هل الاحتجاجات حرام أم حلال
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

هل الاحتجاجات حرام أم حلال؟

المغرب اليوم -

هل الاحتجاجات حرام أم حلال

بقلم - توفيق بو عشرين

بجلبابه الأبيض وبعصاه، وقف يعظ المؤمنين من فوق المنبر يوم الجمعة، فيقول: (أيها الناس اسمعوا وعوا يرحمكم الله، اجتنبوا الفتنة لعلكم تفلحون، واجتنبوا التظاهرات والاحتجاجات والمسيرات والإضرابات، إنها من عمل الشيطان،) فوقف واحد من المومنين وسط المسجد يسأل بطريقة استنكارية: (أيها الفقيه واش حتى المسيرات السلمية حرام؟)، فيجيب الإمام من فوق المنبر: (لا فتح بعد فتح مكة، ولا مسيرة بعد المسيرة الخضراء … الفتنة نائمة، لعنة الله على من أيقظها ومن أيقظ الحكام من سباتهم. اعلموا أيها المؤمنون إن الدنيا دار فناء، فلا تنافسوا فيها على شيء. معشر الفقراء عليكم بالجوع، جوعوا تصحوا، وابتعدوا عن اللحم والدجاج والسمك، عليكم باللفت ولا تلتفتوا إلى الحياة الدنيا).. بعد عشر دقائق من الموعظة يمر الخطيب إلى الدعاء، فيخص أفضله للحكام فيقول: (اللهم أكثر حساد حكامنا، واحفظهم من الثورات والاحتجاجات والمسيرات، ونجهم يا أرحم الراحمين. واللهم إنك تعلم أن قلوب حكامنا مرهفة فنجيهم من الزفزافة والقفقافة واعط كل مغرض تلافة، واجعل للسلطة في كل زقاق عياشا، يا أرحم الراحمين …).

كان هذا نص فيديو ساخر يروج بكثافة على الواتساب بين المغاربة، والمناسبة هي محاكمة قائد حراك الريف ناصر الزفزافي بتهمة إفساد طقوس العبادة داخل المسجد بالاحتجاج على خطيب مسجد محمد الخامس في الحسيمة، الذي وصف الاحتجاجات السلمية في الريف بالفتنة، واعتبر الخروج إلى الشارع خروجا على ولي الأمر… جاء الشريط ليسخر بطريقة ذكية من توظيف الدين في السياسة واستعمال منابر الجمعة لتصريف خطاب السلطة إزاء أزمة الريف، في الوقت الذي فشلت الحكومة في إخمادها…

هذا الشريط الذي اطلع عليه ملايين المغاربة في هواتفهم المحمولة يعبر عن رفض الجيل الجديد من الشباب، أكثر من غيرهم لاستعمال المساجد والخطب والأئمة والدين في السياسة، وفي لعبة السلطة. إن توظيف المقدس في تبرير قرارات السلطة لم يعد يثير الرفض فقط، بل يثير السخرية أيضا، وهذا مستوى متقدم من استهجان اللعب بالخطباء المساكين من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. فإذا كان المغاربة يعتزون بانتمائهم الديني ويتشبثون بهويتهم الإسلامية، فهذا لا يعني أن يصبح الإسلام خرقة لتغطية الاختلالات التي تطبع السياسات العمومية للدولة أو الحكومة أو الأحزاب أو الإدارة. وإذا كان الدستور يعطي للملك وظيفة دينية تحت لقب إمارة المؤمنين، فذلك من أجل منع توظيف الدين في الحياة السياسية من قبل الجميع، أحزابا وحركات وتيارات وحتى من قبل الدولة. إمارة المؤمنين مؤسسة رمزية وهي بمعنى من المعاني تحييد للشأن الديني أو لنقل (تأميم للدين)، ومنع توظيفه من قبل الجميع في الانتخابات أو في إدارة الحكم. لقد تجاوز مجتمعنا الفتاوى الدينية التي كان الملك الراحل حسن الثاني يستعملها مع المعارضة في تأويل الدستور وفي خرق استقلال القضاء، وفي فرض قرارته على الجميع باسم (سِبْط الرسول)، وباسم (ولي الأمر). ما يجمع المغاربة اليوم، مع العرش ليس البيعة ولا الطاعة، ما يجمع المغاربة اليوم، مع المؤسسة الملكية هو التعاقد على دستور صوت عليه المواطنون، وهو التزام مدني من طرفين، فيه حقوق وواجبات، وإذا كان مجتمعنا محافظا ويعطي للدين مكانة كبيرة في حياته الخاصة والعامة، فهذا لا يعني أن الدولة ستستغل هذا الرأسمال الرمزي لكي تمنع الشعب من المطالبة بحقوقه والخروج في مسيرات سلمية وفي تظاهرات احتجاجية. هذا أمر يؤطره القانون وليس فقه الفتنة والأحكام السلطانية، وإلا فإن من يخضع الناس بالدِّين سيعارضوه بالدِّين نفسه، وعندها سنسقط في الفتنة الحقيقية. إذا كان الرأي العام يرفض استعمال الإسلاميين معتدلين ومتطرفين للدين في السياسة، فليس معنى ذلك أنه سيسمح للدولة بجلده بسوط المقدس… لسنا دولة علمانية، ولكننا لسنا في دولة دينية… نحن في دولة مدنية يتطلع مواطنوها ليعيشوا عصرهم، لا ليعيدوا القرون الوسطى في جلباب جديد..

لم يكن الدين طيلة تاريخ المسلمين واليهود والنصارى بعيدا عن السياسة، وعن السلطة تحديدا، حيث كان رجال الدين عموما حلفاء للملوك والأباطرة والأمراء والحكام ضد شعوبهم، يبررون حكم القوي ضد الضعيف، لكن وقبل أكثر من قرنين أخرجت موجات الإصلاح الديني والثورات الأوروبية وفي مقدمتها الثورة الفرنسية الكنسية من الحكم، والدين من السياسة، والمسيحية من الصراع على السلطة، وصار تدبير الحكم بين البشر اختصاصا أرضيا لا سماويا، لأن فكر النهضة، ثم الأنوار ثم الحداثة، حرر الفكر السياسي من سطوة رجال الدين. أما في عالمنا العربي، فمازال الدين رأسمالا سياسيا توظفه الدولة لإخضاع رعاياها وسلب إرادتهم عن طريق تأويل للإسلام يجعل منه إيديولوجية سلطوية وليس فلسفة تحررية، ولأن سلاح الدين خطير، فإن المعارضين أيضا استعملوه في طريقهم لطلب السلطة، ولكم في “داعش” عبرة يا أولي الألباب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الاحتجاجات حرام أم حلال هل الاحتجاجات حرام أم حلال



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib