الرئيسية » تحقيقات
صورة لسيدة من الأهوار أثناء الإبحار بالقارب

بغداد - نهال قباني

بدأ صباح 20 يناير/ كانون الثاني عام 1992 بشكل عادي على عائلة محمد في أهوار جنوب العراق، ومع تصاعد الضوء بدأ العائلة في قيادة قطيع من الجاموس إلى الأراضي الرطبة المحيطة للرعي، وبعد تناول وجبة الإفطار من الخبز واللبن والشاي المحلي استعدت العائلة ليوم طويل في المياه، إلا أنه في هذا اليوم البارد لم تستطع "هنا" "5 أعوام" ووالدتها الحصول على الأسماك أو جمع القصب، حيث ظهر سرب من الطائرات الحكومية المقاتلة من الضباب التي تطلق النيران مما أدى إلى قتل الجاموس، ولم يكتفي الرئيس العراقي صدام حسين بذلك كعقاب لسكان القرى لإيوائهم متمردين شيعة لكنه أرسل مهندسيه أيضا لتحويل مجرى نهري دجلة والفرات بعيدًا عن الأهوار، وكانت الآثار كارثية حيث جفت الأراضي الرطبة وتلاشت من 20 ألف كيلو متر مربع إلى لا شئ تقريبا.

وتذكر هانا وهي حاليًا في العشرينات من عمرها وأم لأربعة أطفال قائلة "لم يكن هناك أسماك أو أعشاب ولذلك لا يمكننا أن نبقى، القرية ماتت حاليا"، وفي مارس/ أذار هذا العام بعد 25 عامًا من دفع هانا وأشقائها من أراضيهم إلى الأحياء الفقيرة في المدن القريبة تعود هنا وبعض جيرانها إلى وطنهم مرة أخرى، وتقوم السلطات في بغداد بإعادة بناء هذه المجتمعات المفقودة، ويحرصون على إعادة التوطين السليم لما يقرب من 250 ألف من عرب الأهوار الذين بدأوا في العودة إلى المنطقة جزئيا بعد أن غمرتها المياه منذ أكثر من 10 أعوام، ويرى المسؤولون أن هذه خطوة حاسمة لتصحيح الأخطاء من الصراع السابق  بعد نزوح 3 مليون عراقي أخرين بسبب عنف "داعش".

وأوضح حسن الجنابي وزير الموارد المائية "عرب الأهوار جزء أساسي من تراثنا ونبذل قصارى جهدنا لجعلهم يحصلون على المياه للحفاظ عليهم"، وتم إدراج منطقة عرب الأهوار في العراق في يوليو/ تموز كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وأرسلت الوزارة حفارة من أجل أطنان من الأراضي الطينية الرطبة لتشكيل 43 جزيرة، ويبني السكان الذين عاشوا في الأراضي قبل نضوبها حاليا منازلهم، ورجع معظمهم إلى شيخ القبيلة للوساطة في تقسيم الخصائص والمميزات، وربما تكون الحياة صعبة في القرى بهذه الصورة حيث تضم عدد قليل من المدارس وعدد أقل من العيادات الصحية كما أنه لا توجد هناك كهرباء، ويبدو أن هذه الظروف الأقل مثالية أقنعت العائدين لإعادة بناء الطرق التي أنشأها جيش صدام بدلا من تغيير حظهم للحفاظ على المياة المفتوحة، إلا أنه تن تخصيص جزيرة بأكملها للبنية التحتية مع إنشاء نظام لتنقية المياة وإقامة مرافق يفخر بها السكان السابقين.

ويشعر الكثير من السكان الذين قضوا 10 سنوات في المنفى في إيران بالسعادة لعودتهم إلى ديارهم، وتقول هدير حامد التي تنقلت مع عائلتها عبر السكن المؤقت على مدى السنوات الماضية " كل شئ نفعله  من تربية الجاموس إلى صيد الأسماك مرتبط بالمياة ولذلك من الجيد أن نعيش في منتصف الماء، إنه أمر عملي وواقعي"، وفي ظل الصراع وانخفاض أسعار النفط مع تقليل موارد وزارة المياة من 1.7 بليون دولار في 2013 إلى 90 مليون دولار في 2016 يتسائل البعض عما إن كان هذا هو الاستخدام الأمثل  للموارد الشحيحة، إلا أن الوزيرو المنظمات غير الحكومية يصرون على أنها ليست مجرد ممارسة جمالية، ومع دفع عرب الأهوار إلى المنفى بدأت ثقافتهم الفريدة في التآكل بشكل مطرد في ظل المعايير الاجتماعية الأكثر محافظة، ويوضح جاسم الأسدي مدير العمليات الطبيعية في جنوب العراق وهو من الأهوار "بعد أن كانوا يرقصون ويغنون في حفلات الزفاف حاليا يقدمون الغذاء فقط".

وتغير دور النساء الذين كانوا يعملون على قدم المساواة في الأهوار، حيث لم يعد مسموح للنساء بالعمل على طول الطرق العسكرية فضلا عن ارتداء العديد منهم للنقاب، وفي نهاية المطاف ربما لا يكون هناك الكثير للقيام به للحفاظ على الأهوار على المدى الطويل،  حيث بنت تركيا نحو 34 سدًا كبيرًا على نهرا لفرات ودجلة وروافده ما أدى إلى خفض كمية المياة التي تصل إلى العراق، وفي الوقت نفسه أثر تراجع كمية الأمطار على شمال البلاد، وربما ينتج عن هذا العكش الذي لا يرتوي في هذه المنطقة ما لم يفعله صدام وهو التدمير الدائم للأهوار.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فوز الديمقراطيين بالانتخابات الأمريكية وتحقيق إنجازات تاريخية
صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة
عائلات فلسطينية تعيش بين القبور في خان يونس هربا…
الحوثيون يتحولون إلى جزء من شبكة إقليمية متداخلة تتجاوز…
ترمب يهدّد بوقف تمويل نيويورك إذا فاز زهران ممداني…

اخر الاخبار

وزير الخارجية السوري يؤكد أن حكومته تسعى لتفادي التصعيد…
حزب التقدم والاشتراكية يعارض مشروع قانون المالية 2026 ويبرز…
الملك محمد السادس يهنئ خالد العناني بانتخابه أول عربي…
المملكة المغربية تشارك في أشغال الدورة الحادية والأربعين لمجلس…

فن وموسيقى

يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…

أخبار النجوم

شيرين عبد الوهاب تتقدم ببلاغ رسمي ضد شقيقها وتطلب…
خالد النبوي يتألق في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ويهدي…
أسماء جلال تكسر صمتها وترد على أنباء ارتباطها بعمرو…
حرب تصريحات تشتعل بين أحمد سعد وناقدة فنية بسبب…

رياضة

ميسي وسالم الدوسرى يتفوقان على نجوم العالم فى الأداء…
مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…

صحة وتغذية

دراسة تكشف أن الشاي الأخضر والجوز يساهمان في إبطاء…
الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى
آلية دفاعية جديدة تمنح البكتيريا مقاومة متقدمة لمضادات الحيوية

الأخبار الأكثر قراءة

مشاركة الأطفال في الاحتجاجات تفتح النقاش حول دور الأسرة…
قلق في إسرائيل بعد إلغاء عقود سلاح ومخاوف من…
ديربي مدريد يتحول إلى صدمة لجندي إسرائيلي
FBI يعثر على وثائق سرية في مكتب مستشار ترمب…
تحقيق أممي يكشف نوايا إسرائيل في غزة والضفة