أبطال بلا مجد
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

أبطال بلا مجد

المغرب اليوم -

أبطال بلا مجد

بقلم - توفيق بو عشرين

جاءني صوتها مخنوقا عبر الهاتف، لم تستطع أن تقاوم البكاء وحتى النحيب، ابنها البالغ من العمر 25 سنة قتل في العراق وهو يتصور أنه يجاهد في صفوف داعش. إنه بطل دون مجد، ومقاتل شجاع في المعركة الخطأ. حاولت أن أهدئ الأم المكلومة التي تريد أن تقاسم أمهات أخريات قصتها، حتى ينقذن أبناءهن من مصير مماثل. قلت لها: «احكي القصة من البداية لأفهم الموضوع»، فقالت: إنه شاب متعلم كان على أبواب الزواج. عاش في أسرة من شمال المملكة لا ينقصها شيء.

الأب كان استقلاليا يحلم ‘‘بمغربنا وطننا روحي فداه’’… والأم من أسرة التعليم، كان أولادها في قمة اهتماماتها. كبر الابن في أسرة من ثلاثة إخوة هو أصغرهم (25 سنة)، درس في مدارس البعثة الإسبانية، وحصل على عمل بسهولة في شركة دولية في شمال المملكة. لم تكن أسرته بعيدة عن التدين المغربي الوسطي، ولا هو كانت تظهر عليه علامات التشدد أو التطرف. كان شابا مقبلا على الحياة.. ‘‘ابن الوقت’’، مولعا بتكنولوجيا التواصل الحديثة. كان يقضي ساعات طويلة أمام النيت ومواقعه، وعالمه الافتراضي الذي أضحى أهم من الحقيقي في حياته. لم تفطن الأسرة إلى أن الابن يتعرض لغسيل دماغ حقيقي، وأن هناك من يجره إلى عالم الجهاد العالمي، حيث الصورة والفيديو يعوضان الكتاب، والفتوى تحل محل القناعة، وإغراء الحرب يتغلب على السعي نحو السلم.

الشاب إلياس، الذي قضى نحبه في صفوف مقاتلي البغدادي قبل شهرين تحت قصف الطائرات الأمريكية من الجو وميلشيات الحشد الشعبي على الأرض، لم يستقطب إلى داعش عن طريق المسجد أو الخلايا السرية أو جلسات الوعظ والإرشاد التقليدية، أو من قبل دعاة أو شيوخ. جرى اصطياد الشاب المغربي من وراء الشاشة في الشبكة العنكبوتية، حيث يشتغل جهاديو النيت في الفايسبوك وتويتر واليوتوب ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، التي أصبحت الأرض الحقيقية للمعركة. هنا جرى غسل دماغ إلياس، أولا بعرض فيديوهات معاناة السوريين والسوريات ضحايا بربرية الأسد، في محاولة لإثارة مشاعر إنسانية طبيعية لدى كل فرد، ثم منها انتقل الخطاب الدعائي إلى عرض معاناة «أهل السنة» مع عصابات الشيعة الاثناعشرية والعلويين (على ما بينهما من فروق كبيرة)، المدعومين من إيران التي تقتل النساء والأطفال، حسب زعمهم، ومن إثارة الحس المذهبي إلى اللعب على الحس الديني الأشمل، وصولا إلى تجييش عقل الشاب ضد عدوان أمريكا والغرب الكافر، الذي يحتقر المسلمين، ويحتل أرضهم، ويستبيح كرامتهم، ويقسم وحدتهم… ما الحل إذن؟ الحل الأول هو مبايعة دولة الخلافة التي انقرضت منذ قرن، ومحاولة تصوير شكل تاريخي لم يكن أبدا نموذجيا لحكم المسلمين إلى يوتوبيا، ثم ماذا بعد البيعة؟ الجهاد في سبيل الله دون تدقيق ولا فهم. الجهاد هنا يصبح صفقة يحصل بها المسلم على درجة الكمال، وهي الموت في سبيل الله، والذهاب إلى الجنة مباشرة بلا حساب ولا عقاب ولا سؤال ولا جواب… هكذا وجد الشاب التطواني نفسه على متن الخطوط الجوية التركية في طريقه إلى اسطنبول، ومنها إلى الحدود السورية، وبقية القصة معروفة. غاب لأسابيع، وبعدها جاء صوته من وراء الهاتف لأمه، يقول لها: ‘‘ادعي معي أن يقبلني الله في صفوف الشهداء’’.. كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ لا جواب. الابن خرج من عالم ودخل عالما آخر، وما هي إلا سنة حتى قتل في ظروف لا يعلمها أحد. مات وترك أما تبكيه ما بقي في عمرها من عمر.

شاب في مقتبل العمر، حتى وإن لم يكن فقيرا يائسا، فإنه، كباقي الشباب في سنه، يحلم بمشروع كبير مثل شباب الستينات والسبعينات، الذين انتموا إلى اليسار الراديكالي الذي كان يحلم بتغيير العالم قبل أن يفهمه. هذا الشاب، الذي هاجر إلى داعش، كان يتصور أن حمل الكلاشنكوف والانضمام إلى جيش الرب هو الطريق السهل إلى تحقيق ذاته، والانخراط في «اليوتوبيا» العالمية للجهاد، حيث يتم توظيف مشاكل حقيقية للمسلمين لاقتراح حلول سهلة، لكنها حلول انتحارية مدمرة.. إنها لعبة أمم جديدة يصنعها الكبار ويموت فيها الصغار…

ومادام العالم الأرضي لم تعد فيه أهداف كبرى يسعى إليها الشبان الحالمون بطبعهم، فسينتقلون إلى العالم الآخر ليحققوا الطموح الأكبر، تماماً كما كان يحلم الشيوعيون بالجنة فوق الأرض.. إلياس وأصدقاؤه يحلمون بالجنة في السماء.

هؤلاء الشباب لم يقرؤوا كتابا واحدا عن الإسلام أو الجهاد ومقاصده، ومع ذلك وضعوا أرواحهم فوق أكفهم، وسافروا إلى أرض ليست أرضهم، وماتوا قبل أن يفكروا في فهم العالم قبل تغييره، ولا اهتموا بفك تعقيداته قبل الدخول إليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبطال بلا مجد أبطال بلا مجد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 21:32 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

تشيلسي يجدد عقد الإدريسي حتى 2028

GMT 21:14 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي

GMT 21:27 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

رفض استئناف أوساسونا بشأن لاعب برشلونة

GMT 20:55 2025 الإثنين ,24 آذار/ مارس

جزارون يتخلصون من لحم إناث الغنم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib