انسحاب سوريّ… أو سقوط المشروع العلويّ – الإيرانيّ

انسحاب سوريّ… أو سقوط المشروع العلويّ – الإيرانيّ

المغرب اليوم -

انسحاب سوريّ… أو سقوط المشروع العلويّ – الإيرانيّ

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يكن انسحاب الجيش السوري من لبنان قبل عشرين عاماً نهاية احتلال بلد لبلد آخر وحسب، بل كان حدثاً تاريخيّاً على صعيد لبنان وسوريا في آن، وعلى صعيد المنطقة كلّها. ما سقط يوم 26 نيسان 2005 كان سقوطاً لمشروع إقليمي متكامل بدأه حافظ الأسد وورثته إيران، التي فشلت في الاستمرار فيه بعد ارتكابها خطأ محاولة استغلال حرب غزّة لخوض حروب خاصّة بها في المنطقة… بدءاً بفتح جبهة جنوب لبنان مع إسرائيل.

 

سقط المشروع الإيراني، وقبله المشروع العلويّ السوري، في ضوء انتفاء وحدة المصالح التي جمعت بين “الجمهوريّة الإسلامية” والنظام السوري السابق من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. لم يعد مفيداً الكلام الذي صدر عن حسن نصرالله، في مرحلة ما قبل اغتياله، عن “قواعد الاشتباك” مع إسرائيل. لم تعد تلك القواعد قائمة، أقلّه لسبب واحد.

يعود هذا السبب إلى أنّ حرب غزّة التي بدأتها حركة “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023، أدخلت المنطقة مرحلة جديدة وجدت فيها إسرائيل أنّ كلّ التفاهمات التي كانت تجمع بينها وبين دمشق وطهران و”حماس”، ارتدّت عليها سلباً.

الانسحاب على دمّ الحريري

قبل عشرين عاماً، جاء انسحاب الجيش السوري من لبنان، على دمّ رفيق الحريري، ليكون الإشارة الأولى إلى أنّ جيش الأسد سينسحب من سوريا أيضاً في ضوء فشل مشروع حلف الأقلّيات، الذي سعت “الجمهوريّة الإسلاميّة” إلى إحيائه، مستغلّة الخروج السوري من لبنان. مع الخروج السوري من لبنان، سعت إيران إلى وضع يدها على البلدَين في الوقت ذاته.

كان الهدف الإيراني تحقيق ما لم يستطِع حافظ الأسد وبشّار الأسد تحقيقه، أي تغيير طبيعة سوريا ولبنان عبر ربط كلّ من البلدين بالبلد الآخر عبر حلف علويّ – شيعيّ يُخرج العلويّين من موقع الأقلّيّة الحاكمة لسوريا بالقوّة والنار… وشعارات “المقاومة” و”الممانعة”. يفسّر ذلك تلك الاندفاعة المجنونة لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية من أجل إنقاذ النظام العلويّ في ضوء الثورة الشعبية التي اندلعت في سوريا في آذار 2011.

الوجود الإيرانيّ كان مصطنعاً

نجحت إيران في مشروعها مؤقّتاً. يعود سبب نجاحها، الذي بقي مؤقّتاً، إلى أنّ وجودها في سوريا ولبنان كان وجوداً مصطنعاً. كلّ ما في الأمر أنّها فشلت في تغيير التركيبة الديمغرافية في البلدين بعدما اعتمدت، مثلها مثل حافظ الأسد، على الربط بين علويّي سوريا وشيعة لبنان. وهو ربط استهدف خلق قناعة لدى شيعة لبنان بأنّ مستقبلهم مرتبط ببقاء النظام العلويّ في سوريا.

لحسن الحظّ،  لم ينطلِ الطرح العلويّ، بدايةً، والإيراني، لاحقاً، على كلّ الشيعة. احتاج الربط في مرحلة معيّنة إلى عنصر مسيحيّ وفّره ميشال عون. قبِل ميشال عون في نهاية المطاف أن يكون مرشّح “الحزب” لرئاسة الجمهورية ونفّذ في السنوات الستّ التي أمضاها في قصر بعبدا، مع صهره جبران باسيل، كلّ المطلوب منه إيرانياً، بما في ذلك تغطية جريمة تفجير مرفأ بيروت في آب من عام 2020.

فعل ذلك عن طريق مواقف عدّة، بينها الاعتراض على أيّ تحقيق دولي في جريمة المرفأ، خشية كشف حقيقة الغرض من تخزين كميّة ضخمة من مادّة نيترات الأمونيوم في أحد عنابره طوال سنوات… وهو أن تُستخدم في الحرب على الشعب السوري!

لم يكن الاحتلال السوري للبنان سوى تعبير عن أزمة داخلية يعيشها النظام العلويّ في سوريا الذي عاني في كلّ وقت، منذ اللحظة الأولى لقيامه، عقدة الأقلّيّة الساعية إلى السيطرة على بلدٍ الأكثريّةُ فيه سنّيّة. في الواقع، جاء الخروج من لبنان تتويجاً لفشل النظام السوري على كلّ المستويات، وهو فشل عبّرت عنه تغطية بشّار الأسد لاغتيال رفيق الحريري، غير مدرك للنتائج التي ستترتّب على ذلك.

تبدو الذكرى العشرون للخروج السوري من لبنان مناسبة للتفكير جدّيّاً في أنّ أبعاد هذا الحدث لم تتبلور على أرض الواقع إلّا بعد مرور سنوات طويلة. لو لم يكن الأمر كذلك، لما حصل هذا الانقلاب الكبير الذي شهدته سوريا، وهو انقلاب متمثّل بسقوط النظام العلويّ وخروج إيران من البلد كلّه ومن لبنان أيضاً.

مَن لديه شكّ في خروج إيران من لبنان يستطيع سؤال نفسه: هل كان ممكناً انتخاب جوزف عون رئيساً للجمهوريّة لو بقي “الحزب” متحكّماً بالحياة السياسية اللبنانية؟

المنطقة تغيّرت

أكثر من أيّ وقت، توجد حاجة لبنانية إلى استيعاب ما حصل قبل عشرين عاماً. أكثر من أيّ وقت، يحتاج لبنان، من دون أيّ تسرّع، إلى فهم أنّ المنطقة تغيّرت كلّيّاً، وأنّ عليه عدم تفويت فرصة الدعم الدولي، خصوصاً الأميركي، لفكرة الحاجة إلى جدول زمني واضح كلّ الوضوح للتخلّص من سلاح “الحزب”.

لا مكان لهذا السلاح في جنوب الليطاني ولا في شماله بمقدار ما أنّ الحاجة ملحّة إلى الاقتناع بأنّ البديل من الدعم الدولي للبنان، أي للاندفاعة التي سمحت بانتخاب رئيس للجمهورية، ليس مرشّح إيران، بل هو الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. الأمر الوحيد الأكيد أنّ المبعوثة الأميركيّة مورغان أورتاغوس تقدّم النصائح الصادقة إلى لبنان ولا تريده الوصول إلى مرحلة يواجه فيها إسرائيل وحيداً كما حصل مع “حماس” في غزّة.

إقرأ أيضاً: لن تكون قضيّة علويّة في سوريا…

ثمّة درس لا مفرّ من استيعابه في ضوء سقوط المشروع الإيراني في لبنان، وهو مكمّل للمشروع العلويّ لحافظ وبشّار الأسد. يتلخّص هذا الدرس في أنّ أمام لبنان فرصة يجب عدم تركها تفلت. إنّها فرصة الاستجابة لما تطرحه مورغان أورتاغوس، بوضوح ليس بعده وضوح، بدل تركها تدير ظهرها للبنان وتركه لمصيره أمام آلة الحرب الإسرائيلية… فيكون مصيره مصير غزّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انسحاب سوريّ… أو سقوط المشروع العلويّ – الإيرانيّ انسحاب سوريّ… أو سقوط المشروع العلويّ – الإيرانيّ



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib