جلسة حامضة

جلسة حامضة

المغرب اليوم -

جلسة حامضة

توفيق بو عشرين

إنها جلسة مثيرة للاشمئزاز أو حامضة أو dégoutante، كما قال رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إنها جلسة أمس تحت قبة مجلس المستشارين بمناسبة «البوليميك» الذي دار بين رئيس الحكومة والمستشارين حول سياسة الحكومة في مجال الهجرة...
أحزاب المعارضة أخرجت السلاح القديم والصدئ في وجه بنكيران. ذخيرة هذا السلاح هي أن «الملك محمد السادس يقوم بكل شيء، وأن الحكومة عاجزة عن فعل شيء. إنها بلا رؤية ولا برنامج، وحتى التعليمات الملكية التي تنزل إليها من فوق لا تعرف كيف تطبقها».
رئيس الحكومة، وعوض أن ينبه المستشارين إلى أن هذا السلاح لا يقتل الحكومة بل الدستور والتجربة الديمقراطية الفتية في البلاد، رد عليهم بالسلاح نفسه، وزاد من ذخيرته فقال لهم: «إن جلالة الملك، الله يجازيه، ينبه الدولة والحكومة، وإن الإدارة لا تشتغل بنفس القوة والفاعلية عندما لا تكون هناك توجيهات ملكية»، ولكي يمعن في «قلي السم» للمعارضة وللجناح اليساري في حزب الأصالة المعاصرة، قال رئيس الحكومة إن «ثقافة الملك أمير المؤمنين ثقافة إسلامية، وهذا من لطف الله»، وزاد رئيس الحكومة في «العلم»، وقال: «إن دولا في أوربا الشرقية اتصلت به وطلبت منه أن يلتمس من الملك محمد السادس أن يزورها مثل ما فعل مع دول إفريقية كثيرة...».
هل تريدون أكثر من هذا؟ هل مازال هناك من يريد أن يزايد على بنكيران في قربه من الملك وولائه للقصر واستعداده لفعل أي شيء؟
رحم الله الدستور ووقانا شر «نخبة» سياسية تعيش في جلباب الماضي وفي ثقافة سياسية سلطانية تقدس ولي الأمر ولا ترى للديمقراطية الحديثة مكانا في بلادنا، عوض أن تصارع الأحزاب من أجل البرامج والأفكار والمشاريع والرؤى لتقدم البلاد ودخولها إلى نادي الدول الديمقراطية، أصبحت تتصارع في ما بينها على من «يظهر الولاء أكثر للملك»، ومن منها أكثر جرأة في إطلاق النار على الدستور الجديد، ومن يجرؤ على بعث الملكية التنفيذية التي تنازل عليها الملك في خطاب 9 مارس وبعد خروج تظاهرات 20 فبراير... إن الأحزاب تخوض سباقا إلى الخلف ووجهتها دستور 1996، ومن يقدر على الرجوع إليه بأسرع وقت ممكن.
أيها السادة.. «الرجوع لله» وإلى المنطق وإلى العقل وإلى مصلحة البلاد. هل تريدون كتابة دستور جديد غير ذلك الذي صوت عليه المغاربة؟ الدستور يعطي الحكومة ورئيسها سلطا مهمة لإدارة الدولة ووضع السياسات العمومية. الحكومة ليست «ONG» ورئيسها ليس «معاونا للملك»، منفذا للتعليمات، بل هو شريك في إدارة الدولة ومسؤول عن المؤسسات العمومية وعن القرار التنفيذي. عوض أن تساعد هذه النخبة «المولوية» القصر على التكيف مع الدستور الجديد والهندسة الجديدة للسلط، وبعث ديناميكية جديدة في العروق المحافظة للدولة من أجل تليينها حتى تتقبل التحديث والعصرنة والتطور مع العصر، تقوم بالعكس من ذلك، ترجع إلى الوراء وتترك الملك في المقدمة وتصعب عليه المهمة أكثر وتصير ملكية أكثر من الملك نفسه.
هل هذا هو التأويل الديمقراطي للدستور الذي حثكم الملك نفسه على اعتماده أمام الوثيقة الدستورية...
لماذا سيذهب المغاربة غدا للانتخابات، وينخرطون في الأحزاب، ويدخلون إلى البرلمان، ويكتبون في الجرائد، ويتظاهرون في الشوارع إذا كانت الأحزاب تتبارى فقط على تنفيذ التعليمات الملكية بالطريقة الأمثل وبلا نقاش ولا جدال، حتىالخادم الجيد لا ينفذ كل التعليمات، كما يقول المثل الإنجليزي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جلسة حامضة جلسة حامضة



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib