اردوغان وأذربيجان وقبرص

اردوغان... وأذربيجان وقبرص

المغرب اليوم -

اردوغان وأذربيجان وقبرص

خير الله خير الله
خير الله خير الله

سجّل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان نقاطا في أذربيجان التي الحقت هزيمة نكراء بأرمينيا التي راهنت طويلا على استقلال اقليم ناغورني قره باغ الواقع ضمن الأراضي الأذربيجانية. في الواقع، اعلن إقليم ناغورني قره باغ، حيث توجد أكثرية ارمنيّة، استقلاله عن اذربيجان في العام 1991 في مرحلة كان فيها الاتحاد السوفياتي يتفكّك من داخل.

بقي ملفّ ناغورني قره باغ، حيث وجود تاريخي للأرمن، مفتوحا منذ ثلاثة عقود الى ان اغلقته أذربيجان حاليا بدعم مباشر من تركيا.

بمساعدة تركية، استطاعت أذربيجان تحقيق انتصار عسكري على أرمينيا التي اعتمدت أصلا على الدعمين الروسي والإيراني. استطاعت تركيا توسيع مدى انتشار نفوذها في الجمهوريات الإسلامية التي كانت في الماضي جزءا من الاتحاد السوفياتي في آسيا الوسطى. حصل ذلك برهانها على الشعور القومي، أي على الرابطين التركماني والآذري قبل ايّ شيء آخر. نجحت تركيا في توسيع الفضاء الموآتي لها في منطقة قريبة منها وليست بعيدة لا عن ايران ولا عن روسيا.

خذل الإيرانيون أرمينيا التي اكتشفت ان ايران لا تستطيع معاداة أذربيجان لسببين، على الاقلّ. أوّل السببين مذهبي والآخر وجود مناطق فيها أكثرية آذرية في ايران نفسها. علي خامنئي نفسه (المرشد) من أصول آذرية. هناك سؤال سيطرح نفسه عاجلا ام آجلا يتعلّق بمستقبل العلاقة بين الأرمن عموما، بما في ذلك الأرمن في لبنان وسوريا، من جهة والنظام الإيراني من جهة أخرى. الثابت ان الأرمن لن يذهبوا بعيدا في اتخاذ موقف سلبي من ايران لأسباب مرتبطة بوجود اقلّية ارمنية نشيطة في "الجمهورية الإسلامية" تستفيد من وضع خاص تحظى به.

امّا روسيا التي ترتبط بمعاهدة دفاعية مع أرمينيا، فإنّ لديها حسابات ذات طابع شخصي تريد تصفيتها مع رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان. ابعد باشينيان عن مواقع القرار في بلده رجال اعمال محسوبين على مجموعة من رجال الاعمال الروس يدورون في فلك الرئيس فلاديمير بوتين. هذا ما يفسّر الى حد كبير الامتناع عن التدخل الروسي لمساعدة أرمينيا والتغاضي عن تهجير الأرمن من ناغورني قره باغ وغض الطرف عن استعانة اردوغان بمرتزقة سوريين وارسال أسلحة وخبراء عسكريين الى أذربيجان.

ساعدت تركيا أذربيجان في فرض امر واقع في ناغورني قره باغ وتهجير عدد كبير من الارمن. اثبتت تركيا، عمليا، انّ في استطاعتها الهرب من مشاكلها الداخلية الى خارج حدودها. كذلك، اثبت رجب طيّب اردوغان انّه صاحب مشروع يتجاوز تركيا وانّه جدي في تنفيذ ما يطمح اليه. في أساس هذا المشروع التخلّص من معاهدة لوزان للعام 1923، وهي معاهدة فرضت على تركيا قيودا كثيرة في ضوء هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.

ما يؤكّد جدّية اردوغان في مشروعه واعتقاده ان في استطاعته المضيّ به من دون رادع زيارته الأخيرة لجمهورية شمال قبرص التي تنفرد تركيا بالاعتراف بها. لم يكتف اردوغان بتحدي العالم وقرارات الشرعية الدولية. اصرّ خلال وجوده في قبرص التركية على الإعلان عن انّ المستقبل هو لدولتين منفصلتين في الجزيرة.

تحتلّ تركيا جزءا من قبرص منذ العام 1974 بحجّة حماية الاقلّية التركية فيها. تحتلّ مساحة 35 في المئة من الجزيرة، علما ان القبارصة الاتراك لا يشكلون سوى نسبة 18 في المئة من السكّان. لا شكّ انّ في أساس الوضع المخالف للطبيعة في قبرص الانقلاب الذي نفذته قوى يمينية قبرصية بدعم من الزمرة العسكرية التي كانت في السلطة في اليونان. كان الهدف من الانقلاب الذي وقف وراءه سياسي قبرصي موتور اسمه نيكوس سامبسون ربط قبرص باليونان. فشل الانقلاب الذي استهدف رئيس الدولة المطران مكاريوس، لكنّ القوات التركية بقيت في قبرص. قبل 37 عاما، اعلن عن قيام جمهورية شمال قبرص. تغيّر كلّ شيء في الجزيرة نفسها وفي اليونان. تخلّص اليونانيون من حكم العسكر واصبح بلدهم عضوا في الاتحاد الأوروبي. قبرص نفسها صارت في الاتحاد الأوروبي. ما لم يتغيّر هو الوجود العسكري التركي في الجزيرة... في منطقة فماغوستا تحديدا التي هجّر سكانها الاصليون.

لا يهمّ اردوغان مستقبل القبارصة الاتراك والوصول الى تسوية تساعد في تحسين الوضع المعيشي لهؤلاء. يهمّه تكريس وجود دولتين مستقلتين في قبرص بدل دولة واحدة فيديرالية عضو في الاتحاد الأوروبي. من الواضح انّ هدف الرئيس التركي إيجاد مبرر للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية القبرصية.

نجح اردوغان في أذربيجان بالتواطؤ مع ايران وروسيا. دفع الأرمن مرّة أخرى الثمن. هل ينجح في قبرص؟ سيعتمد الكثير مستقبلا على وجود رغبة أوروبية في مواجهة شخص على استعداد للذهاب بعيدا في بيع شعبه الأوهام. كان لافتا ان الرئيس التركي، الذي تواجه بلاده ازمة اقتصادية عميقة، لا يزال يجد من يؤيده في الأوساط الشعبية، خصوصا في الريف التركي. يلعب على وتر الدين وعلى خلق أعداء له في كلّ مكان. يظهر نفسه في مظهر من وقف مع المسلمين في أذربيجان في وجه المسيحيين الارمن. مثل هذه المواقف تلقى صدى لدى الشعب البسيط، تماما كما لقي صدى تحويل متحف آيا صوفيا في اسطنبول، الذي كان في الماضي كاتدرائية، الى مسجد وحضوره اليه لتأدية صلاة الجمعة.

سيعتمد الكثير مستقبلا على طبيعة العلاقات التي ستقوم بين الأوروبيين والإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن التي قد لا تكون، كما إدارة دونالد ترامب، متساهلة مع التصرفات الهوجاء لرجب طيب اردوغان.

للرئيس التركي تصرّفات هوجاء في كلّ الاتجاهات وصولا الى ليبيا التي قرّر زيارتها. الاهمّ من ذلك كلّه، هل يسمح الاقتصاد التركي المنهار لرجب طيّب اردوغان في فرض امر واقع في البحر المتوسّط... ام ليس بعيدا اليوم الذي سيذكّره العالم ببعض البديهيات. من بين هذه البديهيات ان وهم لعب دور القوة العظمى يبقى وهما وانّ أوروبا ليست في الضعف الذي يتصوره الرئيس التركي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اردوغان وأذربيجان وقبرص اردوغان وأذربيجان وقبرص



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 00:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد
المغرب اليوم - هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib