وماذا بعد الرجوع إلى البيت

وماذا بعد الرجوع إلى البيت؟

المغرب اليوم -

وماذا بعد الرجوع إلى البيت

بقلم : توفيق بو عشرين

عمت فرحة كبيرة صفوف المواطنين المغاربة، وهم يَرَوْن ملك البلاد يخطب من على منبر قمة الاتحاد الإفريقي، ويقول للأفارقة: «ما أحلى الرجوع إلى البيت بعد طول غياب».

الذي أعطى هذا الحدث الدبلوماسي كل الزخم والشحنات العاطفية والسياسية هو مناورات الجزائر وأصدقائها في إفريقيا، الذين أبوا إلا أن يبتزوا المغرب إلى أقصى حد، والسعي إلى جعله يدخل إلى البيت الإفريقي من الباب الصغير، لكن الملك وفريقه والحكومة، وعموم الأحزاب السياسية التي وقفت خلف الجالس على العرش، والرأي العام الذي أيده بلا تحفظ، أبوا إلا أن يجعلوا الدخول يتم من الباب الكبير… لم تثر الأحزاب أي سؤال حول التحفظات الواجبة على الميثاق، والأخطار التي كانت تحيط بقرار استراتيجي مثل هذا. لقد جسد الجميع لحظة توافق رضائي خلف قائد البلاد، دون الدخول في مزايدات سياسية قد تضر بالموقف المغربي، لهذا، فإن النصر الذي تحقق في أديس أبابا نصر جماعي، أسهم فيه الجميع بدون استثناء، وهذا ما أدخل الحزن إلى قلب الجزائر ورئيسها المريض.

الدول الإفريقية التي أيدت رجوع المغرب إلى البيت الإفريقي، الذي شاركت الرباط في بنائه، لم تكن مجرد أصوات حسمت المسطرة قبل الشروع فيها، فالأشقاء الأفارقة صوتوا سياسيا أولا قبل أن يصوتوا مسطريا، وحتى عندما طرحت عليهم الجزائر سؤالا محرجا يقول: «هل توافقون على انضمام دولة إلى الاتحاد ‘‘تحتل’’ أرض دولة أخرى عضو في الاتحاد؟»، لم يلتفت أحد إلى هذا السؤال، وقال رئيس الاتحاد الإفريقي الجديد، الرئيس الغيني ألفا كوندي: «هل تريدون الاحتكام إلى الديمقراطية؟ إن الأمر واضح. عدد الطلبات التي أمامي تفوق الأربعين؟ هل تريدون تقسيم الاتحاد؟».

انتهى الجدل، لكن مؤامرات الجزائر لن تنتهي في أديس أبابا، ستبدأ في إفريقيا وفِي الأمم المتحدة وفِي الاتحاد الإفريقي، فالجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي فوتت وزارة خارجيتها وجيش دبلوماسييها حول العالم للتشويش على جارها، ووضع كل إمكانات الدولة في جيب الانفصاليين حتى تبقى مطالبهم حية، وقضيتهم تروج في كل المحافل.

لهذا، أمام المغرب مهام حيوية الآن بعد هذا النصر الدبلوماسي، أولاها تشكيل حكومة قوية ومنسجمة في أسرع وقت، فلا يعقل أن تظل البلاد أربعة أشهر بدون حكومة ودون آلة تنفيذية. لقد كانت أمور كثيرة معلقة على انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وها قد تم الأمر وبنجاح، فلا داعي الآن إلى ركوب مغامرات جديدة للبحث عن أغلبية خارج صناديق الاقتراع، ولا حاجة اليوم إلى إضعاف رئيس الحكومة في بلاد أمامها معارك كبيرة داخلية وخارجية (البطالة في تفاقم، العقار في أزمة كبيرة، التعليم ينتظر إصلاحات عميقة، الفساد يزداد تغلغلا في البلاد، والقاع الاجتماعي يغلي نظرا إلى كثرة المطالب المعروضة وقلة الحلول المقترحة).

المهمة الثانية المطروحة على الدولة هي إعادة تشكيل وزارة الخارجية، ووضع وزير قوي فوق كرسيها، وليس أداة لتنفيذ التعليمات وقول «نعم». الملك وفريقه لا يمكنهم أن يظلوا طوال الوقت في واجهة العمل الدبلوماسي، لا بد للحكومة أن تملأ مكانها، وأن تضطلع بمسؤولياتها في متابعة تنفيذ الاتفاقيات الكثيرة مع كل دول العالم، وتفعيل آليات التعاون، والتصدي للمشاكل، ومراقبة السفراء، ومتابعة أعمالهم (كيف غفلت الدولة عن سفير المملكة في مدغشقر لمدة عشر سنوات، حتى صار يعطي رئيس الدولة هناك الدروس، وينتقد البلد المضيف علنا، وكأنه مقيم عام وليس سفيرا في بلد صديق، حتى اشتكاه رئيس مدغشقر إلى الملك شخصيا).

البلاد تحتاج إلى آلة دبلوماسية فعالة وقوية ومبادرة، ولا تنتظر التعليمات الملكية لتتحرك. الملك وظيفته رعاية التوجهات الاستراتيجية، وليس تدبير الخطط التنفيذية، والدخول في التفاصيل اليومية. هذا من مسؤولية الحكومة والوزارة والمديريات والسفراء والقناصلة.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا بعد الرجوع إلى البيت وماذا بعد الرجوع إلى البيت



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 06:06 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

سحر البحر

GMT 13:16 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تمتعي بقضاء عطلة ملكية في فندق "قصر الشرق"

GMT 08:02 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

السياح يُقدمون على زيارة غابة "ساغانو" اليابانية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مطعم Harvey Washbangers يقدّم لك الوجيات ويغسل ملابسك

GMT 09:54 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بياض جبال "الأوراس" يعد الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 00:19 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الخالق تسعى إلى إنشاء صفوف موسيقية في مدارس الحكومة

GMT 16:32 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفد من وكالات السفريات في بيلاروسيا يزور المغرب

GMT 00:51 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

مجموعة "Folli" تُعلن تجهيز مجوهرات فاخرة في 2017

GMT 20:29 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرَف على جمال مدينة دهب جنوب سيناء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib