أبطال بلا مجد
إحتراق ٥ جنود عسكريين داخل ناقلة جند إسرائيلية في قطاع غزّة زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان دون أنباء عن أضرار في الهند بريطانيا تعلن إعداد خطة لإسقاط مساعدات إنسانية جواً إلى قطاع غزة المديرية العامة للدفاع المدني بغزة يحذر من توقف كامل لمركباتها مع اقتراب نفاذ الوقود الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيّرة إسرائيلية مزوّدة بقنبلة يدوية في أطراف بلدة ميس الجبل جنوب البلاد إسرائيل تهدد بالسيطرة على سفينة حنظلة إذا واصلت طريقها نحو غزة وفاة زياد الرحباني عن عمر 69 عاماً ولبنان يودع رمزاً فنياً ترك بصمة خالدة في الموسيقى والمسرح السياسي حرائق غابات واسعة تضرب شمال الخليل في إسرائيل وتؤدي إلى إغلاق طرق رئيسية واستدعاء 14 فريق إطفاء و6 طائرات لمواجهتها فيضانات عنيفة تجتاح جامبيلا غرب إثيوبيا وتتسبب في أضرار واسعة لأكثر من 50 منزلاً وإجلاء السكان وسط ضعف البنية التحتية جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن إحباط محاولتين لشن هجومين في المنطقة الجنوبية من الضفة الغربية المحتلة
أخر الأخبار

أبطال بلا مجد

المغرب اليوم -

أبطال بلا مجد

بقلم - توفيق بو عشرين

جاءني صوتها مخنوقا عبر الهاتف، لم تستطع أن تقاوم البكاء وحتى النحيب، ابنها البالغ من العمر 25 سنة قتل في العراق وهو يتصور أنه يجاهد في صفوف داعش. إنه بطل دون مجد، ومقاتل شجاع في المعركة الخطأ. حاولت أن أهدئ الأم المكلومة التي تريد أن تقاسم أمهات أخريات قصتها، حتى ينقذن أبناءهن من مصير مماثل. قلت لها: «احكي القصة من البداية لأفهم الموضوع»، فقالت: إنه شاب متعلم كان على أبواب الزواج. عاش في أسرة من شمال المملكة لا ينقصها شيء.

الأب كان استقلاليا يحلم ‘‘بمغربنا وطننا روحي فداه’’… والأم من أسرة التعليم، كان أولادها في قمة اهتماماتها. كبر الابن في أسرة من ثلاثة إخوة هو أصغرهم (25 سنة)، درس في مدارس البعثة الإسبانية، وحصل على عمل بسهولة في شركة دولية في شمال المملكة. لم تكن أسرته بعيدة عن التدين المغربي الوسطي، ولا هو كانت تظهر عليه علامات التشدد أو التطرف. كان شابا مقبلا على الحياة.. ‘‘ابن الوقت’’، مولعا بتكنولوجيا التواصل الحديثة. كان يقضي ساعات طويلة أمام النيت ومواقعه، وعالمه الافتراضي الذي أضحى أهم من الحقيقي في حياته. لم تفطن الأسرة إلى أن الابن يتعرض لغسيل دماغ حقيقي، وأن هناك من يجره إلى عالم الجهاد العالمي، حيث الصورة والفيديو يعوضان الكتاب، والفتوى تحل محل القناعة، وإغراء الحرب يتغلب على السعي نحو السلم.

الشاب إلياس، الذي قضى نحبه في صفوف مقاتلي البغدادي قبل شهرين تحت قصف الطائرات الأمريكية من الجو وميلشيات الحشد الشعبي على الأرض، لم يستقطب إلى داعش عن طريق المسجد أو الخلايا السرية أو جلسات الوعظ والإرشاد التقليدية، أو من قبل دعاة أو شيوخ. جرى اصطياد الشاب المغربي من وراء الشاشة في الشبكة العنكبوتية، حيث يشتغل جهاديو النيت في الفايسبوك وتويتر واليوتوب ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، التي أصبحت الأرض الحقيقية للمعركة. هنا جرى غسل دماغ إلياس، أولا بعرض فيديوهات معاناة السوريين والسوريات ضحايا بربرية الأسد، في محاولة لإثارة مشاعر إنسانية طبيعية لدى كل فرد، ثم منها انتقل الخطاب الدعائي إلى عرض معاناة «أهل السنة» مع عصابات الشيعة الاثناعشرية والعلويين (على ما بينهما من فروق كبيرة)، المدعومين من إيران التي تقتل النساء والأطفال، حسب زعمهم، ومن إثارة الحس المذهبي إلى اللعب على الحس الديني الأشمل، وصولا إلى تجييش عقل الشاب ضد عدوان أمريكا والغرب الكافر، الذي يحتقر المسلمين، ويحتل أرضهم، ويستبيح كرامتهم، ويقسم وحدتهم… ما الحل إذن؟ الحل الأول هو مبايعة دولة الخلافة التي انقرضت منذ قرن، ومحاولة تصوير شكل تاريخي لم يكن أبدا نموذجيا لحكم المسلمين إلى يوتوبيا، ثم ماذا بعد البيعة؟ الجهاد في سبيل الله دون تدقيق ولا فهم. الجهاد هنا يصبح صفقة يحصل بها المسلم على درجة الكمال، وهي الموت في سبيل الله، والذهاب إلى الجنة مباشرة بلا حساب ولا عقاب ولا سؤال ولا جواب… هكذا وجد الشاب التطواني نفسه على متن الخطوط الجوية التركية في طريقه إلى اسطنبول، ومنها إلى الحدود السورية، وبقية القصة معروفة. غاب لأسابيع، وبعدها جاء صوته من وراء الهاتف لأمه، يقول لها: ‘‘ادعي معي أن يقبلني الله في صفوف الشهداء’’.. كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ لا جواب. الابن خرج من عالم ودخل عالما آخر، وما هي إلا سنة حتى قتل في ظروف لا يعلمها أحد. مات وترك أما تبكيه ما بقي في عمرها من عمر.

شاب في مقتبل العمر، حتى وإن لم يكن فقيرا يائسا، فإنه، كباقي الشباب في سنه، يحلم بمشروع كبير مثل شباب الستينات والسبعينات، الذين انتموا إلى اليسار الراديكالي الذي كان يحلم بتغيير العالم قبل أن يفهمه. هذا الشاب، الذي هاجر إلى داعش، كان يتصور أن حمل الكلاشنكوف والانضمام إلى جيش الرب هو الطريق السهل إلى تحقيق ذاته، والانخراط في «اليوتوبيا» العالمية للجهاد، حيث يتم توظيف مشاكل حقيقية للمسلمين لاقتراح حلول سهلة، لكنها حلول انتحارية مدمرة.. إنها لعبة أمم جديدة يصنعها الكبار ويموت فيها الصغار…

ومادام العالم الأرضي لم تعد فيه أهداف كبرى يسعى إليها الشبان الحالمون بطبعهم، فسينتقلون إلى العالم الآخر ليحققوا الطموح الأكبر، تماماً كما كان يحلم الشيوعيون بالجنة فوق الأرض.. إلياس وأصدقاؤه يحلمون بالجنة في السماء.

هؤلاء الشباب لم يقرؤوا كتابا واحدا عن الإسلام أو الجهاد ومقاصده، ومع ذلك وضعوا أرواحهم فوق أكفهم، وسافروا إلى أرض ليست أرضهم، وماتوا قبل أن يفكروا في فهم العالم قبل تغييره، ولا اهتموا بفك تعقيداته قبل الدخول إليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبطال بلا مجد أبطال بلا مجد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib