عودة ظريف إيران تفاوض

عودة ظريف... إيران تفاوض

المغرب اليوم -

عودة ظريف إيران تفاوض

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

لم يتأخر وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف في العودة عن استقالته، ولم يتأخر صاحب السلطة (أي المُرشد) بإفساح الطريق أمامه لكي يمارس حرفته التاريخية دبلوماسية التفاوض، فعودة ظريف إلى منصبه ليست محصورة فقط بمراعاة التوازنات الداخلية (القومية والطائفية) التي طالب بها عند انضمامه إلى فريق بزشكيان الحكومي، بل على الأرجح أنها محاولة لإعادة التوازن ما بين مراكز صنع القرار، خصوصاً في السياسات الخارجية، حيث إن التباين واضح ما بين مراكز القوة التي تؤثر على هذه الاستراتيجية؛ إذ إن قرار عودته، وتغريدة المرشد عن التفاوض مع العدو، رسالة داخلية صريحة بأن رأس الهرم في قرار الدولة والثورة والنظام يُفضل التوازن ما بين دبلوماسية التفاوض ودبلوماسية الميدان.

عملياً، تختلف ظروف حكومة بزشكيان الداخلية والخارجية عن ظروف حكومة سلفيه، الراحل إبراهيم رئيسي والشيخ حسن روحاني، كما أن موقع وزير الخارجية الأسبق جواد ظريف ودوره المُرتقب، يختلفان عن موقعه ودوره السابقين، في حكومة حليفه الرئيس الأسبق روحاني، وأيضاً ظروف بيت الحكم الداخلية تختلف عن السابق كلياً، بعدما أثبتت التجربة سريعاً أنه من المستحيل هندسة السلطة والمجتمع في إيران، فحكومة الطبيعة الواحدة في عهد رئيسي كانت سلبياتها أكثر من إيجابياتها، وأدت إلى أمرين، الأول ظهور الخلافات والانقسامات داخل المُعسكر الواحد، أي ما بين العسكر وبين المدنيين العقائديين إلى العلن، وتكرّس هذا الانقسام والتنافس في نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أما الآخر ففشل المعسكر العقائدي في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية.

هذا الانقسام إضافة إلى الفشل سهّلا على المُرشح الإصلاحي نوعاً ما الفوز بالسباق الرئاسي، حيث لم تزل القاعدة الانتخابية الإصلاحية هي الأقوى، كما أن هناك ميلاً إلى الاعتقاد بأن بيت الحكم كان له دور في تسهيل ترشح بزشكيان، لأكثر من حاجة في نفس يعقوب؛ الأولى ضرورة إعادة ترتيب المعسكر المحافظ وتوازناته، أما الثانية فإن رئيساً إصلاحياً يمكنه احتواء الشارع الغاضب من السياسات الداخلية والخارجية، أما الثالثة والتي لم تتبلور بسرعة نتيجة الشد والجذب ما بين بيت المرشد والتيار العقائدي، فهي كيفية التعاطي مع تداعيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخصوصاً أن احتمال المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وارد جداً، وهذا ما يتجنبه النظام منذ تأسيسه؛ لذلك خيار تعويم ظريف يُشكل جزءاً من مخرج ضروري في مرحلة انتقالية متوترة داخلياً وخارجياً.

بإعادة تعويم ظريف، فتحت طهران باب التفاوض على مصراعيه، وأقرّ النظام بأن دبلوماسية الميدان وصلت إلى حافة الانفجار، وبأن البراغماتية العقائدية ضرورة وطنية وثورية، وهي تُجنّب إيران عواقب كبيرة في حال تُرك الأمر للميدان (أي «فيلق القدس») تقرير مصير السياسة الخارجية، فما بين قاآني وظريف، يبدو أن المرشد لديه أولوية ظريف أيضاً في هذه المرحلة.

عودة ظريف تؤكد محدودية الرد الانتقامي على اغتيال إسماعيل هنية، والذي قد يكون مبهماً أو مشابهاً لرد «حزب الله» على اغتيال فؤاد شكر، وضبط الأذرع ومنعها من القيام بأي خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى حرب لا تريدها مطلقاً. وفي عمقها هي استعدادات للتعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت، باللغة التي ترغب فيها واشنطن ويتقنها ظريف، لكن هذه المرة ليست الملف النووي فقط، بل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مروراً بالنفوذ الإقليمي.

وعليه، يمثل ظريف مزاجاً شعبياً ونخبوياً داخل المجتمع الإيراني غير المعني مطلقاً بفكرة العداء للغرب، والرافض كلفة الحفاظ على خرائط النفوذ الخارجي، وله رأيه المُختلف للقضية الفلسطينية؛ وهذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن ما بين دور قاآني ودور ظريف باتت خيارات طهران صعبة، فهل سينجح ظريف في لعب دوره والحفاظ على دور قاآني في آن واحد؟!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة ظريف إيران تفاوض عودة ظريف إيران تفاوض



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 09:44 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
المغرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 09:26 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

"الجاكيت القطني" الخيار الأمثل لربيع وصيف 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib