داء فقدان الشجاعة السياسية
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

داء فقدان الشجاعة السياسية

المغرب اليوم -

داء فقدان الشجاعة السياسية

بقلم - توفيق بو عشرين

في حياتنا السياسية الفقيرة، وديمقراطيتنا الناشئة، يبدو أن معظم السياسيين مستعدون لبذل كل شيء من أجل الحفاظ على كرسي قريب من السلطة، أو على مقعد قريب من الشعب، حتى وإن لم يؤمنوا بهذا الشعب. أغلبية النخب تبحث عن موقع لا مساءلة فيه ولا محاسبة، بل دوام وامتياز وحظوة ونعيم… أما المشاريع والأفكار والمواقف والشجاعة والأخلاقيات العميقة للسياسة وللمرفق العام والمصلحة الوطنية… فهي أمور أو انشغالات لا تحتل مكان الصدارة في جدول أعمال الوزراء وكبار مسؤولي الدولة، وزعماء الأحزاب السياسية، ورجال الدين والفكر والثقافة والإعلام، الذين يمشون بجانب الحائط، ويدربون ألسنتهم وعقولهم وقلوبهم ولغتهم وقراراتهم على قول لا.. هذه هي القاعدة، أما الاستثناء فلا حكم له، كما يقول الفقهاء.
سأل مدير شركة أربعة من موظفيه سؤالا لاختبار معدنهم، فقال: «واحد زائد واحد تساوي ثلاثة. هل هذا صحيح؟»، فقال الأول: «نعم هذا صحيح» (كذاب)، وقال الثاني: «نعم صحيح إذا أضفنا واحدا آخر إلى المعادلة» (مجامل)، وقال الثالث: «إذا أراد سعادة المدير أن تكون ثلاثة فهي ثلاثة» (منافق)، أما الرابع فقال: «إن العملية خاطئة، والصحيح هو اثنان» (صادق)… سرح مدير الشركة الأخير لأن الصدق عملة غير قابلة للصرف في الشركة، واحتفظ بالثلاثة الآخرين لأنهم، ليس فقط ضعاف نفوس، لكنهم أيضا ممن تسهل قيادتهم واستعمالهم… هذا ما يجري تقريبا في عالم السياسة والاقتصاد والإدارة والإعلام والعلاقات العامة في بلادنا، وهذا الخداع الجماعي يلبس، في الغالب، «جلبابا مغربيا واسعا» اسمه تارة الواقعية، وتارة الاضطرار، وأخرى عدم الرمي بالنفس إلى التهلكة، ورابعة: «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، بتفسير علماء السلطان طبعا، وخامسة: «الله ينصر من أصبح»، وسادسة أن السياسي «الشاطر» هو الذي يتقن فن الصمت بعدة لغات، كما كان السادات يقول.
في هذه الأجواء تصبح الصناعة الوطنية الأولى هي لغة الخشب، ويصير الشعار الرسمي هو «دعه يعمل دعه يحكم»، فلن يتغير شيء في هذه البلاد، والحل واحد من نهجين؛ إما مسايرة القطيع والدخول إلى الصف، أو الدخول إلى «سوق الرأس» والاهتمام بالمشروع الخاص عوض العام، الوظيفة، الدخل، تربية الأبناء وتعليمهم، أو رعاية قط البيت أو كلبه، والجلوس على الأريكة، وقراءة كتاب الأمثال والحكم التي تقول: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، و«ابتعد عن الشر وغنِّ له»، و«الشهر الذي لا تقبض أجره لماذا تعد أيامه»، و«الحياة قصيرة فلماذا تضيعها في المتاعب أو النضال أو رفع الصوت»…
لفهم سلوك النخبة المغربية لا بد من الرجوع إلى التاريخ السياسي والاجتماعي القريب، ففيه بعض التفسيرات السوسيولوجية لهذا «النفاق»، ولهذا الخوف الكبير من السلطة. تخبرنا جل كتب التاريخ، حتى المزور منها، أن المغاربة عانوا ثلاث آفات خلال القرون الماضية؛ أولاها جور السلطان وحاشيته التي لا حدود لسلطاتها ولا راد لغلبتها. ثانيا، الخوف من الفتنة والقلاقل والحروب الأهلية والتنازع على كرسي الحكم. ثالثا، المجاعة والفقر وقلة ذات اليد… قبل أن يدخل الاستعمار إلى المغرب كان القياد، الذين يحكمون مساحات شاسعة من الأراضي التي يقتطعها السلطان لهم، يفعلون ما يشاؤون في البلاد والعباد، لكن، عندما يحضر موعد مثولهم أمام حضرة السلطان في فاس، لتجديد البيعة أو الطاعة ولدفع «الجزية»، كان القايد يودع أهله، ويوصي وصية من لا يعرف هل سيرجع أم لا إلى قبيلته، فتتحول داره إلى ما يشبه سرادق عزاء قبل الأوان، فإذا عاد استبشر أهله خيرا، وإذا لم يرجع فإنا لله وإنا إليه راجعون… قبل قرن أو أقل، لم يكن أغلب المغاربة يأكلون حتى يشبعون، ولم يكن الكثيرون ينتعلون حذاء أو بلغة أو أي شيء، وكان القمل والبرغوث ملازمين للأغلبية الساحقة من المغاربة، وكان التسول في البوادي والمدن عادة لا يخجل منها أحد، أما الإحساس بالأمن والأمان فإنه كان «برستيجا» لا يحظى به إلا القليلون، ولأوقات قصيرة. كان قطاع الطرق يجعلون من السفر بين المدن والأقاليم مغامرة حقيقية، وكان المخزن في حرب دائمة على مناطق السيبة، وعندما بدأت الدول الأوروبية تطل من مدن المغرب النافع، كان جل الأعيان والتجار المحليين يتسابقون لنيل حمايتهم للإفلات من عقاب المخزن، أو لنيل الحظوة لدى الأجنبي… كل هذه العوامل مجتمعة أو متفرقة أسهمت في صناعة الشخصية المغربية، وثقافتها السياسية، وسلوكها تجاه الدولة والمجتمع إلى اليوم، فصار الخوف من السلطان طريقا للتقرب والتزلف للسلطة دون قيد أو شرط، وصار الخوف من الفقر سببا في السعي بكل الطرق إلى المال، ولو على حساب الكرامة والعفة، وصار الخوف من الفتن والقلاقل مدعاة إلى الرضا بالواقع والخوف من التغيير… تغيرت الأحوال، لكن تحت الجلد مازال هناك الطابع الأصيل الذي يدل على شخصية مليئة بالتناقضات، في بيئة لم تتغير كثيرا رغم كل المظاهر الخادعة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داء فقدان الشجاعة السياسية داء فقدان الشجاعة السياسية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib