لبنان… وشجاعة التّفرّغ للأسئلة الصّعبة

لبنان… وشجاعة التّفرّغ للأسئلة الصّعبة!

المغرب اليوم -

لبنان… وشجاعة التّفرّغ للأسئلة الصّعبة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لا مصلحة للبنان في الدخول في مواجهة عسكرية مع سوريا تصبّ في مصلحة إيران. لا مصلحة لسوريا أيضاً في أيّ صدام من أيّ نوع مع لبنان في وقت يمرّ فيه البلدان في مرحلة انتقالية تستهدف، بين ما تستهدفه، إعادة العلاقة بينهما إلى وضع طبيعي. يسمح مثل هذا الوضع بترسيم الحدود بين البلدين بما يزيل الأوهام التي تحكّمت بالنظام العلويّ السوري الذي سقط مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من كانون الأول 2024.

كذلك، يسمح مثل هذا الوضع الطبيعي بسيطرة لبنان على حدوده وأراضيه عبر تنفيذ القرار 1701، بكلّ بنوده، بعيداً عن تطلّعات “الحزب” وبالتالي إيران. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ لبنان في غنى عن حسابات إيرانية يُستخدم فيها البلد لضرب الاستقرار في سوريا. لبنان في حاجة، اليوم قبل الغد، إلى شجاعة التفرّغ للأسئلة الصعبة التي لا يستطيع الهرب منها إلى ما لا نهاية. بين هذه الأسئلة، بل في مقدَّمها: كيف يتحقّق الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان؟ وما ثمن ذلك في ظلّ مطالب أميركية باتت معروفة إلى حدّ كبير؟

عندما طلبت “الجمهوريّة الإسلاميّة”، عبر “المرشد الأعلى” علي خامنئي، من “الحزب” التدخّل في سوريا دعماً لنظام بشّار الأسد، كان مطلوباً إثبات أنّ المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة يعرف، بل يعرف عبر لبنان وغيره، ما الذي يريده في مجال وضع أسس جديدة للعلاقات بين دول المنطقة. كان النظام الإيراني يريد جعل الرابط المذهبي أهمّ بكثير من الحدود الجغرافية، المعترف بها دولياً، التي تفصل بين الدول، أي بين لبنان الذي وقع تحت حكم الشيعية السياسية منذ اغتيال رفيق الحريري في 2005 من جهة، وبين سوريا العلويّة التي حكمها آل الأسد منذ عام 1970 من جهة أخرى. هذا على سبيل المثال لا الحصر.
لا مصلحة للبنان في الدخول في مواجهة عسكرية مع سوريا تصبّ في مصلحة إيران. لا مصلحة لسوريا أيضاً في أيّ صدام من أيّ نوع مع لبنان

تصالح سوريا مع واقع جديد

لا مفرّ من تصالح سوريا مع الواقع المتمثّل في أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” لا تستطيع هضم خسارتها للنظام العلويّ في سوريا الذي كان جسراً لا بدّ منه لإيصال السلاح والمال إلى “الحزب”. من هذا المنطلق، سيكون على سوريا التصدّي في كلّ يوم لمخطّطات إيرانية تستهدف العودة إلى دمشق.

لبنان

ليست سوريا تفصيلاً في “الهلال الشيعي” الذي هو في الحقيقة هلال فارسيّ يربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق. تعتبر سوريا حلقة أساسية في هذا الهلال. من دونها، لا هلال ولا من يحزنون، حتّى لو بقي العراق، يعيش كما حاله الآن في ظلّ حكومة محمد شيّاع السوداني، تحت السيطرة الإيرانية.

تدافع إيران، التي تشهد تصدّعاً داخلياً تدلّ عليه الحاجة إلى إعادة الاعتبار لأشخاص مثل مهدي كرّوبي وحسين أمير موسوي، عن آخر أوراقها في المنطقة. يحصل ذلك عبر الحوثيين في اليمن وعبر “الحزب” في لبنان. توجد حاجة إيرانية لإثبات أنّ “الحزب” لم ينتهِ مع نهاية النظام السوري، بل لا تزال لديه وظيفة لبنانية وأخرى سوريّة.

على “الحزب”، لأسباب إيرانية، إثبات أنّه لاعب في لبنان وأنّه لن يتخلّى عن سلاحه. عليه أيضاً إثبات أنّه لا يزال قادراً على التدخّل في سوريا. يتدخّل بطريقة أو بأخرى لمساعدة “فلول النظام السابق”، كما حصل في الساحل السوري، ويتدخّل أيضاً بغية تأكيد أنّ سوريا ما زالت ممرّاً للسلاح الذي يأتيه عبرها ولنشاطات أخرى تتعلّق بالتهريب عبر أراضيها… تهريب المخدّرات، خصوصاً الكبتاغون، إلى دول الخليج العربي والسلاح إلى الأردن… ولبنان!
على “الحزب”، لأسباب إيرانية، إثبات أنّه لاعب في لبنان وأنّه لن يتخلّى عن سلاحه

التّفاهم مع السّلطة الجديدة

من مصلحة الدولة اللبنانية التفاهم مع السلطة الجديدة في سوريا في شأن السيطرة على الحدود بين البلدين. هذا مطلب لبناني في سياق تنفيذ القرار 1701 ومطلب عربي ودولي في سياق الحرب على التهريب بكلّ أنواعه. بكلام أوضح، من مصلحة الدولة اللبنانية إدراك أنّ الوقت لا يسمح بأيّ توتّر مع الحكم السوري الجديد… حتّى لو شاءت إيران ذلك.

لا بدّ من وقف الهرب من الموضوع الأساسي، وهو سلاح “الحزب”، أي السلاح الإيراني، الذي لم يأتِ إلّا بالخراب والدمار للبنان واللبنانيين، بمن في ذلك شيعة لبنان. يبدو مثل هذا التركيز على السلاح غير الشرعي أكثر من ضروريّ في حال كان مطلوباً مواجهة الواقع مع ما يعنيه من تعاطٍ مع الاستحقاق الذي يفرضه استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي تسبّبت به حرب “إسناد غزّة”.

يوجد واقع يفرض نفسه، واقع متمثّل في أنّ هزيمةً لحقت بـ”الحزب” وبكلّ أذرع “الجمهوريّة الإسلاميّة” في المنطقة. جاءت هذه الهزيمة في وقت تمارس إسرائيل كلّ أنواع الوحشية في ظلّ غطاء أميركي كامل لبنيامين نتنياهو الذي يعتبر نفسه “رئيس الولايات المتّحدة الأميركيّة”، على حدّ تعبير أحد كبار المسؤولين العرب من الذين التقوا في الماضي رئيس الحكومة الإسرائيليّ.

إقرأ أيضاً: قيام الدولة: بالإرغام أو بالغلبة؟

كلّما استعجل لبنان البحث في مستقبل سلاح “الحزب”، سهّل ذلك عليه الاقتراب من الاستحقاق الذي يعني مستقبله أكثر من أيّ وقت. هذا الاستحقاق هو ذلك المرتبط بـ: ما العمل من أجل إنهاء الاحتلال… والثمن الذي لا مفرّ من دفعه تفادياً لتكريس هذا الاحتلال، وهو ثمن مطلوب إسرائيلياً وأميركياً في الوقت ذاته؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان… وشجاعة التّفرّغ للأسئلة الصّعبة لبنان… وشجاعة التّفرّغ للأسئلة الصّعبة



GMT 17:11 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة أوهام إيران والإخوان

GMT 17:10 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

يوم وطني في حرثا

GMT 17:08 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مفكرة القرية: القرد وعايدة

GMT 17:07 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

تعفّن الدماغ... وحبوب الديجيتال

GMT 17:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 17:03 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

أي كأس سيشرب منها كل من خامنئي وترمب؟

GMT 17:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

«كايسيد»... آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

GMT 17:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

المستفيدون من خفض سعر الفائدة

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 21:47 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بوتين يعلن عن هدنة "عيد الفصح" في أوكرانيا
المغرب اليوم - بوتين يعلن عن هدنة

GMT 19:44 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”
المغرب اليوم - فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib