السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني

المغرب اليوم -

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

أخطر ما في السودان حالياً ذلك الغياب للمجتمع المدني. لم يعد هذا المجتمع سوى متفرّج وضحيّة، بل شاهد زور، وسط قتال ذي طابع عبثي لا أفق سياسياً له. إنّه قتال بين شخصي الفريق عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش، والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوة الدعم السريع، وهو جيش آخر في السودان معترف به رسمياً، كما حال «الحشد الشعبي» في العراق.

ليس «الحشد الشعبي» سوى مجموعات ميليشيات مذهبيّة تابعة لـ«الحرس الثوري» في إيران. على الرغم من ذلك كلّه، بات لما يسمّى «الحشد» وجود شرعي في العراق بما يؤكّد الهيمنة الإيرانية على البلد. في مرحلة معيّنة احتاج الضابط عمر حسن البشير، الذي حكم السودان طوال ثلاثة عقود، إلى «حميدتي». شرّع البشير قوّة الدعم السريع بهدف واضح هو حماية نظامه الذي ما لبث أن انهار في العام 2019.

في ظلّ الحلقة المقفلة التي يدور فيها السودان، هناك نقطتان يجدر التوقف عندهما مع دخول المعارك بين الجيش النظامي وقوة الدعم السريع أسبوعها الثالث.

تتمثل النقطة الأولى في التحوّل الذي طرأ على المجتمع السوداني منذ الاستقلال في العام 1956. لا يمكن الكلام في السنة 2023 عن غياب للمجتمع المدني فحسب، بل بات يمكن التساؤل أيضاً أين تبخرّت الأحزاب السودانيّة التي كانت تطلّ برأسها بين حين وآخر مؤكّدة أن الحياة السياسيّة لم تمت نهائياً في السودان.

أمّا النقطة الثانية، فهي تتعلّق بمدى قدرة السودان على المحافظة على وحدته الترابيّة، أقلّه على ما بقي منها منذ استقلال الجنوب في العام 2011... وتحولّه إلى دولة مستقلّة. يسعى جنوب السودان إلى لعب دور الوسيط بين الذين يتقاتلون على السلطة في المناطق السودانيّة الأخرى. تكمن المشكلة في المدى الطويل في أنّ السودان في طريق التفتت. لم يكن انفصال الجنوب سوى بداية. لا يمكن عزل استقلال الجنوب عن الفشل السوداني وفشل المجتمع المدني تحديداً. هذا فشل لن تقتصر انعكاساته على السودان وحده. سيكون تشظي السودان مقدّمة لتشظي دول أخرى في المنطقة، بينها إثيوبيا.

في أكتوبر 1964، في السودان بالذات، كانت المرّة الأولى في المنطقة التي يهزم فيها المجتمع المدني العسكر ويخرجهم من السلطة وذلك بعد ست سنوات من حكم عسكري بدأ في العام 1958 بعدما سلّم المدنيون السلطة إلى الفريق إبراهيم عبود في ضوء عجز الأحزاب السياسيّة عن إدارة البلد. اضطرّ الفريق عبود وقتذاك إلى التراجع والاستقالة في مواجهة الحشود البشرية التي واجهت سلطة العسكر. فشل العسكر، ابتداء من خريف العام 1958 في إدارة السودان. في خريف 1964، نزل المواطنون إلى الشارع. لم تمض أيّام قليلة إلّا واستسلم إبراهيم عبود وعاد المدنيون إلى السلطة. عاد أيضاً التناحر بين الأحزاب. سهل ذلك الانقلاب الذي نفذه، في العام 1969، ضابط آخر اسمه جعفر نميري يتمتع بمقدار لا بأس له من الرعونة والأفكار السطحية المستوحاة من تجربة جمال عبدالناصر في مصر. سبق النميري معمّر القذافي في ليبيا. كان انقلاب النميري ورفاقه في 25 مايو 1969، فيما كان انقلاب معمّر القذافي في أوّل سبتمبر من العام نفسه.

أظهرت الأحداث الأخيرة في السودان أنّ ليس في استطاعة أي فريق الانتصار على الآخر في معركة لم يكن البرهان مستعداً لها. استخف البرهان بـ«حميدتي» الذي أثبت أنّه لا يمكن الاستخفاف به بأي شكل على الرغم من عدم امتلاك قواته لمدرعات ودبابات ولسلاح جوّ. لكنّ الحلقة المفقودة تتمثل في غياب الشعب السوداني والمجتمع المدني.

يقف المجتمع المدني مكتوفاً أمام المأساة الدائرة، علماً أنّه لعب دوراً في أواخر العام 2018 في إزاحة عمر حسن البشير الذي بقي في السلطة ثلاثين عاماً، بين 1989 و2019.

أدّى إصرار السودانيين إلى الانتهاء من حكم البشير. لم يحصل ذلك، عمليّاً، إلّا بعد تدخل العسكر، بمن في ذلك البرهان و«حميدتي». أراد العسكر توجيه رسالة فحواها أنّه يستحيل إبعادهم عن السلطة.

ليس المجتمع السوداني وحده الذي تراجع. تكفي نظرة سريعة إلى ما تشهده دول عدّة في المنطقة للتأكّد من أن العسكريين لا يصلحون لحكم الدول. يمكن أن تكون للحاكم ثقافة عسكرية وتجربة في هذا المجال. لكنّ الثقافة السياسيّة تبقى هي الأهمّ، كذلك القدرة على فهم التغيّرات الإقليمية والدولية. الثقافة العسكرية تخدم الثقافة السياسيّة في أحيان كثيرة، هذا ما تكشفه تجربة الملك عبدالله الثاني في الأردن، وتجارب أخرى، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، على سبيل المثال وليس الحصر.

يعني انكفاء المجتمع المدني السوداني وغياب أي دور له في تقرير مصير هذا البلد المهمّ أن السودان مقبل على تطورات في غاية الخطورة. ستكون لهذه التطورات انعكاساتها على صعيد البلد نفسه وعلى صعيد المنطقة. يعود ذلك، قبل أي شيء آخر إلى موقع السودان الذي يمرّ فيه نهر النيل في طريقه إلى مصر. السودان امتداد مباشر لمصر. كذلك، يعتبر السودان دولة مهمّة على البحر الأحمر، دولة لديها حدود مع دول أفريقية عدة بينها جمهورية جنوب السودان وليبيا وتشاد وإثيوبيا وإريتريا وأفريقيا الوسطى...

ما الذي سيحدث إذا انتصر البرهان وماذا إذا انتصر «حميدتي» وماذا إذا عاد عمر حسن البشير وضباطه إلى السلطة في ظلّ أنباء عن أمور غريبة تحصل في مكان احتجاز هؤلاء الضباط؟ الجواب، بكلّ بساطة، أنّ السودان يبدو أمام مستقبل مجهول في غياب مجتمع مدني وأحزاب عاجزة عن تحمّل مسؤولياتها... وجوع ليس بعده جوع إلى السلطة لدى العسكر.

تبدو أزمة السودان أبعد من صراع على السلطة بين ضابطين وقوتين عسكريتين. يبدو أيضاً أنّ السنوات الثلاثين التي أمضاها عمر حسن البشير في السلطة، أدت إلى توجيه ضربة قاضية للمجتمع المدني والأحزاب التقليدية... ضربة ليس معروفاً هل تستفيق منها يوماً ؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib