سيارة بدون عجلات ومعركة لا مجد فيها

سيارة بدون عجلات ومعركة لا مجد فيها

المغرب اليوم -

سيارة بدون عجلات ومعركة لا مجد فيها

بقلم ـ توفيق بو عشرين

صراعات شخصية، واتهامات متبادلة، وجمل قصيرة ولاذعة، ومعارك تكتيكية، ومال حرام يجري هنا وهناك للتأثير في نوايا التصويت، وتموقعات تنظيمية بدون رهانات سياسية حقيقية، وأجواء من الشك والريبة من الجميع وضد الجميع… على هذا الإيقاع ينعقد الموتمر 17 في مركب مولاي عبدالله وسط جو حالك لا يمث بصلة للأرضية الوردية لقاعة المؤتمر الكبيرة …

بركة في عيون شباط مرشح المخزن، وهو مدفوع من وزارة الداخلية للانتقام من الأمين العام المنتهية ولايته، لأن شباط رفض المشاركة في (انقلاب 8 أكتوبر) في بيت إدريس لشكر ولفائدة “البام”، الذي كان ينوي “سرقة” رئاسة الحكومة من بنكيران، الذي جاء الأول في اقتراع 7 أكتوبر… لهذا، فزوج بنت عباس الفاسي لا يحمل في حقيبته حلا لمشاكل الحزب، لكنه يمثل إجهازا على استقلالية القرار فيه، وإلحاق حزب علال الفاسي بالأحزاب الإدارية التي يستعملها المخزن. لهذا حث الاستقلاليين على أن يستمعوا إلى ضمائرهم وأن ينقذوا سفينة الحزب…

شباط في عيون بركة وأنصاره سياسي شعبوي انتهت صلاحيته، ويجب أن يرحل عن حزب علال الفاسي بعد أن أدخله في مغامرات غير محسوبة، أفقدت الحزب توازنه وشخصيته، فمرة، هو ضد بنكيران لأنه داعشي وعميل للموساد، ومرة مع بنكيران لأنه حليف كبير للاستقلال لأنهما يشتركان معا في الوطنية والإسلام والدفاع عن الديمقراطية. (مناضل القرب) شتت الاستقلاليين، وخرج من الحكومة في 2013 بدون مبرر منطقي، وخسر عمادة فاس ومعها خسر حزب الاستقلال المركز الثاني في البرلمان، الذي كان عنده في 2011، ودخل في اصطدام مع الدولة لا يحتملها حزب محافظ، كان دائما إلى جانب الملكية وفِي قلب الحياة السياسية…

قيادات الحزب التي كانت تناصر شباط وتشجعه على المضي قدما في حرب بلا هوادة على حزب العدالة والتنمية وعلى بنكيران وإلى تحالف موضوعي مع البام، هي نفسها التي تقف اليوم ضده، وتساند سلسل أسرة استقلالية تقليدية (نزار بركة) لتسلم مفتاح مقر باب الحد. هذا فيما يعول شباط على القاعدة الاستقلالية التي ستصوت في معزل سري، ويرى أنها لن تخذله بعد أن أصبح (ثوريا) يواجه المخزن ووزارة الداخلية، ويقول ما لا يجرؤ عليه أحد اليوم، وكل ذلك باسم الدفاع عن التحالف مع البيجيدي والذوذ عن استقلالية القرار الحزبي، والوقوف في وجه عودة السلطوية من جديد عبر باب تبخيس الأحزاب السياسية والتحكم في قياداتها وهندسة التحالفات والأغلبيات والحكومات من فوق، لا من تحت…

عقلاء الاستقلال وهم قليلون، اعتزلوا هذه المعركة، واعتبروها فتنة، وفِي الفتنة يقول علي بن أبي طالب: (كن في الفتنة لابن اللبون لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب)…

حزب الاستقلال اليوم، مثل سيارة بدون عجلات يتصارع حول قيادتها اثنان يعرفان جيدا أن اقصى ما سيحصل عليه الرابح، هو الجلوس وراء المقود. أما تحريك السيارة أو إصلاحها لترجع إلى الخدمة، فهو أمر صعب للغاية حتى إن خلصت النيات فالمقدرات تقعد بهما عن هذه المهم… انظروا إلى خارطة عمداء المدن الكبرى ليس فيهم استقلالي واحد، انظروا إلى رؤساء المجالس البلدية في المدن الصغرى والمتوسطة ليس فيهم استقلالي واحد، انظروا إلى رئاسة الجهات الـ 12 ليس فيهم استقلالي واحد، انظروا إلى نقابة وجريدة وشبيبة الحزب كلها تبعث على الألم على حزب لم يستطع أبناء الاستقلاليين وأحفادهم الحفاظ عليه، وها هم مثل كل الأبناء العاقين يتنازعون حول تركة الراحل بلا رحمة ولا شفقة، قبل أن يدفنوه في التراب بلا مراسيم عزاء…

في آخر رصاصة أطلقها شباط قبل ساعات من عقد المؤتمر 17 قال إن الداخلية تعطي للحزب 750 مليون سنتيم في السنة، فيما مصاريفه في حدود مليار سنتيم كل عام، وإن الفرق يأتي من بعض التبرعات القليلة التي يدفعها متعاطفون مع الميزان “لكرملين” باب الحد، أما المساهمات الواجب استخلاصها من كل عضو مناضل في الحزب فلا تدفع. هذا أهم تشخيص لأوضاع حزب، ولطبيعة موتمر، والتزام 5000 مؤتمر سيحج أغلبهم  للرباط اليوم، من أجل أن يأكل ويشرب ويتفسح وإن بقي له وقت يختار أمينا عاما جديدا ولجنة تنفيذية لم تعد تنفذ شيئا.

في تأبينه لعبدالحق الطريس في تطوان سنة 1971، وقف علال الفاسي خطيبا في المقبرة ينعي رفيق النضال فقال: (تمنيت لو كنت مكانك يا أخي عبد الحق، حتى لا أحضر لهذا اليوم الذي يمزق فيه المغرب). لو امتد العمر بسيدي علال لقال اليوم للاستقلاليين: (تمنيت لو كنت تحت التراب حتى لا أحضر لهذا اليوم، الذي يمزق فيه حزب الاستقلال)، لكن القدر كان رحيما بعلال وبوستة وغلاب وسيدي بوبكر وبوشتة الجامعي والآخرين… رحم الله الكبار ولا عزاء للصغار…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيارة بدون عجلات ومعركة لا مجد فيها سيارة بدون عجلات ومعركة لا مجد فيها



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib