الرئيسية » تحقيقات
الشعوذة و السحر

الرباط -المغرب اليوم

من ميونخ الألمانية إلى دوار بجماعة باب تازة بإقليم شفشاون، رحلة تراجيدية لشاب من مغاربة العالم انتهت بين أيدي الرقاة وتجار الدين، كابد خلالها ضمور جسده بسبب انسداد شهيته للطعام وشعوره بآلام حادة في البطن، واحتار الأطباء في مرضه، الذي لم يجد له المعالجون الذين زارهم دواء ناجعا يضع حدا لمعاناته، ليتم الوقوف على وقوعه ضحية لـ"التوكال" ضمن وجبة غذائية.

"كان 'التوكال' الذي قدم للشاب المغربي مزيجا متجانسا يضم دم الحيض ومخ فأر وأظافر وأشياء أخرى تبعث على القرف والغثيان، تم خلطها بعد قراءة تعويذات من طرف المشعوذ، وقدمت للمستهدف الذي لم يكن سوى شاب مفعم بالحياة والطاقة، تحول إلى هيكل عظمي لا يقوى على الحركة؛ فيما وجهت أصابع الاتهام إلى أعمال السحر والشعوذة"، يقول مقرب من ضحية "التوكال".

وأوضح المصدر ذاته أن هذا الكلام أكده "الفقيه" الشفشاوني الذي يتم قصده بغرض "إبطال مفعول السحر وإخراج الجن وفك 'التقاف'"، وغيرها من الأمور المستعصية؛ هذا قبل أن يعمد إلى ضرب الزبون بحجر على رأسه وإعطائه "حجاب" ومكونات أخرى تشرب مع "ماء مبارك"، مقابل "فتوح" يصل إلى 1000 درهم نظير الحصة الواحدة.

داخل شقق سكنية ومحلات تجارية، في عدد من المدن والقرى، وعلى المنصات الرقمية، تقبل فئات مختلفة من المغاربة بداعي "السحر" و"التوكال"، سواء بسبب "الجهل" أو أسباب أخرى، على طلب وسائل "الرقية"؛ بحكم صعوبة الولوج إلى العلاج الطبي بالمستشفيات، إلى جانب غلاء تكلفته بالمصحات الخاصة، وغياب تغطية صحية لعموم المواطنين، إلى جانب استعصاء بعض الأمراض المزمنة على الطب العصري؛ وهي عوامل مجتمعة تزج بالمرضى إلى أحضان العرافين في انتظار شفاء قد يأتي كما قد لا يبرز بالمرة.

يصف الدكتور محسن اليرماني، باحث في الفقه والشريعة، هذا القطاع بـ"السوق الرائجة..اللي فيها الفلوس"؛ مضيفا: "يتم استغلالها للمتاجرة بآلام الناس والمجاهرة بتضليل لا أساس له من الصحة ولا الواقعية"، ومنبها إلى أن "عددا من المتاجرين الذين يبيعون وهم العلاج يلجؤون إلى ممارسات مشينة وغير قانونية، من قبيل ممارسة السحر والشعوذة، وعدم حفظ أسرار المرضى وترويج الخرافة، بحكم غياب الوعي الصحي وتفشي اليأس والإحباط لدى معظمهم".

واستحضر المتحدث ذاته المبالغ المالية الباهظة التي يطلبها الرقاة من زبائنهم، والتي تتراوح بين 500 درهم و1000 درهم للحصة الواحدة، مؤكدا أن "السحر ثابت بالقرآن والسنة"، ومستندا في ذلك على قوله تعالى: "إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى".

وقال اليرماني إن السحر من كبائر الذنوب والمعاصي التي حرمها الإسلام؛ كما أثبت القرآن الكريم استعانة بعض الناس بالجن، إذ قال: "إذ كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا"، مشددا على أن ظاهرة الحديث عن السحر بدأت تنتشر في كثير من الأوساط بطريقة أفسدت الحياة.

وأوضح الباحث في الفقه والشريعة أن التفكير الوسطي يقتضي عدم إنكار وجود السحر، "وفي الوقت نفسه لا يمكن تفسير كل ما يصيب الإنسان من اضطرابات نفسية أو عقلية أو أزمات اجتماعية، كتأخر سن الزواج أو ارتفاع نسب الطلاق والبطالة، وغيرها من المشاكل، على أنها من قبيل السحر"، وفق تعبيره.

وأكد اليرماني أن "كثيرا من الناس ما إن يصابوا بأزمة نفسية كالاكتئاب أو الكسل والعجز يلجؤن إلى تجار الرقية باسم الكتاب والسنة، في حين أن الأولى أن يبحث هؤلاء عن العلاج عند الأطباء، وأن يبحثوا جيدا في أسباب أزماتهم فيعملوا على تجاوزها، وأن يحصنوا أنفسهم من الأفكار السلبية والسلوكيات القميئة، وأن يستعينوا بالله تعالى الذي قال: 'ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين'".

وبخصوص إقبال المغاربة على الرقية الشرعية أضاف الباحث نفسه: "هي من الأمور الميسرة لكل الناس، وذلك من خلال قراءة المعوذتين (سورة الفلق والناس) وآية الكرسي ولزوم الطهارة والمحافظة على الصلوات وأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وغيرها؛ دون حاجة إلى الذهاب عند بعض الرقاة الذين يستغلون جهل الناس بموضوع فك السحر. كما أنه لا ينبغي التضخيم من تأثير السحر، مصداقا لقوله تعالى: 'إن كيد الشيطان كان ضعيفا'".

قد يهمك ايضا:

توقيف ٣ أشخاص بتهمة النصب والشعوذة في مدينة الرباط

الأهالي يحاصرون فتاة لمحاولتها دفن "سحر" وسط مقبرة في الدار البيضاء

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الحوثيون يتحولون إلى جزء من شبكة إقليمية متداخلة تتجاوز…
ترمب يهدّد بوقف تمويل نيويورك إذا فاز زهران ممداني…
إثيوبيا تتمسك بمنفذ على البحر الأحمر وتؤكد أن ميناء…
طهران ترى أن احتمال تعرضها لهجوم أميركي جديد ما…
تحذيرات أمميه من جيل ضائع في غزة وسبعين مليار…

اخر الاخبار

وزير الداخلية المغربي يُشرف على تنصيب امحمد العطفاوي والياً…
محمد المهدي بنسعيد يدعو إلى تصوّر مغربي لـ"نصر 31…
رئيس مجلس النواب المغربي يكشف حصيلة السنة التشريعية
إنتخاب المملكة المغربية عن جدارة عضواً في المجلس التنفيذي…

فن وموسيقى

منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…
أحمد حلمي وهند صبري يلتقيان في فيلم جديد للمخرج…
أحمد سعد يكشف عن تجربة جديدة في مسيرته الفنية…

أخبار النجوم

يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية وأسرار…
شيري عادل تكشف عن أولوياتها الفنية بعد الابتعاد عن…
تامر حسني وأحمد سعد يحييان حفلًا غنائيًا ضخمًا في…
أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل…

رياضة

ميسي يقود إنتر ميامي لاكتساح ناشفيل والتأهل إلى نصف…
محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…
رونالدو يؤكد قوة الدوري السعودي ويصف التسجيل فيه بأنه…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

صحة وتغذية

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
إنطلاق المرحلة الأولى لتنزيل المجموعات الصحية الترابية بجهة طنجة…
إنخفاض مستويات فيتامين D في الدم قد يرتبط بارتفاع…
دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

الأخبار الأكثر قراءة

قلق في إسرائيل بعد إلغاء عقود سلاح ومخاوف من…
ديربي مدريد يتحول إلى صدمة لجندي إسرائيلي
FBI يعثر على وثائق سرية في مكتب مستشار ترمب…
تحقيق أممي يكشف نوايا إسرائيل في غزة والضفة
تقرير يكشف الموساد نشر 100 عميل في إيران قبل…