نصيحة لبنكيران

نصيحة لبنكيران

المغرب اليوم -

نصيحة لبنكيران

بقلم : توفيق بو عشرين

يبدو أن انتظار بنكيران في بيته سيطول قبل أن تنقشع غيوم الخريف ويطل الربيع بأزهاره، ويبدو أن ما يصنع نجاح السياسيين الآخرين هو نفسه سبب متاعب زعيم الإسلاميين، أي «الشعبية»، كما ظهرت في نتائج الانتخابات الأخيرة وفي غيرها من المناسبات، ولهذا، لا بأس أن يفتح رئيس الحكومة سيرتين مهمتين، ويطالع تجربتي صاحبيهما، وأقصد كتاب امحمد بوستة، وإن لم يُكتب له أن يدون، وكتاب عبد الواحد الراضي، الذي صدر أخيرا تحت عنوان: «المغرب الذي عشته».

في سيرة الراحل امحمد بوستة، الذي ودعه المشيعون بالدموع والزغاريد، ثلاثة دروس؛ أولها الوطنية العميقة، والاستعداد للتضحية من أجل الوطن ووحدته واستقلاله ورفعته، مهما كلّف هذا الاختيار صاحبه من آلام وتضحيات. والدرس الثاني هو الجمع بين الدفاع عن الملكية كرمز وانتقاد الجالس على العرش كفرد، إذا اقتضى الأمر ذلك، بأدب وكياسة وحكمة، لكن بقول لا عندما تقتضي الأحوال ذلك.. بالخروج إلى المعارضة عندما تصير المشاركة في الحكومة مضرة بالمصالح العليا للدولة ومسارها الديمقراطي. هذا النهج هو الذي دفع حزب الاستقلال، مثلا، إلى تأييد دستور 1962 بكل عيوبه، لكنه رفض تأسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك)، والنهج نفسه هو الذي دفع حزب الاستقلال إلى رفض الانقلابين العسكريين ضد الملكية، لكنه، في الوقت نفسه، حمّل الراحل الحسن الثاني الجزء الأكبر من المسؤولية عن تعريض العرش والاستقرار للخطر بسبب إعلان حالة الاستثناء، وتعليق العمل بالدستور، وخلق فراغ سياسي كبير. والنهج نفسه هو الذي جعل امحمد بوستة يقبل منصب الوزير الأول وتشكيل حكومة إبان التناوب الأول سنة 1993، لكنه رفض، في الوقت ذاته، مشاركة إدريس البصري فيها وزيرا للداخلية ولو لمدة ستة أشهر، لأن الأخير كان عدوا للديمقراطية، في حين قبل عبد الرحمان اليوسفي مشاركة البصري في حكومة التناوب التوافقي، وبقية القصة معروفة…

أما الدرس الثالث في سيرة الراحل بوستة فهو أن المحافظة لا تعني الرجعية، والإسلام لا يعني الانغلاق، والعربية لا تعني العنصرية، وأن العراقة لا تتطابق مع التقليدانية بالضرورة. لقد كان خريج جامعة السربون هو نفسه المناضل الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، وكان تلميذ علال الفاسي هو نفسه الذي اقتسم إرث والده مع إخوته الذكور والإناث بالتساوي سنة 1956، وكان دارس الفلسفة في فرنسا هو نفسه المحامي الذي سافر إلى القاهرة للدفاع عن سيد قطب قبل إعدامه من قبل جمال عبد الناصر، وكان سليل الأسرة الاستقلالية القريبة من القصر هو نفسه المحامي الشرس المدافع عن المعتقلين السياسيين.. هكذا عاش رجل دولة لا خادم سلطان.

في سيرة الرجل الثاني، عبد الواحد الراضي، أطال الله عمره، تجربة أخرى، حيث يحكي في كتابه وقائع تستحق أن تروى عن نشوء الحزب السري، وعن يأس النخبة المخزنية من الفوز في الانتخابات، وكيف تحول عندها العداء للديمقراطية إلى إيديولوجيا منذ فشل وزراء الفديك في انتخابات 1963. يقول الراضي، الذي عاش اتحاديا قريبا من القصر، تقدميا بدون فكر ثوري، سياسيا واقعيا بلا أوهام ولا شعبوية: «أصبحوا -نخبة الفديك ومن على شاكلتها- يدركون، منذ تلك اللحظة، أن المغرب، إذا اختار أن يكون ديمقراطيا بالفعل، لن يكون لهم مطلقا أي دور يلعبونه، ومن ثم اختاروا معسكرهم، واختاروا العداء لكل فكر ديمقراطي، ولكل فاعل ديمقراطي… لم يعد لهم أي أمل في أن ينجحوا يوما إذا شاركوا في انتخابات مباشرة نزيهة».

هذه الفقرة يجب أن يقرأها بنكيران ليفهم اليوم أن المقصود بالبلوكاج ليس هو بل مخرجات صندوق الاقتراع، وهذه الفقرة يجب أن يقرأها أيضا إدريس لشكر، الذي جعل من نفسه حجرا في حذاء تشكيل الحكومة بناء على نتائج الاقتراع الأخير، ومن المحزن ألا يستوعب اتحاد لشكر دروس اتحاد بوعبيد واليوسفي واليازغي والراضي… وأن يصبح الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب بأصوات الفديك الجديد المحمول على الجرار.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصيحة لبنكيران نصيحة لبنكيران



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib