خطاب العرش

خطاب العرش

المغرب اليوم -

خطاب العرش

بقلم - توفيق بو عشرين

يوم الأحد المقبل سيلقي الملك محمد السادس خطابه رقم 18 بمناسبة جلوسه على عرش العلويين. في الخطاب الأول، قدم الملك الشاب أوراق اعتماده للشعب، وصرح بأسلوبه في إدارة الحكم، واختياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على رأس هرم الدولة في المغرب، ثم توالت الخطب التي كان جلها عبارة عن تقديم حصيلة سنة من الحكم، ورسم معالم سنة مقبلة في الإدارة الملكية للملفات الكبرى الداخلية والخارجية، لكن الأمر مختلف هذه السنة، حيث يتزامن خطاب العرش مع أزمة حراك الريف، بكل تعقيداتها القديمة والجديدة، فالناس ينتظرون من الملك حلا ناجعا بعد فشل كل الحلول التي جربت إلى الآن، وعلى رأسها الحل الأمني والقضائي، وظني أن هذا الانتظار الشعبي مبرر، فالملك هو الملك، وهو صاحب السلطة الأولى في البلاد، وبيده مفاتيح كل القرارات، بالدستور وبغير الدستور.

ثانيا، هو الذي يملك حق العفو العام والخاص عن السجناء، وهذه آلية سياسية مهمة لفك الاحتقان في الريف. ثالثا، الحكومة الحالية ضعيفة، ورئيسها مبعد عن الخوض في الأزمات الكبرى، وكل دور العثماني منحصر في توفير غطاء إعلامي لأخطاء الداخلية والأمن في تدبير الأزمة. رابعا، لا يمكن أن يعم الفرح في المملكة والريف ينزف، و170 شابا في الزنازين، والمغاربة خائفون على استقرارهم، ليس بسبب الاحتجاجات الاجتماعية، قديمها وجديدها، ولكن بسبب الاستعمال المفرط للقوة العمومية، والخروقات الحقوقية كما يشهد عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبسبب الفراغ السياسي الذي حدث في المملكة بعد فصل نتائج الانتخابات عن تركيبة الحكومة، وأعمال الهدم الجارية في بيوت الأحزاب السياسية، وانهيار كل أشكال الوساطة بين المجتمع والدولة.

مقابل الرأي الذي يدعو الملك إلى التدخل المباشر والصريح لحل أزمة الريف، هناك من ينصح القصر بعدم التدخل، مخافة أن يفهم الأمر وكأنه خضوع للشارع، أو إضعاف لهيبة الدولة، ويقدمون دليلا على هذا الأمر بما حدث يوم عيد الفطر، عندما خرجت الحسيمة تتظاهر في الشارع العام، ولم تقرأ الإشارة التي بعثها الملك إليها يوما واحدا قبل عيد الفطر، عندما ترأس مجلسا وزاريا، وأمر بتشكيل لجنة للتحقيق في تأخر مشاريع منارة المتوسط، وعهد بها إلى وزارتي الداخلية والمالية، ومع ذلك خرج السكان يحتجون، ولم يقدروا الالتفاتة «المولوية» التي كان التجاوب معها سيفتح الطريق لخطوات أخرى، تنتهي بالإفراج عن المعتقلين والاستجابة لبعض مطالب المحتجين… هذا الرأي تغيب عنه حقائق كثيرة، ومنها أن التنازل للشارع ليس عيبا، فلا يحكم الملوك ولا الأمراء ولا الرؤساء ضد إرادة شعوبهم، بل بتناغم معهم. ثانيا، شباب اليوم في الريف، وغير الريف، لا يفهم لغة الإشارات العتيقة، ولا نظام الرسائل المشفرة. هو لا يعرف إلا اللغة الصريحة والواضحة، ويجهل نظام فك الرموز. ثالثا، أزمة الريف متحركة وليست ثابتة، ومطالبها سائلة وليست جامدة. المشكل في الريف بدأ اجتماعيا وتحول إلى مشكل سياسي. أما مطلبه الأول الآن فهو إطلاق سراح المعتقلين، وفك الطوق الأمني عن المدينة ونواحيها، وبعدها، وليس قبل ذلك، يمكن الالتفات إلى كناش المطالب الاجتماعية.

لقد رفض والد الزفزافي، الذي تحول إلى شبه ناطق رسمي باسم الحراك بعد اعتقال ولده ناصر وزملائه، النزول للتظاهر يوم عيد العرش، وهذا معناه أن حراك الريف مازال له سقف سياسي لا يتعداه، ومعناه، ثانيا، أن المواطنين هناك مازالوا يحرصون على خط الرجعة مع الدولة، وهذا الخط ليس سوى الأمل في الملك محمد السادس وفي حسه الإنساني، وتعقله السياسي الذي يجعل منه ملكا لكل المغاربة، مهما كانت انتماءاتهم ومطالبهم وثقافتهم وألسنتهم. هذا ما يجعل الملكية خيمة تسع كل المغاربة، وليست بيتا أو مربعا صغيرا يحتكره شخص أو حزب أو جماعة لنفسها ومصالحها وحساباتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب العرش خطاب العرش



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib