عشوائية دونالد ترامب والفخّ الإيراني

عشوائية دونالد ترامب.. والفخّ الإيراني!

المغرب اليوم -

عشوائية دونالد ترامب والفخّ الإيراني

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

أكثر ما يثير المخاوف في أوساط مراكز الأبحاث تعاطي الرئيس الأميركي مع الملفّ النووي الإيراني من زاوية تتجاهل أن الموضوع الأساسي هو موضوع سلوك "الجمهوريّة الإسلاميّة" في المنطقة.

تعيش واشنطن هذه الأيام على وقع تحسن الاقتصاد الأميركي وتراجعه في خلال يوم واحد، بل في ساعات معدودة. في الواقع، تعيش على وقع التقلبات التي تشهدها بورصة وول ستريت. يبدو واضحا أن الاقتصاد سيقرّر مصير الولاية الثانية الرئاسية لدونالد ترامب. كذلك، يبدو واضحا أكثر أنّ هناك عشوائية لدى ترامب الذي يتخذ القرار ويعود عنه في اليوم ذاته. ما الفائدة من قرارات غير مدروسة جعلت معظم الأميركيين يعيشون على أعصابهم في بلد يفترض به تقديم نموذج في الانفتاح على العالم بصفة كونه بُني على فكرة تسهيل الهجرة إليه، من كلّ حدب وصوب.

تتولد لدى  من يزور العاصمة الأميركية مع مرور أكثر من مئة يوم على عودة ترامب إلى البيت الأبيض، انطباعات من النوع الغريب ومجموعة من المخاوف، خصوصا من خلال لقاءات بمسؤولين حاليين وخبراء في مراكز الأبحاث الموجودة في العاصمة الأميركيّة. فحوى الانطباعات غياب رأي حاسم في شأن ما تريده إدارة دونالد ترامب، ليس على صعيد الاقتصاد فحسب، بل على صعيد السياسة الخارجيّة أيضا حيث لا هدف للرئيس الأميركي غير إرباك الحلفاء، خصوصا الحلفاء الأوروبيين.

مع مرور ما يزيد على ثلاثة أشهر على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لم تتبلور بعد سياسة واضحة للإدارة، أقلّه على صعيد الاقتصاد الذي هو في طليعة اهتمام الأميركيين من كلّ الفئات والطبقات الاجتماعية. يتساءل المواطنون الأميركيون إلى أين سيأخذ ترامب البلد في ضوء زيادة التعرفة على البضائع المستوردة غير مدرك أن مثل هذا الإجراء بمثابة سيف ذي حدّين. ثمة مطالعة للرئيس الأميركي الراحل دونالد ريغان يحذّر فيها من أن هذا النوع من الإجراءات، التي تستهدف حماية الاقتصاد الأميركي، سترتد عاجلا أم آجلا على الداخل أكثر مما تضرّ الدول الأخرى. يظهر أنّ ترامب لا يريد السماع بما ورد على لسان دونالد ريغان الذي كان يتحدث وهو يقرأ من ورقة وضعها له خبراء في الاقتصاد جعلوا من عهده عهدا ناجحا اقتصاديا. تحدث الرئيس الأميركي الذي أمضى ثماني سنوات في البيت الأبيض بين، 1980 و1988 عن مضار فرض تعرفة عالية على ما تستورده الولايات المتحدة. بين هذه المضار اتكال الشركات الكبرى على الحماية التي توفرها الدولة كي لا تقدم على أيّ تطوير لإنتاجها…

ماذا عن السياسة الخارجية الأميركيّة؟ يبدو أنّ الأميركيين بدأوا يشعرون بأن رئيسهم يحاول يوميا تلميع صورة فلاديمير بوتين غير آبه بالمخاوف الأوروبيّة. ذهب دونالد ترامب إلى حدّ اتهام أوكرانيا بافتعال الحرب مع روسيا في قلب للحقائق لا سابق له في تاريخ الولايات المتحدة. ليس سرّا أن الرئيس الروسي أراد تأديب أوكرانيا بسبب تطلع رئيسها المنتخب، ديمقراطيا، إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). من المستغرب اعتبار المقيم في البيت الأبيض رغبة دولة ما في الانضمام إلى حلف الأطلسي جريمة يعاقب عليها من نظام لا يقيم أيّ اعتبار لحقوق الإنسان لا في الداخل ولا في الخارج. في الأمس القريب كان بوتين من أبرز المشاركين في الحرب التي شنّهّا بشّار الأسد على الشعب السوري طوال ما يزيد على عشر سنوات…

الأسوأ من ذلك كلّه، استعداد دونالد ترامب لقبول الاحتلال الروسي لأراض أوكرانية. حسنا، يمكن الأخذ والرد في ما يتعلّق بشبه جزيرة القرم وما إذا كانت في الأصل أرضا روسية تخلت عنها موسكو عندما كانت أوكرانيا إحدى الجمهوريات السوفياتية. لكن ماذا عن سابقة ضم روسيا لأراض أوكرانيّة بالقوة؟ ألا يذكّر ذلك ترامب بتصرفات هتلر وسلوكه قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية وخلال تلك الحرب؟ ألا يسعى ترامب، بطريقة أو بأخرى، إلى تبرير الاحتلال الإسرائيلي لجزء أكبر من الضفة الغربيّة؟

ليست لدى ترامب هموم أوروبيّة. لا يأبه بما إذا كان ضم روسيا لأراض أوكرانية سيؤثر على دول أوروبية أخرى، خصوصا جمهوريات البلطيق الثلاث (لاتفيا وإستونيا ولتوانيا) التي سارعت إلى الخروج من الاتحاد السوفياتي في العام 1991.

لا يدري الرئيس الأميركي معنى الأمن الأوروبي الموحد وفكرة أن روسيا باتت قادرة على تهديد دول القارة العجوز الواحدة تلو الأخرى في ظلّ تواطؤ أميركي مع دكتاتور الكرملين…

إلى أي حد يمكن لترامب الذهاب بانقلابه وهل يشمل ذلك إيران وكيفية التعاطي معها؟ يثير هذا السؤال مخاوف كثيرة في واشنطن في ضوء غياب الرأي الواضح في شأن كيفية التعاطي مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”؟

لعلّ أكثر ما يثير المخاوف في أوساط مراكز الأبحاث تعاطي الرئيس الأميركي مع الملفّ النووي الإيراني من زاوية تتجاهل أن الموضوع الأساسي هو موضوع سلوك “الجمهوريّة الإسلاميّة” في المنطقة. يقول غير خبير أميركي إن المشكلة مع إيران ليست في ملفها النووي فقط. هذا الملفّ جزء من المشكلة الأوسع التي تشمل الميليشيات المذهبية التي تعتبر أدوات لدى “الحرس الثوري”، فضلا، في طبيعة الحال، عن الصواريخ والأسلحة المختلفة. يشمل ذلك الطائرات المسيّرة التي باتت جزءا من منظومة الأسلحة الإيرانية التي ترسل إلى الميليشيات المذهبية التابعة لـ”الحرس الثوري”.

يظلّ محور المخاوف من سقوط ترامب في فخ إيراني، فخ التوصل إلى اتفاق يسمح للمقيم في البيت الأبيض بالقول إنّه عقد اتفاقا أفضل من ذلك الذي توصل إليه باراك أوباما في 2015. سيكون دونالد ترامب عندئذ باراك أوباما آخر لا أكثر، خصوصا أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي تدافع حاليا عن نظامها ستحقق في هذه الحال إنجازا يسمح لها بكسب الوقت والتفكير في كيفية إعادة الحياة إلى مشروعها التوسعي في المنطقة. إنّه المشروع الذي تلقّى ضربات قوية منذ اندلاع حرب غزّة في السابع من تشرين الأول – أكتوبر من العام 2023..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشوائية دونالد ترامب والفخّ الإيراني عشوائية دونالد ترامب والفخّ الإيراني



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح

GMT 12:05 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ميسي يعلن أنه لن يلعب لأي فريق أخر في أوروبا

GMT 13:40 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

الرجاء يخوض منافسات كأس الكاف بقميص جديد

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الوردي والذهبي مع الباستيل آخر صيحات موضة 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib