لا يا مولاي هذا غير كاف…

لا يا مولاي هذا غير كاف…

المغرب اليوم -

لا يا مولاي هذا غير كاف…

توفيق بو عشرين

قال محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي، في حوار مع جريدة «المساء»، نشر نهاية الأسبوع الماضي، منتقدا رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وسياسته إزاء الوثيقة الدستورية: «رئيس الحكومة ابتعد عن التأويل الديمقراطي للدستور بتجميد دستور 2011، وهذه مسؤولية خطيرة بالنسبة إلى المستقبل، ومسؤولية رئيس الحكومة لا تنفي مسؤولية مستشاري الملك، خصوصا المكلفين بالملف الدستوري… إن الوضعية الدستورية الحالية تفرض على المستشارين الملكيين المكلفين بالملف الدستوري إيقاف رئيس الحكومة عن الاستمرار في هذا الاتجاه.

الزميل الصحافي سليمان الريسوني، الذي حاور اليازغي، استدرك على الزعيم الاتحادي قوله، ولفت نظره إلى حقيقة أن رئيس الحكومة يؤول الدستور لصالح الدولة التي يقع هؤلاء المستشارون في قلبها، فكيف يريدهم أن يتدخلوا لثنيه عن ذلك؟

لم يتراجع السيد محمد اليازغي عن دعوته إلى تدخل المستشارين الملكيين لإنقاذ الدستور، فأكد قائلا: «رئيس الحكومة له اختصاصات لا يمارسها، وهو يقول إنه مساعد للملك، ومستشارو الملك المكلفون بالملف الدستوري ما يمكنشي يبقاو ساكتين، وهذه المسألة يمكن تدبيرها عبر قنوات الدولة…».

محمد اليازغي الذي يعرف جيدا مساوئ تدخل مستشاري الملك في السياسات الحكومية، ويعرف المتاعب التي خلقتها حكومة الظل، ومفهوم الملكية التنفيذية التي نحت شكلها مستشارو الملك، وأدت إلى الخروج عن المنهجية الديمقراطية في 2003، والرجوع إلى الخيار التقنوقراطي مع إدريس جطو.. محمد اليازغي الذي رأى بأم عينيه وجود حكومة ظل من المحيط الملكي توزع الأدوار والاختصاصات والملفات، وتقرر في الملفات الاستراتيجية في ظل وجود الحكومات السابقة المنبثقة نظريا عن صناديق الاقتراع.. محمد اليازغي يطالب الآن مستشاري الملك المكلفين بالملف الدستوري أن يأخذوا بزمام المبادرة، وأن يقوم عبد اللطيف المنوني ومحمد معتصم وفؤاد عالي الهمة بطرق باب رئيس الحكومة، وأن يوقفوا بنكيران عند حده لأنه يؤول الدستور بطريقة غير ديمقراطية ويعتبر نفسه مجرد مساعد للملك…

هذا كلام، من جهة، غير «ديمقراطي»، ومن جهة أخرى «غير دستوري».. الذي يجب أن يحاسب بنكيران على التفريط في المكتسبات الدستورية هو الشعب عن طريق صناديق الاقتراع عندما يحين موعد الانتخابات، وليس المنوني أو معتصم أو الهمة، وباقي مستشاري الملك الذين ليست لهم أي صلاحية أو سلطة أو اختصاص لمحاسبة رئيس حكومة منتخب. هؤلاء معاونون للملك في الديوان الملكي، وليست لهم صلاحية توقيف رئيس الحكومة مهما خرج عن الدستور، فهناك برلمان ومحكمة دستورية ومؤسسات مؤتمنة على الدستور. الطرف الثاني الذي يجب أن يتدخل في طريقة تنزيل الدستور واحترام روحه هو المعارضة في البرلمان وخارجه، لكن يبدو أن المعارضة في موضوع السير على طريق التنزيل الديمقراطي للدستور تمشي على البيض، ولا تريد أن تحرق أوراقها مع الحكم، تماماً مثل الحكومة التي ترى أن دستور 2011 أملته ظروف خاصة، وأن التشدد في تطبيق الدستور وروحه الآن قد يغضب الدولة، وقد يفسد طبخة التوافق ورحلة البحث عن التطبيع وكسب الثقة…

كان المغاربة لزمن طويل يرون أن الاتحاد الاشتراكي وقادته ورموزه يمثلون الاتجاه الحداثي في بيئة محافظة، وأن المدرسة الاتحادية رائدة في مجال تحديث أسس النظام، وأن الملكية البرلمانية كانت دائماً على جدول عمل الوردة، لكن 13 سنة من الجلوس في خيمة الحكومة غيرت الحزب 180 درجة، فانتقل من الخانة التقدمية إلى البلوك المحافظ، حتى لا نقول الرجعي، وأصبح زعيم الاتحاد الحالي يفاخر بأن المعارضة في المغرب معارضة صاحب الجلالة، تماماً كما أن حكومة بنكيران حكومة صاحب الجلالة، أما الزعيم السابق، محمد اليازغي، فإنه يدعو مستشاري الملك إلى دور غير دستوري من أجل إنقاذ الدستور، كمن يستجير من الرمضاء بالنار…

الثقافة السياسية لدى الأحزاب متأخرة بقرن عن الدستور الحالي، وخطاب 9 مارس لو أعطي لهذه الأحزاب من أجل قراءته قبل إذاعته لاعترضت على مضمونه، ولكان رأيها أن هذا كثير، وأن الشعب والبلاد لم يصلا بعد إلى هذا المستوى. لقد قرأنا وسمعنا أقطاب الكتلة يمدحون دستور 96، ويقولون إنه كاف لتطوير نظام الحكم قبل أشهر من انطلاق الربيع المغربي، فلماذا نطالبهم بأن يطوروا الآن دستور 2011 وهم لم يطالبوا أصلا به، بل فاجأهم جميعا لأنه جاء نتيجة تفاعل القصر مع مطالب الشباب بعد 16 يوما فقط من خروج 20 فبراير.

يروي الوسط الفني في المغرب حوارا، لا أعرف مدى صحته، دار بين الملك الراحل الحسن الثاني والفنان الكبير الطيب الصديقي، يوم ترشح هذا الأخير للبرلمان على قوائم حزب الأحرار، فسأل الملك الفنان: «لماذا ترشحت للبرلمان ألصديقي؟»، فرد هذا الأخير بما عرف عنه من روح للدعابة: «لأصوت بلا على بند واحد في قانون المالية يا مولاي؟»، فرد الحسن الثاني وعلامات الاستغراب على وجهه: «وما هو هذا البند؟»، فقال المسرحي الكبير: «البند المتعلق بميزانية القصر يا مولاي»، فتعجب الحسن الثاني، وقبل أن يصدر عنه ما لا تحمد عقباه، بادر الصديقي وقال: «سأصوت بلا، وأقول: لا، لا، هذا غير كافٍ، لا بد من الزيادة في ميزانية البلاط»…

لا يهم أن تكون هذه القصة حقيقية أم نكتة، المهم أن فيها عبرة ورسالة تعبر عن طبيعة النخب الحزبية التي صارت عبئا على الملكية وعلى الشعب والعصر…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يا مولاي هذا غير كاف… لا يا مولاي هذا غير كاف…



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib