الرئيسية » صحة وتغذية
فيروس كورونا

الرباط - المغرب اليوم

لم تكن بؤرة الإصابة بـ"كورونا" في ضيعة "للا ميمونة" قرب مدينة القنيطرة، إلا مثالا عن الظروف الصعبة وغير المراعية للإنسانية، التي تجد العاملة الموسمية في قطاع الفلاحة نفسها تعمل فيها؛ فوفق لقاء رقمي نظّمته هيئة شابّات من أجل الدّيمقراطية، كان هذا مجرّد مثال للظروف التي لا تراعي كرامة العاملات الموسميات، وتسهِم في هشاشة وضعيتهنّ الاجتماعية، وتصيبهنّ بأمراض مهنية خطيرة، نتيجة ظروف الشغل، والموادّ التي يتعرّضن لها في عملهن اليومي.

وصدحت النّدوة بأصوات عاملات زراعيات على المباشر، مثل فاطمة التي قالت إنّها بدأت الاشتغال في الضيعات الزراعية عندما كان عمرها 17 سنة، ثم استرسلت قائلة: "كانت تحملنا وسيلة نقل صغيرة ونحن أزيد من ثلاثين عاملة، وبعد طريق طويلة يتجنّب فيها السائق أماكن وجود الدرك، يمكن أن يتحرّش بك أيّ أحد وينظرون إليك بـ"شوفة رخيصة"، أي نظرة مسترخِصَة، معتقدين أنّ كلّ المشتغلات من العاملات "خارجات عن الطريق"".

وزادت العاملة الزراعية: "كان معقّم اليدين يظهر عندما تمرّ لجنة للمراقبة". كما تحدّثت عن حادث تحرّش من أجل استغلالها جنسيا، هدّدت فيه "الكابران"، أي الوسيط، بأنّها ستشتكي به، فقال لها إنّه يشتغل بأوراقه، أي بشكل قانوني موثَّق، وهي جاءت لتوّها ولن يصدقها المشغّل.

بدورها، تقول نوال، عاملة زراعية بجهة اشتوكة، إنّها شهدت على عدم وجود احترام ولا تقدير للعاملة الزراعية بشكل نهائي، بل وهي "مهمَّشَة بشكل واضح، ويمكن أن تأكل في مكان الأكل عند الاستراحة قرب النفايات (...) وموتي أو حياي هوما ماشي شغلهوم"، ولذلك يبحثون عن صغيرات السّنّ لأنهنّ لا يشتكين، فضلا عن "التحرّش من المشغل والوسيط وحتى من عمال آخرين مثلك مثلهم".

وتضيف نوال: "إذا سقطت في وسيلة النقل لا مشكل لديه، أي المشغِّل، سيضعك في المستشفى و"يزيد"، ويذهب إلى حال سبيله"، وقدّمت مثالا على هذا بما عاشته بعدما كانت ضحية خطأ طبي نتيجة عملية على الرئة، حينما كانت تطلب من الوسيط تشغيلها ليقول لها: "لا حاجة لنا بك، لست صالحة لأيّ شيء حتى للجنس"، قبل أن تجمل قائلة: "محكورين بزاف، وهالكينّا، والله ياخذ فيهم الحقّ".

وتقول فيروز اليوسفي، باحثة مهتمة بموضوع العاملات الزراعيات، إنّ معظم العاملات اللائي اضطررن إلى العمل خلال أزمة جائحة "كورونا"، لم يكن لهنّ ولوج إلى أبسط الوسائط الوقائية، فلا كمّامات، ولا قفّازات، علما أنّها لا تُعطى لهن، أصلا، لخوف المشغِّلين من إضرارها بقطف الفراولة.

وتضيف الباحثة في التعبئة حول القضايا الاجتماعية والسياسية، أنّ بؤرة "للا ميمونة" تظهر مدى هشاشة هذا القطاع، بل وأدّت "كورونا"، بفعل الطلب الكثير، إلى زيادة عدد العمّال، وخرق الاتفاقات، مع ما يطرحه هذا الوضع القبلي والبعديّ مِن "إشكالات الصحة والسكن، والحاجة إلى الولوج إلى ظروف عمل يحفظ الكرامة"، متمنية أن يُفتَح "نقاش لتغيير الوضعية وتحسينها، خاصة بعد ما حدث في هذه البؤرة".

واسترسلت المتحدّثة واضعة هذا الحدث في سياق أوسع: "يوجد في أوروبا، أيضا، هذا النقاش، إذ لم تغلق الحدود تماما بألمانيا، واستقدم هذا البلد عمالا من رومانيا، ووضعهم في سكن رديء مثل المغرب".

وتُذكّر اليوسفي بـ"التجربة النضالية لعمال وعاملات ضمن نقابة أسّسوها، وحاولوا منذ سنة 2009 تحسين وضعيّة شغلهم"، ثم استدركت قائلة: "لكن هذه قضية اجتماعية وسياسية، تتمثّل في ضرورة تغيير قانون الشغل، الذي دونه تنتهك حقوق هؤلاء العمال والعاملات"، لذا فدون هذا التغيير، تبقى مُخرَجات النّضالات مكتسبات متعارفا عليها، دون إمكانِ فرض احترامها، وهو ما حدث بعد "العديد من الإضرابات إلى حدود 2012، التي أجبرت بعض الشركات الأجنبية على تحسين الأجور وساعات العمل والتغطية الصحية"، دون إمكان ضمان عدم التراجع على هذه المكتسبات.

وتدعو الباحثة إلى عدم السماح للمشغّلين الأجانب والمغاربة باستغلال العاملات في بلادهنّ وأرضهنّ، ثم زادت مشدّدة على وجوب "فتح نقاش حول كون المغرب لا يصدر الفواكه والخضر فقط، بل اليد العاملة الرّخيصة أيضا، بتواطؤ مع الاتحاد الأوروبي، الذي يموّل برامج حول الجندر ودعم المجتمع المدني، وله، في الآن نفسه، يد في تصدير البشر في ظروف حاطّة بكرامتهم".

بدورها، تقول بشرى الشتواني، المنسقة الوطنية لمجموعة شابات من أجل الديمقراطية، إنّ مجموعة من العاملات الزراعيات لا يملكن أمورا هي من ضروريات المواطنة، مثل التسجيل في الحالة المدنية، وصندوق الضمان الاجتماعي، والاعتراف باشتغالهنّ كعمل. وزادت قائلة: "كان يحزّ أنفسنا قولهن عند سؤالهن عن البطاقة أو الضمان الاجتماعي: "أنا غير خدامة فالفيرمة"، أي لستُ إلا مشتغلة بالضّيعة".

وتضيف المتحدّثة: "تذهب العاملات إلى الموقف في وقت مبكّر من الصباح فيتعرضن للسرقة والاغتصاب، ولا نعرف المسؤول عن أمنهنّ. كما أن نقلهنّ يتمّ في وسائل ليست مصمّمة للإنسان، بل للبضائع، دون وجود وسيلة لحمايتهنّ".

وتبيّن منسّقة شابات من أجل الديمقراطية، أنّه رغم كلّ الحديث عن التباعد الاجتماعي مع وصول الجائحة إلى المغرب وبداية الحَجر الصحي، لم يكن أيّ تباعد اجتماعي في العربات التي تقلّهنّ، إضافة إلى أنّ من توقّفن منهنّ عن العمل خلال هذه الفترة لم يحصلن لا على تعويض عبر منصة "تضامن"، ولا عبر الدعم المخصّص للفئات الهشّة.

وترى المتحدّثة أن بؤرة "للا ميمونة" كانت ردّا على اللامبالاة، وزادت قارئة زغاريد العاملات المشتبه في إصابتهنّ بـ"كورونا"عند نقلهنّ: "كانت فرحا بأنّ هناك اهتماما واعترافا بوجودهنّ على خريطة المغرب".

وتدعو الشتواني إلى فرض دفاتر تحمّلات على المشغّلين الأجانب، توجب "احترام كرامة العامل المغربي"، ثم أضافت: "يجب أن يفكر المجتمع المدني، بما في ذلك النقابات، في آليات جديدة للمطالب، لأن المعتصمة لمدة 15 يوما تضطرّ إلى الاشتغال، بعد ذلك، في ضيعة أخرى بثمن أقلّ وفي ظروف أسوأ".

قد يهمك ايضا

وزير الصحة يُقيل مندوب الصحة في القنيطرة بسبب بؤرة "للا ميمونة"

وزارة الصحة المغربية تكشف حقيقة إطاحة بؤرة “الفريز” بمندوبها في القنيطرة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ارتفاع وفيات الحمى النزفية في العراق يثير قلقًا صحيًا…
ارتفاع مقلق في إصابات "البكتيريا الكابوسية" بالولايات المتحدة
نظام غذائي يكشف أسراره في التخفيف من التهاب المفاصل
إكليل الجبل عشبة منزلية ذات فوائد مذهلة لصحة الجسم…
دواء جديد يغير حياة النساء بعد انقطاع الطمث

اخر الاخبار

سبعة وسبعون شهيدا في غزة خلال أربع وعشرين ساعة…
ثلاثة قتلى في هجوم قرب كنيس يهودي في مانشستر
مصر تكشف أسباب فيضانات السودان وتوجه الاتهام إلى إثيوبيا
الحكومة البريطانية تعتزم تعديل سياسات توطين اللاجئين بحيث لا…

فن وموسيقى

المغربية لطيفة أحرار تُكرم تضحيات نساء العسكر بمسرحية وثائقية…
جنات تظهر مع ابنتيها للمرة الأولى وتشارك الجمهور تفاصيل…
حسين فهمي يرفض مليون دولار حفاظًا على هوية مهرجان…
مي عمر تحصد المركز الثامن عالميًا في قائمة أجمل…

أخبار النجوم

محمد منير يعلن سر استمراره على القمة ويعلق على…
دينا فؤاد تكشف عن الصعوبات التي واجهتها في عملها…
محمد ممدوح يعلن غيابه عن رمضان 2026 ويُهدي تكريمه…
سيرين عبد النور تنتقد السوشيال ميديا وتقول عايشين مع…

رياضة

فليك يحث يامال على الاجتهاد رغم الموهبة الكبيرة
رونالدو يتجاوز المغربي حمد الله ويصبح الهداف التاريخي للنصر…
المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب أجنبي في…
عثمان ديمبلي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية في مفاجأة كبرى…

صحة وتغذية

تساؤلات حول دور الكاكاو في خفض احتمالية الإصابة بأمراض…
التوت الأزرق للأطفال الرضع يقوي المناعة ويخفف الحساسية
إحتجاجات شبابية في المغرب ضد أولوية الملاعب على حساب…
علماء بريطانيون يعيدون شباب الخلايا الجلدية 30 عاما ويفتحون…

الأخبار الأكثر قراءة

سيرينا ويليامز تكشف تجربتها مع أدوية إنقاص الوزن بعد…
دراسة فلسطينية تكشف آثارًا مدمرة للمعاناة النفسية لدى الأطفال…
دراسات تكشف مخاطر السجائر الإلكترونية "النظيفة" على القلب وضغط…
عادة بسيطة تساهم في تقليل الكوليسترول وتعزيز صحة القلب
الكيتامين لا يعالج الألم المزمن وتحذيرات من آثاره النفسية…