الرباط - جمال محمد
فاجأ الأمين العام لحزب "الحركة الشعبية" المشارك في الحكومة المغربية، حلفاءه في الحكومة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بانتقادات لاذعة لكنها صريحة وجهها إلى الحكومة على خلفية البطء الذي ميز أداءها، وتحدث عن بطء الإصلاحات وتجميد الحوار الاجتماعي واستمرار مظاهر الفساد والرشوة، بعد مرور سنتين ونصف على تنصيبها.
وأكّد العنصر، خلال افتتاح أعمال المؤتمر الوطني الثاني عشر للحركة الشعبية، صباح اليوم السبت، في الرباط، أنه إذا كان المغرب تمكّن من الخروج بسلام من عاصفة هوجاء، في إشارة إلى رياح "الربيع العربي"، بفضل الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية والحقوقية التي باشرها، إلا "أنه لا ينبغي أن نتوهم أو نغالط أنفسنا بأن النوايا وحدها تكفي"، موضحًا أنه "لا يزال ينتظرنا الكثير من العمل، وعلينا مواجهة ذواتنا حتى لا نسقط في متاهات الماضي، لأن عامل الزمن يكتسي أهمية أكثر من ذي قبل، بالنظر إلى الالتزامات التي قطعناها على أنفسنا".
وأوضح العنصر أن صبر المواطن بدأ ينفد في انتظار تحقيق الإصلاحات الملموسة على أرض الواقع، وأبرز أن المعضلات التي تنخر مجتمعنا لا تزال قائمة، ومن ضمنها أزمة الفساد والرشوة وبطء الإدارة وتعقد مساطرها، وفقدان الثقة في جهاز العدالة، وكذا اتساع الفوارق الاجتماعية، وارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب، وانتشار الفقر ومظاهر الهشاشة بالعالم القروي وهوامش المدن.
وأكّد أن هذه المعضلات تشكل عقبات ينبغي العمل على تذليلها، للوصول بسفينة بلادنا إلى بر الأمان، خاصة أن بعض الأوضاع خارجة عن سيطرتنا، مثل الأزمة الاقتصادية العالمية أو التحولات المناخية.
ونبّه الأمين العام لـ "الحركة الشعبية" إلى مخاطر تهميش المعارضة والفاعلين السياسيين والمدنيين، مؤكدًا أن "الحركة الشعبية"، وإن كانت مشاركة في الحكومة، إلا أن الواجب "يفرض علينا، تنبيه حلفائنا في إطار التشاور والاحترام المتبادل، إلى ضرورة فتح مشاورات موسعة مع كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف تسريع وتيرة الإصلاحات".
وعبّر صراحة عن عدم رضاه عن التأخير الحاصل في الإدماج الكلي للأمازيغية لغة رسمية، في ظل الإكراه الزمني الذي حدده الدستور والذي لم يتبق منه سوى سنتين.
وأعلن كذلك أنه غير راضٍ عن تعثر إصلاحات جوهرية بسبب التجاذبات والصراعات السياسية، التي لا طائل منها، بل "نحن منزعجون من البطء الذي تعرفه عملية إخراج وتنظيم المؤسسات المحددة في الدستور".
وأوضح أن العالم القروي يستحق وضع استراتيجية تنموية حقيقية، وليس فقط مجرد عمليات متناثرة وظرفية، الغرض منها تهدئة الخواطر وامتصاص الغضب.
وأكد أن "نضالاتنا لما يقارب 60 سنة ووطنيتنا الراسخة، وتجذرنا في البلاد، تخوِّل لنا الطموح المشروع بأن نكون فاعلاً رئيسيًا في المشهد السياسي والمؤسساتي، من أجل مغرب أفضل تتكافأ فيه الفرص ويستعيد فيه المواطنون الثقة ويضمن مستقبلاً زاهرًا للجميع، مغرب العدالة والحرية، والتضامن"، على حد تعبير العنصر.
ودافع العنصر عن ضرورة ضمان تمثيلية مغاربة العالم داخل المؤسسة التشريعية، وهو ما يفرض التشاور معهم على أساس مساهمتهم الفعالة، بعيدًا عن المزايدات الديماغوجية أو الاستغلال السياسي.
وطالب بإصلاح النظام الانتخابي، مشددًا على ضرورة العمل من أجل إعادة تأهيل المؤسسات الوطنية وإعطاء البرلمان مكانته المركزية كمصدر للتشريع والديمقراطية، وهو ما لا يمكن تحقيقه من دون إصلاح حقيقي للنظام الانتخابي، وتحصينه من استعمال المال وشراء الذمم، ومن خلال احترام حرية اختيار المواطن.
وانتقد العنصر تجميد الحوار الاجتماعي مع النقابات، مؤكدًا، في هذا الصدد، أن النقابات شركاء لا يمكن الاستغناء عنها، لأنه بدون التوافق معها لا يمكن بناء المغرب الاجتماعي، على أساس احترام الحقوق والواجبات بين الأطراف، لأن التعنت والعناد لا يمكن أن يكون حلا، خصوصًا وأن التنمية وإرساء التوازنات تحتاج بالضرورة إلى توطيد دعائم السلم الاجتماعي.