المقبلة، بحلقاتها المختلفة، محطة أساسية لتكريس التطبيع مع قواعد وقيم الديمقراطية وتوطيد البناء الديمقراطي وإثرائه.
وأكّدت أحزاب المعارضة، في مذكرة سياسة مشتركة تتوفر "المغرب اليوم" على نسخة منها، أنها عاينت بعد مرور 3 أعوام على المصادقة على الدستور الجديد، وعامين ونصف من تجربة الحكومة الحالية، حالات التلكؤ والضبابية والغموض التي اكتنفت وتكتنف تعاطي الحكومة مع تنزيل مضامين الدستور في أبعاده شتى، ومنها البعد المرتبط باستكمال المسلسل الانتخابي، باعتباره مسلسل يروم إعادة بناء مؤسسات مفصلية في بنية الدولة وحياة المجتمع.
ووصفت التدبير الحكومي بالمرتجل لأسئلة الاستحقاقات الانتخابية كتجل من ضمن تجليات تدبير مرتبك للإمكان الدستوري وعجز في استثمار الآفاق الواعدة التي فتحها الدستور لتوطيد البناء الديمقراطي وكذا انتقدت التأخر في الإعلان على الأجندة الانتخابية، وما يرتقب أن يترتب عنه من تبعات سلبية، أنه على مستوى نطاق وطبيعة المشاورات السياسية الجارية أو على مستوى جودة الإنتاج التشريعي والمشاركة السياسية، فضلاً عما ترتب عن هذا التأخير من فرملـة وتعطيل للديناميات الديمقراطية التي عبدها الدستور الجديد.
كما سجلت أحزاب المعارضة المشكلة من حزب "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"الاتحاد الدستوري"، في ذات المذكرة تسميم الحياة السياسية وتعكير مناخ الثقة من خلال الخرجات والممارسات غير المحسوبة لرئيس الحكومة والإصرار غير المبرر من قبل الحزب القائد للفريق الحكومي على الاستمرار في ترويج خطاب المظلومية والحرص على نهج حملة استباقية للتشكيك في سلامة الانتخابات وهو ما يلحق ضررا فادحا برصيد المكتسبات التي حققه المغرب وبمصداقية مؤسساته في الداخل والخارج.
وجددت استعدادها المبدئي الثابت لإنجاح الاستحقاقات المقبلة، من خلال الإسهام المسؤول في المشاورات الانتخابات والاستحقاقات المرتبطة بها، واشترطت توفير الضمانات المؤسساتية والقانونية لنزاهتها وشفافيتها، كل ذلك من أجل تعزيز شروط تنافس انتخابي ديمقراطي ضامن لتمثيلية سياسية عاكسة لإرادة الناخبين، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية للمواطنين وللشباب والنساء على الخصوص، وكذا الإسهام في ورش إعادة هيكلة المشهد السياسي والحزبي وتأهيله في أفق انبثاق أقطاب سياسية متميزة على مستوى مشاريعها وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأوضحت أنه في حال عدم تحقيق الشروط الأساسية لإنجاح العملية الانتخابية، فإن تلك الأحزاب تحتفظ بحق اتخاذ القرارات التي نراها مناسبة، بما فيها قرار المقاطعة.
ونبهت إلى أن المطروح على جدول أعمال المشاورات السياسية ليس مجرد قضايا تقنية أو تعديلات جزئية للإطار القانوني وإنما قضايا وإشكاليات سياسية بامتياز ومجمل المنظومة القانونية المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية، ولذلك اعتبرت أنه وجب على الحكومة اعتماد وتوسيع دائرة التشاور، الحقيقي وليس الشكلي، مع الفاعلين المعنيين بالتباري السياسي والانتخابي، كل ذلك ضمن مدى زمني معقول غير خاضع لإكراهات اللحظة الأخيرة.
كما قدمت عددًا من الملاحظات حول مشروع القانون التنظيمي للجهوية الذي قدمته الحكومة، ضمنها أن المسودة لا تتضمن ديباجة أو بيانا للأسباب يحدد الخيارات الأساسية لمشروع القانون التنظيمي و لا دواعي اعتماد هذه الخيارات في علاقة بمقتضيات الباب التاسع من الدستور بشكل خاص كما لا تتضمن في عدد من مقتضياتها إعمالا فعليا لمبدأ التدبير الحر المنصوص عليه في الفصل 136 من الدستور و تحمل عدد من مقتضيات مسودة المشروع توسيعا لمجال المراقبة الإدارية المنصوص عليها في الفصل 145 من الدستور على حساب مبدأ التدبير الحر.
كما سجلت إن مسودة المشروع تقدم، في سياقات مختلفة، نسقا من العلاقة بين مؤسسة رئيس الجهة وسلطة الوصاية يختل فيها التوازن بشكل فادح لصالح الأخيرة، و هو ما يتضح بشكل خاص من خلال معاينة التفاوت في صلاحيات رئيس المجلس الجهوي ووالي الجهة لصالح هذا الأخير في المجالات المتعلقة باتخاذ القرار الجهوي وهكذا فإن إبقاء مسودة مشروع القانون التنظيمي على صيغته الحالية لن يمكن للبلاد من الانتقال إلى مغرب الجهات كما لا تتضمن آليات كافية للتمييز الإيجابي للرفع من التمثيلية السياسية للنساء لتحقيق المبادئ و الأهداف ذات القيمة الدستورية المنصوص عليها في الفصلين 19 و30 من الدستور. علاوة على ضعف إطار الاعتبار الأفقي لمقاربة النوع الاجتماعي في مسودة المشروع بدءا من لغته غير المجندرة ووصولاً إلى آليات السياسات العمومية كالتخطيط و الموازنة.
ودعت أحزاب المعارضة الحكومة إلى إعادة صياغة جديدة لمشروع القانون التنظيمي بما يحقق إعمالا فعليا لديمقراطية الجماعات الترابية بما فيها مقترحات "المشترك" في المذكرات التي قدمتها الأحزاب للجنة الاستشارية للجهوية.