أول يوم موالاة

أول يوم موالاة

المغرب اليوم -

أول يوم موالاة

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

رفع صديقي السياسي صوته مقاطعاً: «كيف يمكن أن تتحدث بعد الآن كأنك من المعارضة، وأنت ورفاقك المعارضون سابقاً أصبحتم أصدقاء السلطة وحلفاءها؟ كأنكم بحاجة إلى مرحلة انتقالية من المعارضة إلى الموالاة، وهذا يتطلب قاموساً لغوياً جديداً ومفردات لم تستخدموها منذ عقود. فقد انقلب المشهد عليكم وأصبحتم الآن في موقع الدفاع عن السلطة من جهة، ومن جهة أخرى في موقع الاتهام من معارضة جديدة. ووفقاً لأدبياتكم وأخلاقياتكم السياسية، موقعكم الجديد صعب ومربك؛ فأنتم ملزمون بالدفاع عن الدولة ومراقبة السلطة. فالموالاة الآن ليست دفاعاً عن السلطة ومكاسبها، بل هي مسؤولية أخلاقية في تصويبها وتصحيحها».

أنهى صديقي حديثه وتوصياته وتركني في ارتباك وحيرة. كيف لفرد منذ أن أنهى دراسته الجامعية كان معارضاً، وهذا الاعتراض كان جزءاً من تكوينه الثقافي والاجتماعي والمعرفي – والأصعب إذا كان اعتراضه وراثياً، أي في جيناته العائلية – أن يصبح بين ليلة وضحاها من الموالاة؟

كان يوم الاثنين، الثالث عشر من الشهر الحالي، تاريخاً تأسيسياً، ليس فقط لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان الحديث أو المحدث، وليس إعلاناً لبدء نهاية سلطة ما بعد الحرب الأهلية، بل هو إعادة تعريف للسلطة في كيفية استخدامها من أفراد أو جماعات أو أحزاب، والموالاة في كيفية الدفاع المشروع، وليس موالاة الأفراد. فالاثنان معاً، السلطة والموالاة، هما قوتان تمنحان لفرد أو جماعة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع.

في لبنان، صعوبة الانتقال من المعارضة إلى الموالاة تكمن في غياب نموذج يُحتذى به للموالاة، نتيجة عقود من علاقة الزبائنية المبنية على الولاء الأعمى والطاعة والاستنسابية والدفاع عن المصالح الخاصة فقط. فيما تفرض علينا الموالاة أن يكون الولاء للدولة، لمصلحتها العامة، وإلزامها بالعدالة والنزاهة والأمن لكل مواطنيها، موالين كانوا أو معارضين. وهذا ما يمكن وصفه بالمسؤولية الأخلاقية في حماية مسار صعب وطويل من أجل حماية السلطة من خصومها ومن نفسها أيضاً.

ليس سراً أن للموالاة منافع، وسنستمتع بها. لم نعد حذرين عند دخولنا مطار بيروت من عرقلة أمنية أو مضايقة. لم تعد أجهزة الدولة في موقع الخصم، حتى المعادي. وعندما نعبّر عن رأينا، حتى لو كان ناقداً لأداء السلطة، لم نعد قلقين من تهديدات زعيم أو مسؤول فاسد، أو من تدبير ملفات أو تهديدات أو ابتزازات. من خطاب القسم إلى خطاب التكليف، دور الدولة واضح وحرية الرأي مقدسة، وقداسة الأفراد لا تُفرض بل تُكتسب بالسلوك والإنجازات. وهذا يعني أننا لم ننتقل من المعارضة نهائياً، ولن ننغمس في الموالاة كلياً.

عودٌ على بدء، صديقي لم يلتفت إلى غصة لم تفارقنا. رفاق النضال الكبار، المعلمون الأوائل، عاشوا لعقود وهم ليسوا فقط معارضين، بل محاصرون، ومطاردون في لبنان، أو منفيون في الخارج، أو شهداء. ومنهم من رحل أو قُتل قبل أن يرى فرحتين: رحيل بشار الأسد وتكليف نواف سلام.

وعليه، في لغة تعريف الموالاة، ينحصر معناها في المحبة والدعم والنصرة، أي الوقوف إلى جانب المشروع، وليس الولاء لحزب أو شخص. فما أصعب الموالاة في قاموسنا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول يوم موالاة أول يوم موالاة



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib