زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان

زوجة رجل مهم" بدون مقر أو عنوان !

المغرب اليوم -

زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان

بقلم - عزيز بلبودالي

جاء اليوم الذي تتذكر فيه " أمي فاطمة خير" أرملة الهرم الرياضي العربي الزاولي، أنها لا تملك في هذه الدنيا بيتا أو عنوانًا.. جاء اليوم الذي ربما ستلتفت فيه مناجية محدثة زوجها: "ارتح يا العربي..على الأقل لك مقر وعنوان، لك قبر يأويك.. !

لم تعد لها حتى القدرة على الصراخ..ولا على الاحتجاج، بل وتكاد لا تقوى على النطق للتعبير عن خيبة أملها، عن حسرتها.. لا تستطيع العثور على كلمة لتوجيه العتاب..ليس لوطن خذلها، فقد تذكرت أنها عندما احتاجت لوطن يحميها، يدفئها، لم تجده.. بحثت عن كلمات عتاب لترسلها لزوجها هناك في السماوات العليا تذكره بأيام انصهر في العمل الرياضي، في تكوين اللاعبين، في تربية الصغار على حب الرياضة وحب الوطن، ناسيا متجاهلا أن لديه أسرة وأطفال، يحتاجون لبيت قار، لمورد عيش كريم.. لم يهتم حينها بتنبيهاتها فحسب، بل جرها لمشاركته هم العمل في الملعب، نزع عنها ثوب الزوجة ربة البيت، ليضعها في قائمة المستخدمين، طباخة للأطفال وللصغار والكبار من اللاعبين، ومن ربة بيت إلى ربة ملعب ترعاه وترعى من يلجه كأنها ترعى أطفالها.

تذكرت أنها شاركته أيضا في نقل "عدوى" حب الرياضة لأبنائها، ساهمت معه في الدفع بهم إلى خدمة " الطاس" والحي المحمدي، غير مبالين بدورهم بالبحث عن التحصيل الدراسي أو البحث عن وظيفة، ليجدوا أنفسهم وقد اعتقلتهم متاعب الحياة بدون مورد مالي قار، بدون بيت أو عنوان، وبدون اعتراف أو شكر!

عندما كان الراحل العربي الزاولي يفرح لاكتشاف لاعب موهوب، كانت تفرح معه.. عندما كان يحزن لهزيمة أو لتواضع فريق الطاس، كانت تحزن معه. شاركته السعادة حين كان يسعد بتألق لاعبي الطاس وهم بألوان القميص الوطني، وحملت معه هم " التخمام" والقلق والسهر في انتظار أخبار هذا اللاعب أو غيره اختفى للإصابة أو للمرض.. تحملت بؤس المكان والزمان، بيت مهترئ، بنيانه متساقط، ثقوب جدرانه قنوات لتصريف مياه المطر، وفتحات لأشعة شموس حارقة.

لم تشتك، صمتت إلى أن فقدت القدرة على الصراخ.. لكنها نطقت أخيرا وهي تكتشف أنها تحتاج لوطن غير الوطن الذي خذلها وأسقطها من برجها ،وهي التي ألفت أن تعتليه بوصفها " زوجة رجل مهم"!

انتظرت إلى أن أصبحت في عقد الثمانين لتكتشف أنهم يريدونها بلا وطن يحميها، بلا عنوان وبلا مقر ولا بيت يأويها..بجرة قلم في مكتب دافئ، حكموا عليها بالتشرد.. نزعوا عنها هويتها..تنكروا لها ما قدمته وما أعطته من شبابها ومن أحلى سنوات الزوجية في سبيل فريق حي المقاومة وأبناء المقاومة.

غدا، ستغادر هذا البيت بعد ستين سنة من حياة وسط ملعب للكرة.. ستفتقد عنوان شريط من الصور عاشتها هنا في " الحفرة"..ستفارق مكانا رعت فيه مئات، بل آلاف الأطفال منحتهم بطاقة الانتماء لوطن تذكرت أنها ليست منه، أو أنهم هناك من مكاتبهم الدافئة، جعلوها تظن أنه ليس لها وهي لا تنتمي إليه.

هن بالمئات إن لم نقل بالآلاف مثل " مي فاطمة خير" لا يتذكرهن أحد..أمهات وزوجات نجومنا الرياضيين، يقمن بأهم دور في حياة الرياضيين.. يسهرن ويشرفن على إعداد كل الظروف للرياضي، يعشن معه القلق كثيرا، ويقاسمنه الفرح لماما.. يهملن ذواتهن، يغسلن الملابس، يعددن الأكل، يوفرن كل شروط الحياة.. ويقفن خلف الستار يتفرجن.. المحظوظات منهن من تمنح الرياضة لذويهن أفضل مقابل، وكثير منهن يعشن البؤس ويعانين القهر والتجاهل.. !

مي فاطمة خير أنت واحدة منهن، منحت كل الخير لهذا الوطن، ومستحيل يخذلك وطنك.. صنعت لأبناء الحي المحمدي وكاريان سانطرال بيتا للمقاومة.. وأكيد كل أبناء الحي بيتك ووطنك..

مي فاطمة خير، با العربي الزاولي يذكره التاريخ كهرم في الرياضة الوطنية، والمنطق يقول أنك هرم على نفس " هرمية" زوجك..

مي فاطمة خير، تقارب سن الثمانين، ربما هي تلتفت ،اليوم، لزوجها تغبطه، تحسده، على الأقل له مقر وعنوان، له قبر يأويه..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان زوجة رجل مهم بدون مقر أو عنوان



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 00:36 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

أحدث إطلالات أسيل عمران الأنيقة في مهرجان الجونة

GMT 01:44 2018 السبت ,23 حزيران / يونيو

اكتشفي العطور الرجالية التي تناسب المرأة أيضا

GMT 10:59 2015 الثلاثاء ,26 أيار / مايو

السيارة الرائعة كيا ريو الجديدة بمميزات عديدة

GMT 07:23 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

شهر العسل في رانس الفرنسية متعة حقيقية بين التاريخ العريق

GMT 21:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

ليفربول يعلن رحيل كوتينيو إلى برشلونة

GMT 16:17 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

قضاة مرضى

GMT 14:54 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 7 علاجات لمتلازمة توقف التنفس أثناء النوم

GMT 22:34 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

الذكرى الـ41 على وفاة الفنانة أم كلثوم "كوكب الشرق"

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 04:58 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

تعليق هانز فليك على طرد لوبيز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib