مسيّرة «الهدهد» وهوكستين

مسيّرة «الهدهد» وهوكستين

المغرب اليوم -

مسيّرة «الهدهد» وهوكستين

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

بين «الهدهد»، (المسيّرة التابعة لـ«حزب الله»)، التي حلّقت في سماء فلسطين المحتلة وعادت ومعها ما رأت عيناها الإلكترونيتان من صور التقطتاها لمنشآت استراتيجية إسرائيلية، خصوصاً في مدينة حيفا ومينائها، إضافة إلى مصانع ومنشآت عسكرية مهمة، وهدهد البيت الأبيض، أي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للبنان آموس هوكستين الذي حلّق سريعاً ما بين تل أبيب وبيروت منذ أيام ونقل ما سمعه بأذنيه من الجانب الإسرائيلي للجانب اللبناني، الذي بدوره أسمعه موقفاً موازياً للموقف الذي جاء به أو من أجله، تبدو الخيارات ضاقت على الطرفين.

دبلوماسياً وفي منطق حل النزاعات لا يمكن الجزم بأن زيارة هوكستين هي الأخيرة إلى المنطقة، وبأن أبواب الحلول السياسية بين إسرائيل ولبنان قد أُغلقت، ولكن العارفين بكواليس هدهد البيت الأبيض هوكستين يدركون أن تحليقه الأخير من الأجواء الإسرائيلية إلى اللبنانية أشبه بتحليق طائر عابر في طريق العودة إلى بلده الأم بعد هجرة مؤقتة بحثاً عن الأمن والغذاء، لكنه فشل في توفيرهما، فعاد بانتظار انقضاء صيف حار أو شتاء قارس؛ فأجواء حوض البحر المتوسط من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لم تعد معتدلة كما كان هوكستين يصفها في هجراته السابقة إليه.

ففي حديثه مع المسؤولين اللبنانيين ألمح هوكستين بأن زيارته أشبه بـ«الفرصة الأخيرة» للحل، وبأن الوقت ينفد إذا لم يتخذ الطرف اللبناني خطوات سريعة قبل نهاية الأعمال العسكرية في مدينة رفح والتي برأيه قد تستغرق أسابيع عدة فقط؛ لذلك شدد في مباحثاته في بيروت على ضرورة أن الخطوة الضرورية من أجل الحل تبدأ بفك الارتباط ما بين جبهة غزة وجبهة جنوب لبنان، وأن التمسك بهذا الارتباط يحول المواجهة من جبهة محدودة في الجنوب إلى مواجهة مفتوحة مع لبنان.

ولكن قبل وصول هوكستين إلى بيروت قادماً من تل أبيب كان هدهد «حزب الله» قد عاد من مهمته حاملاً ما يكفي من صور وإحداثيات لمواقع عسكرية واستراتيجية إسرائيلية، ليضع أمام هدهد البيت الأبيض معادلة جديدة أن ما رأيناه ونعرفه يعادل ما سمعته وتنقله، وأن «حزب الله» وخلفه طهران مستعدان للاحتمالات كافة؛ فطهران التي التزمت أمام واشنطن مبكراً بعدم توسيع جبهة الجنوب والتمسك بقواعد الاشتباك، ستخرج من التزامها إذا قررت تل أبيب توسيع الجبهة أو الانتقال إلى حرب مفتوحة وشاملة، وأن «حزب الله» لن يكون وحيداً في هذه المواجهة.

تحذير هوكستين كان أقرب إلى التهديد، اختياره في نهاية جولته قراءة نص مكتوب أمام الصحافة يعني دبلوماسياً أنه نقل مطلباً ولم يعرض أفكاراً وهو ينتظر الرد؛ لذلك فإن حديثه عن فرصة أخيرة لا ينفصل عن سلبية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في التعاطي مع خطة الرئيس الأميركي جو بايدن للحل في غزة، وتطرقه إلى عامل الوقت لا يتصل فقط بمعركة رفح، بل أيضاً بقرب احتدام المنافسة الانتخابية في الولايات المتحدة واقتراب انتقال أولويات الإدارة الأميركية الحالية من الشأن الخارجي إلى الشأن الداخلي، وهذا يتصل بمراهنة نتنياهو على حرمان هذه الإدارة من تحقيق منجز خارجي في غزة أو إقليمي مع إيران يرتبط بملفها النووي وباستقرار الشرق الأوسط ينعكس إيجابياً في المنافسة الانتخابية على الرئاسة الأميركية.

وعليه، فإن وضوح محتوى زيارة «الهدهدين»، يشي بأن الاحتقان على طرفي الحدود وفي الإقليم قد لا ينتهي سلمياً، خصوصاً أنهما يراهنان على قدراتهما في تحقيق المكاسب أو في منع الطرف الآخر من تحقيق مكاسبه، فـ«حزب الله» الإقليمي هدد قبرص ومستعد لدخول الجليل، في حين تل أبيب تهدد بحرب إقليمية ومستعدة لتدمير لبنان، وهذا يعني ان هجرة هوكستين إلى موطنه الأصلي شبه حتمية بعد أن باتت العودة إلى مناخ 6 أكتوبر 2023 وما قبله تفاوضياً شبه مستحيلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيّرة «الهدهد» وهوكستين مسيّرة «الهدهد» وهوكستين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib