أسبوع الحسم

أسبوع الحسم

المغرب اليوم -

أسبوع الحسم

بقلم : توفيق بو عشرين

انتهت الزيارة الملكية لإفريقيا، التي امتدت إلى شهور عديدة، وبعث محمد السادس، يوم أمس، رسالة شكر وامتنان إلى الرئيس الإيفواري، حسن وطرا، على حسن الاستقبال والوفادة، وهو ما يعني أن الجولة المكوكية للجالس على العرش في إفريقيا قد انتهت، وتوجت بعودة الرباط إلى مقعدها في الاتحاد الإفريقي بعد معركة كبيرة قانونية وسياسية، ومعها فتح الملك محمد السادس صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية مع عدد من الدول الإفريقية التي كانت تدور في فلك الجزائر وجنوب إفريقيا، والآن الورش الكبير مفتوح، ويتطلب وزير خارجية قويا وذكيا، وصاحب إصرار لمتابعة الاتفاقيات الموقعة، وإخراج المشاريع الكبرى من الورق إلى أرض الواقع… وهذا بدوره يفرض تشكيل حكومة جديدة بعد خمسة أشهر وزيادة من الفراغ المؤسساتي والسياسي الذي عرفه المغرب، بعد فشل بنكيران في تشكيل حكومة على مقاس حزب الأحرار ومن يقف خلفه.

هذا الأسبوع، من حيث المبدأ، ستتضح الصورة بعد أن يقابل بنكيران الملك محمد السادس، لكي يطلعه على تفاصيل فشل مهمته (وإن كان الملك لا يحتاج إلى من يخبره بالقصة، فهو يعرفها، وربما أفضل من بنكيران)، لكنها صيغة بروتوكولية الغرض منها وضع إطار دستوري وقانوني للقاء الملك مع رئيس الحكومة المكلف بالبحث عن الأغلبية، وهنا لنا أن نتخيل سيناريوهين أساسيين للقاء الحسم هذا:

إما أن بنكيران سيضع استقالته من منصب رئيس الحكومة المعين بظهير، وفق الفصل 47 من الدستور، مع آخر جملة ينطقها في التقرير الذي سيقدمه للملك محمد السادس حول فشله في جمع أغلبية، وعدم استعداده للخضوع لابتزاز إدريس لشكر وعزيز أخنوش وامحند العنصر ومحمد ساجيد، الذين لم يقبلوا في العمق ببنكيران رئيسا للحكومة، أعطاه الدستور حق تشكيل الأغلبية، وهو الحق الذي لم تعطه الوثيقة الدستورية حتى للملك، بل جعلته محصورا في قائمة صلاحيات رئيس الحكومة المكلف، فالملك يستطيع أن يرفض تعيين هذا الوزير أو ذاك، لأن ذلك من صلاحياته، لكنه لا يتدخل في تركيبة الأحزاب المشكلة للحكومة. هذا هو جوهر الإصلاحات الدستورية التي اختارها الملك نفسه ولجنته الاستشارية وعموم المغاربة الذين شاركوا في الاستفتاء العام على الدستور في 2011.

إذا قدم بنكيران استقالته من منصبه فمعنى ذلك أن الرجل لا يستطيع أن يقدم تنازلات جديدة غير تلك التي قدمها من قبل، وعلى رأسها التخلي عن حزب الاستقلال، والتخلي عن رئاسة مجلس النواب، والقبول بالاتحاد الدستوري في الحكومة، دون الحديث عن تنازلات ما قبل انتخابات السابع من أكتوبر، حيث تنازل بنكيران عن العتبة، وعن التقطيع المنصف للدوائر، وعن حقه في الإشراف القانوني والسياسي على الاقتراع، علاوة على تخفيف القصف تجاه الجرار وزعيمه، وذلك لكي لا يوتر الجو أكثر مع من كان يراهن على البام… هنا يصبح بنكيران أمام خيارين؛ إما الذهاب إلى المعارضة بتأويل متعسف للدستور يعطي رئيس حزب آخر إمكانية تشكيل الحكومة، وإما الذهاب إلى انتخابات جديدة هذا العام للاحتكام إلى الشعب في هذه النازلة الجديدة على المغرب.

أما السيناريو الثاني فهو أن يبسط بنكيران أمام الملك كل الصعوبات التي واجهها في مسار تشكيل الحكومة، و«يترك الأمر لصاحب الأمر» دون تقديم استقالته، ودون التلويح بالاستعداد للنزول إلى المعارضة، أي أن يطلب بنكيران مساعدة الملك له في تشكيل الحكومة عبر التحكيم، أو عبر أي شكل من أشكال طلب المساعدة للخروج من النفق. إذا كان الجالس على العرش مازال يهمه بقاء بنكيران على رأس الحكومة، سيمد إليه يد المساعدة، كما فعل سنة 2013 عندما خرج حزب الاستقلال من الحكومة، فلعب الملك دورا حاسما في إدخال حزب الأحرار إلى الحكومة الأولى لبنكيران، لكن، وكما يعرف الجميع، لا توجد هدايا في السياسة.. لكل شيء مقابل، والدولة ليست ONG، أي ليست جمعية خيرية. إذا طلب بنكيران المساعدة، فعليه أن يؤدي ثمنها من نوع الحقائب التي سيتنازل عنها لحزبين أساسيين؛ الأول هو «حزب التقنوقراط»، والحزب الثاني هو حزب الأحرار، هذا، إن لم تكن هناك لائحة شروط أخرى.

طبعا لكل طرف حساباته، ولكل طرف إكراهاته، والضغط لا يوجد فوق ظهر بنكيران لوحده، ولكن لا بد لهذا الفيلم الممل المسمى بلوكاج من نهاية سعيدة أو تعيسة. المهم هو خروج البلاد من قاعة الانتظار، وآنذاك لكل خيار ثمن، ولكل سياسة فاتورة، والذي لا يرى في المشكلة إلا نصفها، يسقط في النصف الآخر… هذا بالتأكيد.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسبوع الحسم أسبوع الحسم



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib