أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ

أبعد من عين الحلوة... القرار الفلسطيني المستقلّ

المغرب اليوم -

أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

يصعب تفسير الاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني القريب من صيدا في جنوب لبنان من دون أن نأخذ في الاعتبار الرغبة الواضحة لدى «جبهة الممانعة» التي تقودها ايران في التخلص من هيمنة حركة «فتح» على المخيّم الفلسطيني الأكبر في لبنان.

ليست اشتباكات عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينيّة في لبنان، سوى امتداد لما يحدث في الضفّة الغربيّة ولرغبة ايران في وضع يدها على القضية الفلسطينيّة.

تريد «الجمهوريّة الإسلاميّة» تأكيد ما كان يقوله الرئيس الراحل حافظ الأسد عن «القرار الفلسطيني المستقلّ بدعة»، أي أن لا وجود لمثل هذا القرار المستقلّ. كان يقول ذلك نكاية بياسر عرفات. تعمل إيران منذ سنوات عدّة على تنفيذ ما عجز الأسد الأب عن تنفيذه.

إضافة إلى ذلك، ليست الاشتباكات الفلسطينيّة - الفلسطينيّة، التي يمكن أن تتطور مستقبلاً، سوى تعبير عن فوضى السلاح التي تستثمرها ايران في كلّ بقعة عربيّة تستطيع الوصول إليها، عبر ميليشيات تابعة لـ«الحرس الثوري».

تفعل ذلك في قطاع غزّة ولبنان وسورية والعراق... وصولاً إلى اليمن. ليس السلاح الفلسطيني في مخيّم عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان سوى تسخيف للقضيّة الفلسطينية التي هي قضيّة شعب يطالب بحقوقه المشروعة في الداخل الفلسطيني وليس في مخيّم لبناني أو أي مكان آخر.

تؤكّد اشتباكات عين الحلوة أن لا فائدة من أي اجتماعات تعقد من اجل توحيد الفلسطينيين، كما حصل في مصر أخيراً.

تستغل «جبهة الممانعة» مثل هذه الاجتماعات في سياق اعداد «حماس» نفسها لمرحلة ما بعد غياب محمود عبّاس (ابومازن) رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينية، وهي سلطة تعاني من الترهّل في الوقت الذي لم تعد «فتح» قادرة على لعب دور قيادي على الصعيد الفلسطيني.

لا يمكن الفصل بين هجوم «عصبة الأنصار» على «فتح» والمشروع الإيراني الكبير في المنطقة والذي تعتبر «حماس» جزءاً لا يتجزّأ منه.

ليس صدفة أن يكون إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» زار عين الحلوة غير مرّة في اقل من سنة. ليس سرّاً أيضاً أن عودة «حماس» إلى دمشق كانت بوساطة مباشرة من «حزب الله».

فوق ذلك كلّه، تشير التطورات بالغة الخطورة التي شهدها مخيّم عين الحلوة إلى أنّ المشروع التوسّعي الإيراني مستمرّ وأن لبنان ضحية بين ضحاياه الكثيرة. اكثر من ذلك، ليس لبنان في سياق هذا المشروع الإيراني سوى ورقة من أوراق متنوعة تصبّ في اتجاه واحد. هذا الاتجاه هو تكريس «الجمهوريّة الإسلاميّة» كقوة مهيمنة في الخليج والشرق الأوسط، إضافة إلى أنّها المتحكم بالقرار الفلسطيني عبر «حماس». مستقبل فلسطين، من وجهة نظر «الجمهوريّة الإسلاميّة» هو «حماس» ومن يسير في ركابها مثل «حركة الجهاد الإسلامي».

في النهاية، ما يحصل في مخيم عين الحلوة ليس سوى حلقة جديدة في مسار الامساك بالمخيمات وضبطها تحت هيمنة «حزب الله».

لنتذكر أن السلاح الفلسطيني، بات، عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، السلاح البديل من سلاح «حزب الله» في لعبة المناكفات مع اسرائيل، كما سبق في اكثر من تجربة صاروخية مشبوهة مثل الصواريخ التي أطلقت من البرج الشمالي باتجاه إسرائيل، ابان احدى جولات العنف الاخيرة في غزة.

تتدرج نظرية «وحدة الساحات» الايرانية من ساحات الاقليم الى ساحات لبنان الكثيرة وعلى رأسها المخيمات.

لم تكن زيارات اسماعيل هنية لمخيمات لبنان ومشاهد السلاح الذي استعرض بشكل مستفز لكل اللبنانيين سوى تمهيد فج لانفجار مخيم عين الحلوة، وربما انفجارات اخرى تلوح في الأفق.

‏إن الحد الأدنى من النزاهة يستوجب الاعتراف بأن السلاح هو المشكلة الاساس التي انتجت الجحيم اللبناني الراهن، اكان سلاح «حزب الله» أم السلاح الذي يديره الحزب ويحميه، على حساب كلّ لبناني، بحجة المقاومة وبانتحال صفات الحرص على القدس وفلسطين.

‏فهذا السلاح يريد أن يبقي لبنان أسير «اتفاق القاهرة» المشؤوم الموقّع في العام 1969، اي الاتفاق الذي اعلن بداية نهاية لبنان كمنارة ثقافية وحداثية في الشرق الأوسط.

يبدو أن ظروف استعادة لبنان لعافيته تزداد استحالة اليوم. ليس أدل على ذلك من الخطاب الأخير لحسن نصرالله في ذكرى حرب صيف العام 2006.

قال نصرالله في ذلك الخطاب أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن السلاح ليس في أولويات اللبنانيين بل إن أولوياتهم تتركز على الأمن المعيشي والأمن الغذائي والأمن الاجتماعي، وكأنه يقول إنه كلما زاد الانهيار اعرض اللبنانيون عن النقاش الحقيقي والوحيد الواجب فتحه في لبنان وهو وضع السبل للخلاص من هذا السلاح.

لا يمكن ‏للمعادلة التي وضعتنا أمامها الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة ان تكون أكثر وضوحاً. فهي تقول ببساطة إن السلاح يؤدي إلى انهيار، والانهيار يؤدي إلى مزيد من البؤس وضعف المناعة الوطنية عند اللبنانيين.

يبرّد ذلك حماستهم للتكتل الوطني والشعبي والسياسي حول جوهر الازمة... ويدفعهم إلى التلهي بدل ذلك بالبحث عن حلول ومخارج شخصية او الانجراف وراء سجالات رئاسة الجمهورية في حين أن الجمهورية نفسها في خبر كان.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ أبعد من عين الحلوة القرار الفلسطيني المستقلّ



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib