قصتي مع بنعلي
أربعة حكام مغاربة يمثلون التحكيم في نهائيات كأس الأمم الإفريقية للسيدات نادي حسنية أكادير يعلن تعيين أمير عبدو مدرباً للفريق الأول لكرة القدم نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم يعلن عن تجديد عقد لاعبه محمد بولكسوت لموسمين قادمين بعثة نادي الوداد الرياضي تصل إلى فيلادلفيا الأميركية، للمشاركة في منافسات كأس العالم للأندية مانشستر سيتي الانجليزي يعلن تعاقده مع اللاعب الهولندي تيجاني رايندرس لمدة خمس سنوات البيت الأبيض يُحذر المدن المدن الأميركية التي ترددت الأنباء عن احتمالية قيامها باحتجاجات كبيرة على غرار مدينة لوس أنجلوس إصابة جنديين إسرائيليين خلال اشتباك مسلح في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة وتصاعد الخسائر الإنسانية وسط استمرار العدوان وزير الخارجية المصري يُجدد دعم بلاده لوحدة سوريا ويُدين التدخلات والانتهاكات الإسرائيلية أميركا تستعد لإخلاء سفارتها ببغداد وتسمح لأسر عسكريّيها في الشرق الأوسط بالمغادرة انتشال جثة الرهينة الإسرائيلي يائير ياكوف من قطاع غزة
أخر الأخبار

قصتي مع بنعلي

المغرب اليوم -

قصتي مع بنعلي

توفيق بو عشرين

في مثل هذا الأسبوع من بداية عام 2011، هرب الديكتاتور زين العابدين بن علي من تونس إلى مدينة جدة السعودية، تاركا وراءه تركة ثقيلة من الحكم البوليسي الذي خنق التونسيين على مدى 24 سنة من الحكم، «بنعلي هرب بنعلي هرب» هكذا صرخ محامٍ أصبح مشهورا في شارع الحبيب بورقيبة متحديا حظر التجوال .
خمس سنوات مضت على بلاد الزيتون في غياب الديكتاتور لم تحل فيها كل المشاكل، ولم تنتعش السياحة ولا التشغيل ولا الصناعة… لكن التوانسة استردوا كرامتهم وحقهم في أن يفتحوا أفواههم خارج عيادة طبيب الأسنان، وحصلوا على حقهم في أن يختاروا من يحكم. خلال خمس سنوات نصبوا ثلاثة رؤساء، وأسقطوا ثلاث حكومات، وصوتوا بحرية في أكثر من انتخابات، ثم قدموا للعالم أفضل دستور في بلاد العرب، وها هم يقدمون إلى القبائل العربية المتناحرة التي لا تعرف غير شعار: «السيف أصدق أنباء من الكتب» درسا في التوافق، في التعايش، في التنازل المتبادل، في الحرص على حماية الديمقراطية.
التجربة صعبة، والثمن غالٍ، والإرهاب لا يرحم، ونفاق الغرب الذي لم يدعم هذه التجربة الحقيقية في الانتقال الديمقراطي ثابت بالحجة والبرهان، لكن شعب ثورة الياسمين يحفر في الصخر من أجل كتابة اسمه في ديوان الشعوب الديمقراطية.
لدي قصة خاصة مع ديكتاتور تونس، زين العابدين بنعلي، أحب أن أشرك فيها القرّاء هنا بدأت في دجنبر 2010، حيث نشرنا في هذه الجريدة تقريرا عن فساد أسرة بنعلي انطلاقا من تجميع ما نشر في موقع وكيليكس من وثائق ومراسلات السفراء الأمريكيين في العاصمة تونس. كانت آراء السفير الأمريكي السابق مباشرة على الطريقة الأمريكية، حيث لم يتردد في وصف زوجة الرئيس وعائلتها بالمافيا.
صدر عدد «أخبار اليوم» وفيه صفحة كاملة عن «مافيا حاكمة قرطاج» يومي السبت والأحد في دجنبر 2010. يوم السبت في الصباح وجدت أكثر من خمس محاولات للاتصال من هاتف وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، بالإضافة إلى مكالمات الوزارة. أدركت أن الأمر فيه «إنَّ»، وأن ملفا جديدا سيسقط فوق رأس هذه المؤسسة الفتية، وكنا بالكاد نخرج من محنة الكاريكاتير الشهير وقرار منع الجريدة غير القانوني.
أعدت الاتصال بوزير الاتصال، وقلت له إني أعتذر عن عدم الجواب عن مكالماته لأن اليوم يوم عطلة، وأنا لا أستيقظ باكرا حتى في أيام العمل، فما بالك بيوم العطلة، فرد علي: «سعداتك بالعطلة، نحن لا نستمتع بهذا الامتياز. أنا في مقر الوزارة أنتظرك، تعالى إلى مكتبي على وجه السرعة». أخذت سيارتي وتوجهت إلى مقر الوزارة في مدينة العرفان، وفي الطريق استعرضت كل مواد العدد المنشور ذلك اليوم، بحثا عن الخبر أو التعليق أو الصورة التي منعت خالد الناصري من أخذ يوم عطلته… لما دخلت عليه في المكتب، دفع إلي تقرير وكيليكس عن مافيا بنعلي، وقال: «هذه الصفحة من جريدتك تسببت في أزمة كبيرة بين الرباط وتونس، والآن نحن أمام مشكلة حساسة»، فقلت له: «ياك لاباس، اشرح لي أكثر، السيد الوزير. هذا تقرير نشر في لوموند وفي الغارديان وفي إلباييس وفي غيرها من صحف العالم، وهي مراسلات لم تنفها الخارجية الأمريكية ولم تتبرأ منها، وكل ما فيها جاب العالم شرقا وغربا»، فرد علي: «دعك من الشرق والغرب. أمس الجمعة وفي وقت متأخر من الليل، استدعى عبد الوهاب عبد الله، مستشار رئيس الجمهورية التونسية، سفير المغرب هناك، الدكتور نجيب الزروالي، وأبلغه احتجاج زين العابدين بنعلي شخصيا، وقال له بالحرف: ‘‘إذا كان أخي محمد السادس يقبل أن يكتب في بلاده هذا الكلام عن أخيه فإن بنعلي لا يقبل بذلك’’». سكت الرفيق الناصري وتركني أتأمل هذه العبارة التي تستبطن تهديدا لا يخفى على أحد. حاولت أن أخفف من وقع الجملة، وقلت له: «هل قرؤوا الجريدة قبل صدورها.. يبدو أن سفارتهم في الرباط متعودة على اقتناء الجرائد ليلا مثل بعض الرباطيين، أخبروا زين العابدين بنعلي بأن «أخبار اليوم» جريدة مستقلة، وأنها لا تستشير الحكومة أو القصر قبل أن تنشر ما تنشره، وأن الدولة المغربية نفسها لها مشاكل مع هذا النوع من الصحافة الغريبة عن مؤسسة الحكم العربي، وأعطوه المقررات القضائية التي صدرت ضدي، وفيها ثلاث سنوات من السجن من قبل القاضي حسن جابر عَلى كاريكاتير حول الأمير مولاي إسماعيل، فهذه الأحكام، على عبثيتها، قد تصلح أحيانا لشيء معين».
السي خالد الناصري لم يقتنع بهذا الكلام، كان في رأسه حل آخر لم يصارحني به، فاتجهت إلى مقترح آخر: «لماذا لا يرفع سفير تونس في المغرب دعوى قضائية في الرباط ضد مدير ‘‘أخبار اليوم’’، ويترك القاضي يحكم في النازلة؟»، رد علي بسرعة: «الرئاسة في تونس لا تريد رفع دعوى قضائية، تنتظر منا في المغرب أن نتحرك، ووزارة الخارجية المغربية لا تريد أن تدخل إلى المحكمة مع الصحافة حتى لا تثير مشاكل جديدة. لقد تحدث معي الطيب الفاسي الفهري هذا الصباح وهذا رأيه… اذهب الآن إلى بيتك وفكر في حل».
يوم الاثنين الموالي اتصلت بالسيد وزير الاتصال، وقلت: «لدي مقترح لتخفيف حدة الأزمة.. أخبروا رئاسة الجمهورية التونسية بأن جريدة ‘‘أخبار اليوم’’، وبعد أن أبلغناها احتجاجكم على الموضوع إياه قررت وقف النشر في الموضوع، وكانت تعتزم تخصيص حلقات لوثائق وكيليكس عن تونس». رد الناصري علي وقال: «اكتب هذا الكلام في رسالة وابعثها إلى سفارة تونس بالرباط، وإن كنت لا أعتقد أن هذا يرضيهم»، فقلت: «وماذا يرضيهم يا سعادة الوزير؟»، قال: «اعتذار منك عما نشرت». قلت: «عفوا، لا أستطيع أن أعتذر عن نشر وثائق صحيحة ومراسلات لم يكذبها أحد». قال لي: «السيد نجيب الزروالي سيكون في الرباط الأسبوع المقبل، ومن الأفضل أن تراه وتفهم منه تفاصيل أكثر لحل هذا المشكل». بعد حوالي أسبوعين، التقيت في الدار البيضاء الطبيب والوزير والدبلوماسي نجيب الزروالي، وكانت أحداث الثورة التونسية قد انطلقت، فكان أول حديثنا عنها، فوجدت السفير غير منشغل تماما بمستقبل نظام بنعلي، ويعتبر أن التظاهرات التي انطلقت بعد حادثة انتحار البوعزيزي سحابة صيف لن تؤثر على نظام له عيوبه السياسية لكن له حصيلة اقتصادية أكثر من إيجابية، ثم مررنا إلى موضوع اللقاء، وأخبرني بالحساسية التي تسبب فيها التقرير عن وكيليكس تونس، وكيف أن المغرب لا يريد متاعب مع نظام بنعلي، وأن الرباط تريد تحييد النظام هناك في ملف الصحراء و… أخبرته بالمقترح الذي تكلمت مع الوزير الناصري بشأنه، فكان رأيه من رأي الوزير: «نظام بنعلي لا يعرف شيئا اسمه حرية الإعلام والصحافة، ويعتقدون هناك أن السلطة في المغرب يمكنها أن تتحكم في كل هيئات التحرير كما يفعلون هم، ولهذا يجب البحث عن حل».
بعد أقل من أسبوعين جاء الحل ومن قصر قرطاج هذه المرة، هرب بنعلي، وسقط نصف نظامه وطويت صفحة «أخبار اليوم»، ولما زرت تونس ثلاثة أيام بعد سقوط الديكتاتور وخروج صرخة: «هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية»، وجدت تفاصيل أخرى عن هذا الحادث أحكيها في مناسبة أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصتي مع بنعلي قصتي مع بنعلي



GMT 16:06 2023 الأحد ,16 إبريل / نيسان

غلطة الشاطر بألف

GMT 21:59 2023 الإثنين ,16 كانون الثاني / يناير

البوابة الوهمية والأزمة المركبة في تونس

GMT 04:10 2022 الإثنين ,17 كانون الثاني / يناير

ثمن النفاق

GMT 14:55 2020 الخميس ,12 آذار/ مارس

الثورات العربية ضد بعض الحكام

GMT 11:09 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

مبارك وبوتفليقة والخروج من الحكم

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 11:53 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

أفضل طريقة لإنهاء التصعيد في لوس أنجلوس
المغرب اليوم - أفضل طريقة لإنهاء التصعيد في لوس أنجلوس

GMT 04:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان داكوستا يعود من "محنة الإصابة"

GMT 08:24 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

إمام مسجد يعتدي جنسيًا على 7 قاصرات في المغرب

GMT 11:43 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ماسك الصبار لتطويل الشعر والتخلص من القشرة في أسرع وقت

GMT 00:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فريق Uppercut Games يكشف عن لعبته الصادرة

GMT 11:35 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ميداليتين ذهبيتان للعراق في منافسات بطولة "انفكتوس"

GMT 06:30 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

أطلاق نسخة معدلة من نظام "macOS"

GMT 09:07 2018 الأحد ,06 أيار / مايو

حقائب وأحذية تتناسب مع رحلات الصيف

GMT 08:40 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

أحمد عز الفنان والإنسان

GMT 04:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق تنظيف الباركيه والعناية به
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib