جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان

جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان

المغرب اليوم -

جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

قد تكون الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجري اليوم استثنائية بكل المقاييس، بداية من ظروفها الخارجية الحرجة؛ حيث يُفضل صناع القرار الإيراني رئيساً متشدداً يتناسب مع مرحلة إقليمية ودولية تشي بأزمات كبرى لن تكون إيران في الداخل - وليس فقط مناطق نفوذها - بمنأى عن تداعياتها. أما داخلياً فيحتاج النظام إلى رفع مستوى المشاركة الشعبية في الانتخابات لإثبات شرعيته الرسمية ومشروعيته الشعبية من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن خوض المنافسة، أو حصرها في شخوص معينة، وفي كيفية اختيارهم يعزز الاعتقاد بأن صناع القرار الإيراني هندسوا الانتخابات وفقاً لآليات تضمن وصول واحد من مرشحيهم المفضلين في هذه المرحلة، حتى يضمنوا الانسجام الكامل ما بين مؤسسات الدولة والنظام، وألا تكون هناك عودة إلى صراع التيارين (الإصلاحي والمحافظ).

في الجعبة المحافظة هناك مرشحان يتنافسان على أصوات كتلة ناخبة مؤيدة للنظام والثورة، لا يتجاوز حجمها الشعبي 20 في المائة من الإيرانيين، وهي تمثل رافعة عقائدية ونفعية للأقلية الحاكمة في إيران، ولكن هذه القوة الصلبة ذات الطبيعة العقائدية الواحدة تواجه انقساماً حاداً في استقطاباتها نتيجة الصراع الواضح بين مراكز القوة الراديكالية المتنافسة على مستقبل السلطة في إيران، والتي يمكن توصيفها بأنها صراع ما بين العسكر الراديكالي (الحرس والباسيج) ومرشحهما الجنرال السابق قاليباف، وبين المدنيين الولائيين الأصوليين المدعومين من المؤسسة الدينية الرسمية، ومرشحهم سعيد جليلي.

الصراع ما بين العسكر، أي الحرس والمؤسسة الدينية العقائدية إن صح التعبير، على السلطة في هذه الظروف له أسبابه وتداعياته، فالواضح أن الرئيس العتيد لن يكون رجل دين، ما يعني أن الرئيس المقبل لن يكون من الأسماء المرشحة لمنصب المرشد، ولكنه سيكون رأس الهرم في المرحلة الانتقالية لاختيار أو تأييد المرشد الجديد، وهذا ما سوف يمنحه لمدة طويلة قوة إضافية في إدارة الدولة والسلطة، تجعله الشخص الأول في إيران.

لذلك هناك حذر شديد من قبل المدنيين العقائديين (التيار الأصولي) من عسكرة الدولة، بحال فوز المرشح الأقرب إلى الحرس الثوري الجنرال السابق ورئيس البرلمان الحالي قاليباف، وهذا يعني مزيداً من تحكم الجنرالات بمفاصل الدولة والنظام، وإحكاماً كاملاً على المرحلة الانتقالية بسبب سيطرتهم شبه الكاملة على المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، واحتمال ترؤسهم السلطة التنفيذية للمرة الأولى منذ 1979.

في المقابل، يتحرك داعمو المرشح الأصولي سعيد جليلي في إطار الحفاظ على جوهر النظام الإسلامي وحماية المنصب الأعلى في إيران في المرحلة الانتقالية من تجاذبات العسكر وطموحاتهم في السيطرة عليه أو إضعاف دوره لصالح رئيس من قبلهم، وهذا يفتح باب التكهنات المستقبلية حول شكل النظام مستقبلاً نتيجة الصراعات داخل البيت الواحد أولاً، وفي ظل قطيعة شبه كاملة ما بين النظام الثوري الأصولي وأغلبية الإيرانيين التي برزت في انتفاضة الحجاب سنة 2022، وفي مقاطعة الانتخابات البرلمانية 2024.

ولكن ما بين جليلي وقاليباف يبرز من كان خارج الحسابات ليشكل تهديداً حقيقياً لكل حسابات صناع القرار، ويضع هندستهم الانتخابية أمام احتمال حقيقي بالفشل، ففي آخر الإحصاءات يتقدم المرشح الإصلاحي على كل منافسيه، وفي الأيام الأخيرة حظي بتأييد زعماء التيارين الإصلاحي والمعتدل، الأمر الذي قد يدفع الكتلة الناخبة الإصلاحية الكبيرة بالعودة عن قرار مقاطعتها، الأمر الذي دفع المرشد نفسه في آخر خطاب له إلى التلميح بأن أي رئيس مقبل عليه أن يكون منسجماً مع شعارات الثورة ومبادئها، في رسالة واضحة إلى المرشح مسعود بزشكيان. فالواضح أن قوى السلطة الحاكمة غير قادرة على حسم الانتخابات من الدورة الأولى، ما قد يؤكد تراجعاً في شعبيتها، فهي قد تكون عاجزة عن الإجماع خلف مرشحها الذي سينتقل إلى الدورة الثانية، ما يفتح احتمال حدوث مفاجأة كبرى في تكرار لسيناريو محمد خاتمي وعلي ناطق نوري سنة 1997.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib